يمتاز الوضع البيئي في الجزائر بالتدهور نتيجة عدم التحكم في تسيير النفايات الخطيرة والمواد الكيماوية السامة، فضلا عن الضغط الديمغرافي الشديد والمشاكل الحضرية التي تسبّبت في تعقيدات صحية كبيرة للمواطنين، وعلى رأسها انتشار أمراض الحساسية بمختلف أنواعها والتنفس والربو. وقد دقّ الأخصائيون في العديد من المناسبات ناقوس الخطر لهذه المشكلة التي لا تعد بالجديدة، وإنما الجديد فيها هو زيادة حدتها كما وكيفا وتأثيراتها السلبية على صحة المواطنين، حيث عمدت على البحث في سبل الحد من هذه الظاهرة التي تتعرض لها البيئة نتيجة الثورة الصناعية والتقدم التكنولوجي الراهن. وأفادت مصادر طبية في تصريح ل “الشعب” أن التدهور البيئي في الجزائر يتسبب سنويا في وفاة العديد من الأطفال دون سن الخامسة، وهو ما يجعل البيئة من أهم العوامل المتسببة في حالات الوفاة بالأمراض التنفسية، فتلوث الهواء والمياه ونقص التغذية السلمية والأخطار الايكولوجية جميعها عوامل تشكل أخطار بيئية بالنسبة للأطفال والمسنين بصفة خاصة والراشدين بصفة عامة. وأفاد ذات المصدر الطبي أن تلوث المياه ينجم عنه أيضا العديد من حالات الوفاة في وسط الأطفال نتيجة إصابتهم بمرض الإسهال، دون أن ننسى مرض الملاريا التي بات يعرف تفاقما وانتشارا نتيجة ضياع التنوع البيولوجي. وينصح الأطباء في هذا الإطار، باتخاذ الاحتياطات الكفيلة بالإصابة بهذه الأمراض، على غرار التنظيف البسيط للمياه وتطهيرها في البيت للتقليل من الإصابة بأمراض الإسهال بتكلفة منخفضة واستخدام الناموسيات المعالجة بمبيدات الحشرات التي أثبتت فعالياتها في إنقاذ الأرواح وخاصة الأطفال منهم. ويعد التحسيس حسب ذات المصدر من أهم الحلول المساعدة في الحفاظ على البيئة في مجتمعنا وحماية صحتنا من مختلف الأخطار الصحية من خلال معرفتنا لأهم المخاطر البيئية المتواجدة في مجتمعنا ومحاولة التعامل معها بذكاء من خلال اتخاذ الإجراءات الملائمة للحد من الأمراض أو منعها، مع ضرورة نشر الوعي البيئي واحترام تطبيق القوانين المشروعة ومعاقبة كل من يتجاوزها وإنشاء نظام صارم للرقابة والعمل على نقل المصانع إلى المناطق الصناعية وإخراجها من التجمعات السكنية الكبيرة، وذلك لإتاحة العيش السليم بعيدا عن الملوثات. وكذلك احترام سبل التخلص من القمامة والنفايات بعيدا عن التجمعات السكانية، في إطار المطالبة ببيئة نظيفة دون أن ننسى ضرورة تفعيل التشريعات القانونية الخاصة بحماية البيئة ومتابعة دعم المشاريع المقامة على أسس بيئية سليمة. ونذكر في هذا الإطار أن السلطات عمدت إلى سن قوانين تشريعة لحماية البيئة وتفادي وقوع كوارث بيئية، من خلال حماية الغابات واعتماد قانون حماية الساحل ومكافحة التصحر باعتمادها على إقامة السد الأخضر، وكذا العمل على حماية أنواع النباتات التي تلعب دورا فعالا في الحفاظ على استقرار التربة وتفادي مشكل انجرافها، وكذا منع مزاولة النشاطات التي تؤثر سلبا على البيئة. ويبقي تجسيد النظام القانوني لحماية البيئة وتنفيذه على أرض الواقع يتطلب وجود جهاز تنفيذي فعال يعمل في كنف الشرعية ويسهر على التطبيق السليم للقانون، وفيما يخص الهيئات الإدارية المكلفة بحماية البيئة وجب التنويه، أن هناك العديد منها سواء كانت مركزية تهتم بالقضايا ذات البعد الوطني، أو تلك المتواجدة على المستوى المحلي الإقليمي