حافظت على أرواح الجزائريين وأوصلت البلاد إلى بر الأمان -الشعب - ألقى اللواء بوعلام مادي مدير الإيصال والإعلام والتوجيه لأركان الجيش الوطني الشعبي، أمس الأربعاء، كلمة تأبينية خلال مراسم تشييع جنازة الراحل الفريق أحمد قايد صالح الذي شيع أمس إلى مثواه الأخير بمربع الشهداء بمقبرة العالية. هذا نصها الكامل: بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على خاتم النبيين والمرسلين سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين قال الله تعالى: «كل من عليها فان ويبقى وجه ربك ذو الجلال والإكرام». أيها الجمع الكريم.. بقلوب خاشعة، راضية بقضاء الله وقدره، نودع اليوم بطلا من رجالات الجزائر المخلصين الذين بذلوا النفس والنفيس لتسترجع سيادتها واستقلالها ولتبقى شامخة، أبدية المجد. أحد رجالات الجزائر الذين لبوا نداء الوطن منذ نعومة أظافرهم، واصلوا على النهج، وما بدلوا تبديلا، إلى أن إسترجع الله وديعته. أيها الجمع الكريم.. تشاء الأقدار والجزائر تدخل عهدا جديدا آمنا بعد مخاض عسير، أن تفقد رجلا من خيرة الرجال، رجلا وطنيا مخلصا وشهما، نَذَر عمره كاملا لخدمة الجزائر شعبا وجيشا، برحيل المجاهد الفريق أحمد قايد صالح رحمة الله عليه، تكون الجزائر قد فقدت إبنا بارا من خيرة ما أنجبت الجزائر، رجلا حمل معه دوما هُموم الوطن فلم يستكن يوما ولم يضعف أمام الهزات، وظل مثالا خالصا، للصبر والصمود والإصرار والعزم، صافيا طاهرا في الوطنية والإباء والدفاع والذود عن الوطن. رجلا لم يتخل يوما عن تأدية واجباته كاملة نحو أمته، لاسيما أوقات الصعاب والمحن، وعد فوفَّى وحافظ على أرواح الجزائريين، فلم تراق قطرة دم واحدة، وأوصل الجزائر إلى بر الأمان، رجل يَصدُق فيه قول الله تعالى بعد بسم الله الرحمن الرحيم: «من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه فمنهم من قضى نحبه و منهم من ينتظر وما بدلوا تبديلا» صدق الله العظيم. أيها الجمع الكريم.. لقد مدّ الله جل في علاه عُمر المجاهد الفريق أحمد ڨايد صالح حتى تأدية الأمانة كاملة غير منقوصة كما أرادها الشهداء الأبرار، وكأن العليَّ القدير برحمته أمهله هذه المدة حتى يرى الدولة الجزائرية الجديدة ويشهد على تسليم الأمانة إلى السيد رئيس الجمهورية المنتخب، ووضعها في أيدي أمينة. ها هو ذا اليوم يلتحق بالرفيق الأعلى مع الصدّيقين والشهداء، مطمئن القلب، مُرتاح البال. يا قائدنا وقدوتنا.. إن كل ما بنيته وقدمته لهذا الوطن الغالي لن يذهب سُدا، وسيحفظه ويصونه أبناؤك البررة الذين نهلوا من وطنيتك الفيّاضة وتعلموا على يديك أسمى معاني السُمو وتقديس الوطن ونُكران الذات في سبيل نهضة الجيش الوطني الشعبي سليل جيش التحرير الوطني، وتطويره ورقي الوطن وازدهاره. سنبقى أشبالا وأسودا كما عهدتنا يا فقيد الجزائر.. يا قائدنا المغوار، مهما ذكّرنا بخصالك ومناقبك فلن نوفيّك حقك، لقد عاهدناك في حياتك ونجدد عهدنا ونحن نُشيّعك اليوم إلى مثواك الأخير، إننا سنبقى أشبالا وأسودا كما عهدتنا، حامين عرين الوطن من كل الطامعين والحاقدين، مُتشبعين بالقيم السامية التي حرصتَ على ترسيخها، مُتخذين من قيم نوفمبر وثورتنا المجيدة المَعْلَم والنبراس، ومن الوفاء لتضحيات شُهداءنا الأبرار ومجاهدينا الأخيار القدوة التي نهتدي بها، ولن نحيد عنها أبدا مهما كانت الظروف والأحوال ومهما كلفنا ذلك من ثمن، فكلنا في الجيش الوطني الشعبي عزماً وحزماً لمواصلة الدرب، وكلنا فداءٌ للوطن. سنواصل على دربك وهو عهد نقطعه على أنفسنا، بأن نجعل أمن الجزائر واستقرارها، قُرة أعيننا وأسمى غاياتنا. نحن لا نودعك اليوم قائدا وفقط، بل يبكيك كل الشعب الجزائري الأبيّ، يخلّد فيك الرجل الشهم، العطوف، الحنون، الصارم، الذي وعد فَوَفَّى، مرافقا تطلعات الأمة في بناء جزائر جديدة وفية قوية موحدة، متراصة ومزدهرة كما أرادها شهداؤنا الأبرار ومجاهدونا الأخيار. يقول المولى سبحانه وتعالى: «وما تدري نفس ماذا تكسب غدا وما تدري نفس بأي أرض تموت، إن الله عليم خبير». مسيرة نضالية مشهود لها أيها الجمع الكريم.. إننا نقف اليوم مودعين المجاهد المرحوم بإذن الله تعالى الفريق أحمد ڤايد صالح الذي انتقل إلى جوار ربه فجر يوم الإثنين الثالث والعشرين (23) من شهر ديسمبر2019، بإقامته العائلية بعين النعجة، إثر وعكة صحية. رحم الله الفقيد برحمته الواسعة، وأسكنه فسيح جنانه وألهمنا جميعا وذويه جميل الصبر والسلوان. المجاهد الفريق أحمد ڨايد صالح من مواليد 13 يناير 1940 بعين ياقوت ولاية باتنة، وهو متزوج وأب لسبعة (07) أبناء؛ إنخرط مناضلا شابا في الحركة الوطنية، وفي سن السابعة عشر (17) من عمره، التحق يوم الفاتح أوت 1957 بالكفاح المسلح، حيث تدرج في سلُّم القيادة ليعيَّن قائد كتيبة على التوالي بالفيالق 21 و29 و39 لجيش التحرير الوطني. غداة الاستقلال وإسترجاع السيادة الوطنية، وبعد إجراء دورة تكوينية بالجزائر، لمدة سنتين (02)، وبالإتحاد السوفييتي سابقا، لمدة سنتين (02) كذلك، تحصل على عدة شهادات عسكرية. كما شارك سنة 1968، في الحروب العربية ضد الكيان الصهيوني على جبهة سيناء بمصر الشقيقة. تقلد بقوام المعركة البرية للجيش الوطني الشعبي وتدرج في المسؤوليات التالية: -قائدا لكتيبة مدفعية؛ -قائدا للواء مشاة؛ -قائدا للقطاع العملياتي الأوسط لبرج العقيد لطفي/ الناحية العسكرية الثالثة؛ -قائدا لمدرسة تكوين ضباط الاحتياط بالبليدة /الناحية العسكرية الأولى؛ -قائدا للقطاع العملياتي الجنوبي لتندوف /بالناحية العسكرية الثالثة؛ - لقائد الناحية العسكرية الخامسة بقسنطينة؛ -رقي إلى رتبة عميد بتاريخ 05 جويلية 1991؛ -قائدا للناحية العسكرية الثالثة ببشار؛ -قائدا للناحية العسكرية الثانية بوهران؛ -تمت ترقيته إلى رتبة لواء بتاريخ 05 جويلية 1993؛ -تم تعيينه قائدا للقوات البرية سنة 1994؛ -بتاريخ 03 أوت 2004، تولى مسؤولية رئيس أركان الجيش الوطني الشعبي؛ -تقلد المجاهد أحمد ڨايد صالح رتبة فريق بتاريخ 05 جويلية 2006. منذ 11 سبتمبر 2013 تولى مسؤولية نائب وزير الدفاع الوطني، رئيسا لأركان الجيش الوطني الشعبي. المرحوم المجاهد الفريق أحمد ڨايد صالح حائز على عدة أوسمة هي: -وسام جيش التحرير الوطني؛ -وسام الجيش الوطني الشعبي من الشارة الثالثة؛ - وسام مشاركة الجيش الوطني الشعبي في حروب الشرق الأوسط 1967 و1973؛ - وسام الشجاعة؛ - وسام الاستحقاق العسكري وكذا وسام الشرف. بتاريخ 19 ديسمبر 2019، تم تقليده أعلى وسام في الدولة، برتبة صدر من مصف الاستحقاق الوطني، من طرف السيد رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون، نظير جهوده الجبارة والدور الكبير الذي اضطلع به في هذه المرحلة الحساسة، لضمان سلامة المواطنين وأمن البلاد ومؤسساتها، والإلتزام بالدستور وإحترام قوانين الجمهورية. عزم وإرادة فولاذية أيها القائد الفذ.. إن أبناءك وإخوانك المرابطين والرابضين على كامل الحدود وربوع الوطن ليَملأُ قلوبهم الحزن والأسى على فقدان الأب الحنون والأخ الكريم والقائد الشهم والمجاهد المغوار الصنديد، وهم كلهم عزم وإرادة فولاذية لبذل المزيد من التضحية والفداء لصون أمانة الشهداء. لقد رحلت بعد أن أديت الأمانة والجزائر قائمة الآن برجالها ومؤسساتها وهي سائرة أكثر قوة وثقة على درب الرقي والتطور في ظل الأمن والأمان. إننا وككل الجزائريين الغيورين على وطننا، نعاهدك على السير على دربك ودرب إخوانك المجاهدين، وستبقى تضحياتك وسجلُكَ خالدا ما بَقِيتْ الجزائر، وسنذكرك جيلا بعد جيل، أَنك كنت الصخرة التي تحطمت عليها كل المؤامرات والدسائس، فرحمة الله عليك أيها الأب الكريم. اللهم تغمد فقيد الجزائر برحمتك الواسعة، وأسكنه منازل الشهداء الأبرار والصديقين الأخيار. اللهم ألهم أهله وألهمنا وألهم كل الجزائريين الصبر والسلوان، واكتب للجَمع المشيع أجر المحسنين. «يا أيتها النفس المطمئنة إرجعي إلى ربك راضية مرضية فادخلي في عبادي و أدخلي جنتي». صدق الله العظيم. إنا لله وإنا إليه راجعون. ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم