اقترح أبو جرة سلطاني رئيس حركة مجتمع السلم ما أسماه "مشروعا سياسيا" يمهّد الطريق للاستحقاقات القادمة حصره في عشر نقاط تسمح برسم خارطة سياسية تعيد الاعتبار، حسبه، لمفهوم المواطنة في الجزائر، حيث ذكر منها بالأساس ضمان حقوق المواطنة قبل الحقوق السياسية، كما لم يتوان في الدعوة إلى إقرار تعديل جذري في الدستور إن اقتضى الأمر ذلك، منتقدا بعض الممارسات من طرف السلطة للتكفل بانشغالات المواطن. أطلق رئيس حمس خلال افتتاحه لأشغال الملتقى الدولي السادس للشيخ محفوظ نحناح، أمس بفندق الشيراطون بالعاصمة، العديد من الرسائل التي أكد فيها بأن مفهوم المواطنة في الجزائر لم يتحقّق بعد بدليل أن المواطنة، على حد وصفه، تعني أكثر من مجرد الإحساس بالانتماء والهوية بقدر ما هي "ولاء للوطن وغيرة عليه وهبة لنصرته"، منتقدا سياسية الاهتمام بالبنى التحتية دون الفوقية منها الشباب والأسرة محاربة الآفات الاجتماعية والفساد ومعالجة ظروف العزوف بمختلف أصنافه.. ووفق ما جاء على لسان سلطاني فإن الحديث عن المواطنة يعني الاهتمام أكثر بالشباب وبالبنى الفوقية لأنها المدخل الطبيعي للحديث عن الحقوق السياسية، وإذا كان المتحدث أكد بأن الوصول إلى هذه الغاية يتطلب بعضا من الوقت فإنه اقترح باسم حمس مرحلة انتقالية بعهدتين انتخابيتين لوضع قانون عضوي يفسّر منطوق المادة 31 مكرّر من الدستور، تتبعه مراجعة جزئية لقانون الانتخابات إلى جانب اقتراح نسبة وطنية للمرأة لا تقل عن 25 بالمائة واعتماد مبدأ النسبة لكل دائرة إدارية. ولم يتوقف تصوّر رئيس حمس عند هذا الحدّ لأنه مباشرة بعد تشخيصه للواقع السلبي للمواطنة في الجزائر فإنه ذهب إلى تقديم "مشروع سياسي" من عشر نقاط ضمّنه اقتراحات لرسم خارطة سياسية للمستقبل تتفق عليها جميع الأطياف السياسية وتعمل على تجسيدها، مشترطا أن تقدّم على أساس مشروع يمهّد الطريق لما هو قادم من استحقاقات، واستهل هذه "العشارية" بضرورة احترام الثوابت والمبادئ والهوية مثلما جاء في الدساتير المتعاقبة للدولة الجزائرية، وكذا اعتبار المواطن محور التنمية وهدفها. وركّز سلطاني على أولوية تجاوز الأشكال إلى المضامين والتخلي عن الوعود المبالغ فيها خاصة وأن التشريعات، كما قال، في المستوى وتحتاج فقط إلى من ينفذها بصدق، معتبرا أن حقوق المواطنة أولى من الحقوق السياسية من منطلق أن الحق في الوطن سلطة وثروة، كما دعا في مقترحاته إلى تجاوز ملف الانتماء السياسي وطيّه نهائيا والابتعاد عن "التصنيفات المؤلمة" للأشخاص وعدم محاسبة الأحزاب على منطلقاتها الفكرية، بالإضافة إلى حديثه عن ملئ الهياكل الفارغة بتحسين السلوك في الممارسات الميدانية والالتزام بالأقوال. واقترح رئيس حمس في النقطة السادسة "ميثاق شرف" يلزم كل مواطن بتحمّل مسؤولياتها الفردية وتلزمه بالدفاع عن ثوابت الأمة وهويتها وحماية الدولة، كما شدّد كذلك على وجوب اعتماد الصرامة في معاقبة الخارجين عن القانون وذلك بعد أن يسدل ستار المصالحة الوطنية على آخر فصولها قاصدا بذلك العفو بشروطه، منتقدا في موقع آخر ربط مسألة الحكم بالأشخاص لأنه "ليس مهما من يحكم ولكن بما يحكم وكيف يحكم"، حيث اعتبر أمرا من هذا القبيل "مغالطة كبرى ناجمة عن بقايا ثقافة الحكم الشمولي..". وبعد كل هذا وصل أبو جرة إلى نقطة ترقية الحقوق السياسية للمرأة مؤكدا أنها تأتي بعد ضمان المحدّدات الأساسية للممارسة الديمقراطية التي أتى على ذكرها، وقال إنه بعد كل هذا سوف تجد المرأة نفسها في قلب المعركة الانتخابية بكفاءتها وقدرتها ونضالها موقعها في الخارطة السياسية بشكل تلقائي. جدير بالإشارة إلى أن الطبعة السادسة من ملتقى الشيخ الراحل محفوظ نحناح يتناول هذا العام موضوع "المواطنة والحقوق السياسية للمرأة"، حيث أكد الداعية المصري وجدي غنيم في جلسة أمس أن جماعة الإخوان كانت المحضن الطبيعي التي انطلقت منها حمس التي أسسها نحناح، كما تعبّر عن الفكر المعتدل، كما أثنى جمال عيسى عضو المكتب السياسي لحركة "حماس" بالمآثر التي تركها الشيخ نحناح.