إنه الحدث البارز في المشهد السياسي بانطلاق الحملة الانتخابية اليوم حيث يسعى خلالها كل مترشح الترويج لبرنامجه بأقوى الخيارات لاستمالة المواطن وإقناعه ليس فقط بالتصويت عليه بل المشاركة في استحقاق رئاسي مصيري لجزائر تواقة لترسيخ الديمقراطية التشاركية وتعزيز دولة المؤسسات وتقوية الثقة بين الحاكم والمحكوم قولا وممارسة. الحدث الذي حظي بالمتابعة الدقيقة وتناوله أهل الاختصاص بالتحليل ، يتمثل في توقيع ميثاق أخلاقيات الممارسات الانتخابية من قبل الأطراف الثلاثة في اللعبة السياسية، السلطة الوطنية، المترشحين ووسائل إعلامية بمختلف توجهاتها وأنواعها تقليدية ورقمية. يعد ميثاق الأخلاقيات المعتمد لأول مرة في الانتخابات الرئاسية محطة انطلاق نحو ترسيخ الممارسة الانتخابية الشفافة النزيهة والتي يلتزم بموجبها طرفا السلطة المستقلة والإعلام بالوقوف على مسافة واحدة من المترشحين لموعد 12 ديسمبر القادم خلال حملة انتخابية تتباين فيها البرامج، تتباعد الأولويات وتختلف الطرق وزوايا البناء لكن تتوافق حول غاية واحدة مقدسة لا تقبل المضاربة ولا تسمح بالمتاجرة والتأويل: وضع الجزائر فوق كل اعتبار. يتضح هذا من خلال تصريحات المترشحين الذين يرى كل واحد منهم، أن الجزائر أحق في هذا الظرف الاستثنائي بأن تحظى بالاهتمام والتضحية من خلال برامج انتخابية تتنافس في حملتها مدة 21 يوما بلا انقطاع على ما هو أنسب للبناء الوطني والممارسة الديمقراطية التي تجعل من الرأي والرأي المعاكس قاعدة مقدسة تتبع، ومن أحكام القانون مبدأ احترام لا يسمح بالقفز عليه والتمادي في إطلاق العنان لتصريحات مضللة تسيء للآخر، تطبيقا للنظرية الميكيافيلية «الغاية تبرر الوسيلة». في نفس الاتجاه، فرض الإعلام نفسه طرفا وشريكا في العملية الانتخابية حيث أدمج في مسار التحول الديمقراطي السلس وفق رؤية دستورية تشكل المدخل الآمن والمخرج الهام لورشات الإصلاح والتغيير مستقبلا التي يتكفل بها الرئيس المنتخب في موعد ديسمبر 2019. هذا الإعلام التعددي الذي وقع مديروه وممثلوه ميثاق أخلاقيات الممارسات الانتخابية، ينظر إليه شريكا كاملا في الاستحقاق الرئاسي ودوره مهم يحسب له الحساب في مرافقة العمل السياسي ليس فقط من خلال التحلي بالإنصاف في تغطية الحدث الانتخابي وتجاوز أي ممارسة تفضيلية لمترشح على آخر، بل تنوير الرأي العام وتحسيسه بجدوى المشاركة في الاقتراع الذي يحمل الآمال العالقة في ترجمة مطالب وانشغالات مسيرات مواطنين مضرب المثل في السلمية والتحلي بأقصى درجات الصبر في بناء جزائر جديدة مثلما حلم بها رواد التحرر وأوصوا الأجيال بالحفاظ عليها وصونها أمانة وواجبا وطنيا على الدوام.