بشيشي: أول ميلاد للإذاعة الجزائرية بالمغرب في سبتمبر 1956 ساهم الإعلام إبان الثورة التحريرية مساهمة فعالة في تنوير الشعب الجزائري للإلتفاف حول قيادة جبهة التحرير الوطني، هذه الأخيرة أدركت أن الكفاح المسلح وحده لا يكفي لتحقيق مطالب الجزائري المنصوص عليها في بيان أول نوفمبر 1954، بل لابد من تنوير الرأي العام الجزائري والفرنسي والدولي بالكشف عن بشاعة المستعمر والرد على الدعاية التي يمارسها من أجل التغطية على جرائمه التي يقترفها في الجزائر، هذا ما أكده المتدخلون خلال الندوة التي نظمها المتحف الوطني للمجاهد بعنوان:»الذكرى 63 لتأسيس الإذاعة السرية، صوت الجزائر الحرة المكافحة 16 ديسمبر 1956». أوضحت الوزيرة السابقة زهور ونيسي في تدخلها أن الإعلام الوطني بدأ قبل الثورة سنة 1916 بإنشاء عدة صحف، ومجلات باللغة العربية هدفها الأساسي هو توعية الشعب الجزائري وتجنيده وتعريفه بحقوقه في الحرية، وثوابته الوطنية وكذا تاريخه وماضيه عندما أراد الإستعمار محو كل هذه الثوابت، واستبدال شعبنا بشعب آخر، مضيفة أنه على هذا الأساس فضلت جبهة التحرير الوطني الولوج إلى ميدان الإعلام بالإمكانات المتوفرة، وتحطيم فكرة الجزائر جزء من فرنسا. وأشارت ونيسي إلى أن الحداثة ليست مقاطعة التاريخ والماضي، لأن كل جيل له هدفه متوجهة لشباب الحاضر قائلة:» هدفكم البناء والتشييد والمحافظة على ما قام به أجدادكم من الحرية». وقد كانت ولاية الأوراس سباقة إلى إصدار نشرية في سنة 1955 اسمها «الوطن»، ثم توالى صدور نشريات في الولايات الأخرى منها : «صدى التيطري»، «حرب العصابات»، وتعد جريدة المقاومة الجزائرية أول جريدة جزائرية تصدر سنة 1955 بباريس تلاها بعد ذلك صدور جريدة المجاهد في جوان 1957. من جهته، قدم المجاهد ووزير الإعلام السابق لمين بشيشي، شهادته لأنه عايش عملية تأسيس الإذاعة السرية، قائلا إن أول ميلاد للإذاعة الجزائرية كان في المغرب في شهر سبتمبر 1956، بعد أن تمكنت الثورة من الحصول على أجهزة اتصال متطورة من صنع أمريكي، وقد كانت هذه الإذاعة تبدأ برامجها بعبارة:» هنا إذاعة الجزائر المكافحة» أو»صوت جبهة التحرير يخاطبكم من قلب الجزائر» . وأبرز بشيشي أن من بين ما تضمنته برامج الإذاعة البلاغات العسكرية، التعاليق السياسية، والرد على الدعاية الإستعمارية وغيرها من البرامج ذات الطابع الدعائي والتعبوي، مضيفا أن عبد الحفيظ بوصوف كلف أحدهم باستغلال الأسلوب التقني بين مسؤولي الثورة والمجاهدين بمختلف الولايات، واختار محطة فرانس 5 لجعلها صوت الجزائر الحقيقي كانت تذيع باللغة العربية، ثم طلب من أحد المترجمين الجزائريين إحضار جهاز إرسال وبدأ البث من الشاطئ المغربي استقبله بومدين وبوصوف وقاموا بتجارب أولية. وقال أيضا إن فرنسا شنت هجوما إعلاميا شرسا لضرب الثورة الجزائرية، والتشويش عليها والحط من مصداقيتها، مشيرا إلى أن صوت الإذاعة السرية لم يعش طويلا بل بقي شهورا بعدما اكتشفت فرنسا مكان البث بشاطئ المغرب، ولهذا فتحت بعض الدول العربية إذاعاتها طرابلس، سوريا، مصر. في هذا السياق، أشاد المجاهد بالصوت المدوي لعيسى مسعودي قائلا:» إذا تكلم تظن أن كتيبة 500 مجاهد هجمت، مثل هذا الصوت كنا نحتاجه إبان الثورة لمجابهة أساليب الإستعمار».