حدث ما كان منتظرا ومحل تطلّع، كُتبَت بشأنه مقالات تحليلية وتداوله أهل الاختصاص عبر فضائيات وعالجه متتبعو تحضيرات الاستحقاق الرئاسي، الذي تفصلنا أيام معدودات عن حملته الانتخابية، التي يتنافس خلالها المترشحون الخمسة، طيلة 21 يوما، على استمالة المواطنين وإقناعهم بالتصويت للبرنامج، يرى كل واحد منهم أنه يقدم أفضل الخيارات وأقوى التطمينات في إقامة الجزائر الجديدة التواقة لاستعادة مجدها وموقعها اللائقين بها. حدث ما وعدت والتزمت به السلطة الوطنية، لجعل موعد 12 ديسمبر القادم منطلقا آمنا لترجمة مطالب الجزائريين الذين هتفوا بملء أفواههم من أجل التغيير الجذري للنظام السياسي، بآخر نابع من صلب الشعب الجزائري، يسمح بتجسيد إرادتهم في اختيار من يرونه الأنسب لإدارة شؤونهم ومرافقتهم والتكفل بتطلعاتهم وانشغالاتهم. في هذا الإطار، يدرج «ميثاق أخلاقيات» الممارسة الانتخابية الذي أعدته السلطة الوطنية، ستوقع عليه رفقة المترشحين ووسائل الإعلام هذا السبت، في سابقة أولى بالجزائر، غايتها التزام الأطراف الثلاثة باحترام المبادئ الديمقراطية، نزاهتها، شفافيتها والسلوك الأخلاقي المنتظر الواجب إعلاؤه فوق كل شيء لا يسمح بأية فجوة وانزلاق، ولا يقبل بأية مغامرة من شأنها المساس بالاستحقاق الرئاسي الذي يتجنّد الجميع من أجل أن ينظم في أحسن الظروف وأكثرها استقامة ومصداقية. يجب الاعتراف، بأن هذا المسعى الذي اعتمد، لأول مرة، في بلادنا وحظي بالاهتمام البالغ، وجد تجاوبا من أطراف اللّعبة السياسية، الذين تعهدوا باحترام مضمون الدستور وقبلوا بالحل المطروح من أسمى القوانين لأزمة الجزائر المعقدة، يحمل إضافة للتطمينات والضمانات المقدمة لاستمالة المواطن وإشراكه في العملية الانتخابية، باعتبارها تتعلق بمصير وطن ومستقبل أمة. من هنا تفهم تصريحات المترشحين المردّدة على المسامع ومواقفهم المعلن عنها جهرا، بأنهم يلتزمون، عن قناعة، بمبدإ أخلقة العمل السياسي في المعترك الانتخابي القادم والتمسك بالديمقراطية التعددية، التداول على السلطة، استجابة لاختيار الشعب الحر وطلباته المرفوعة في مسيرات سلمية، اعتبرت أمانة في الأعناق، ودفتر شروط يلتزم به تطبيقا للقاعدة المقدسة المتمثلة في التمسك بالرأي والرأي المعارض، الذي تستدعيه الممارسة الديمقراطية السليمة، ويفرضه التحول السياسي على حد المثل القائل «قد أختلف معك في الرأي، لكن أدفع حياتي ثمنا لحقك في التعبير». وتكتمل الصورة باندماج وسائل الإعلام بمختلف مكوناتها وتشعباتها، تقليدية ورقمية، في الصيرورة، وتعهدها بتجاوز أية معاملة تفضيلية لأي مترشح، ضمانا لتغطية شاملة، متوازنة طيلة مسار الاقتراع الرئاسي، الذي تتباين خلاله المناهج والطرق وتتوافق على غاية واحدة: إقامة جزائر جديدة... الحلم والتطلّع.