شرح ابوجرة سلطاني رئيس حركة مجتمع السلم «حمس» الخارطة السياسية في الجزائر التي تعرف إعادة تشكيل على ضوء إصلاحات تخوضها الجزائر بقرار سيادي غير قابل للإملاء الخارجي والضغط. وأكد سلطاني في ندوة نقاش بمركز «الشعب» للدراسات الاستراتيجية على الكثير من المواقف الجريئة التي تعطي الانطباع للمتتبع للشأن الحزبي أن «حمس» تخطو خطوات أخرى نحو الابتعاد عن الشريكين في التحالف الرئاسي وتمهد الأرضية ليس فقط إلى الاستحقاق القادم في الربيع لكن إلى اعتلاء السلطة. وكشف سلطاني الذي اظهر صراحة الوجه المعارض الراديكالي عن هذا الطموح في رده على الأسئلة انه يريد اعتلاء الحكم أسوة بممثلي الأحزاب المتواجدين في الساحة والمنتظرين الاعتماد. وقال بكلام دبلوماسي هادئ لكنه يحمل اللوم الشديد على من يشكك في هذا التوجه انه واضع للسلطة أمام الأعين ومطلبه شرعي طالما انه قرر عدم الترشح لعهدة ثالثة فاسحا المجال للآخرين في الصف والركب لمواصلة المشوار مجسدا ما رافع من اجله سنوات وحقب حول مبدأ التداول ورفض احتكار القرار والخيار. شدد على هذا الطرح سلطاني طوال المداخلة في الندوة الفكرية التي جاءت في ختام نشاط مركز «الشعب» للدراسات الإستراتيجية راجعا أزمة الجزائر السياسية المستمرة رغم محاولات العلاج والحل إلى هذه المسالة حيث تطغى الأبوية على كل ممارسة ووظيفة. وتفرض من الطبقة الحاكمة باسم الشرعية التاريخية والثورية متسببة في اختلالات بأنظمة الحكم وانهيارات لا زالات تداعياتها قائمة تترجمه وضعية النفور من الانتخابات ومقاطعة الممارسة الحزبية من القاعدة التي لا ترى نفسها ممثلة في البرامج ولا تكفلا للانشغالات. وحسب سلطاني الذي ذهب إلى الأبعد في تحليله للوضع السياسي والممارسة التعددية وفضل التخندق في خانة المعارضة التي تطالب بالتغيير الجذري ولا تتوقف عن المسكنات والتهدئة فان هذه الوضعية المختلة نتاج طبيعي لسياسة وطنية عاكست الواقع المتحول وتوازنت معه وتصادمت لم تأخذ بمضمونه ودروسه وهذا بفضل قيادة تدير نظام الحكم من زاوية تتوهم أنها الأنسب والأسلم. ولا تأخذ في الحسبان مكنونات المجتمع ومتطلبات الأمة وتحديات الظرف. لهذا السبب ظلت الأزمة السياسية في الجزائر تراوح مكانها. ولم تتخذ التدابير الكفيلة بعلاجها عبر تدابير جذرية تفتح المجال للتعددية الحقة التي تتنافس فيها الأحزاب على ما هو أفيد وأنجع فارضة برامج تتكفل بانشغالات المواطنين والشباب دون الاكتفاء بالنظرة المنحازة التي تشطب هذه القوى من قاعدة المعادلة وتبقيها على اللاتوازن الأبدي. ولم تحدث التغيير المنتظر حسب سلطاني يتماشى والتطلع الواجب رغم الاهتزازات الارتدادية وثوران أكتوبر وغضب الفصول الأخرى. ولا زالت قيادات سياسية وفية لنظرتها الاقصائية غير السامحة بفتح الباب الواسع للشباب وتركه وشانه يمارس السياسة بأبعد مداها ومستواها دون حواجز وانتقائية وادعاء إن هذه الشريحة قاصرة في تولية الأمر وإدارة الشأن. لم يحدث التغيير ببقاء الخطاب المحتكر للممارسة السياسية السائرة وفق قاعدة «أنا موجود.. أنا أسير» والتمادي في النظر إلى الشباب مجرد وعاء انتخابي يتذكر وقت الاستحقاق. وينسى على مدار العام. حتى الأحزاب التي ترفع شعار التغيير والإصلاحات لم تكلف نفسها عناء تطهير صفها وترتيب أمورها على أساس تطبيق مبدأ التداول على الحكم ضاربة المثال السلبي مبقية على حالة الانسداد أو الانفجار في مختلف المواقع بدليل أن الكثير من قادتها غارقة في السن رافضة التقاسم الوظيفي معتقدة أنها أكثر قوة في إدارة التشكيلات السياسية فارضة جماعة «بني وي وي» حولها مقيمة حواجز مانعة للرأي النقيض الحر. سلطاني في تشريحه للمشهد السياسي بالجزائر أعطى صورة أخرى غير مألوفة للحضور باعتماد الفكر الراديكالي الذي يظهر انه احدث قطيعة مع الممارسة السابقة. وبهذا الطرح الجريء أعطى الانطباع انه يسير عكس ما دأب عليه ممهدا الأرضية لحملة انتخابية قبل الأوان. واستمد طرحه في التشديد على خطاب التغيير السياسي الجذري من قناعة ما يجري من حولنا من حراك عربي أفضى إلى صعود تيارات إسلامية لكن بخطاب مهادن متجاوب مع مكونات واقع ومتطلبات مشهد وخارطة يعاد تشكيلها. من خلال هذا الطرح كشف سلطاني عن عزيمة في الصعود إلى أعلى قمة الهرم السياسي. وأعطى صورة حية ولو لم يفصح عنها جهرا انه يمثل القوى الحية القادمة من الباب الواسع «حمس» التي يراهن عليه في الوصول إلى المأرب عبر بوابة التغيير الجذري المستثمر في فئة الشباب الرأسمال الثابت وحجر الزاوية لكل إصلاح على طول.