لم يعد امتلاك مراكز خاصة للتحضير حكرا على الأندية العالمية الكبيرة، على غرار فريق ريال مدريد الاسباني الذي يمتلك مدينة رياضية باكملها في «فالديبيباس» بضواحي مدريد، أو مركز «أبيانوجنتيلي» الخاص بفريق آنتر ميلانو الايطالي، أو «الميلانيلو» التابع لفريق ميلانو الايطالي، بل الأمر تعدى إلى المنتخبات التي أصبحت تمتلك مراكز خاصة بها، وذلك لتحضير جيد لمختلف المنافسات التي تشارك بها سواء قارية أو دولية، كمركز «كورفيتشيانو» التابع للمنتخب الايطالي والواقع في ضواحي العاصمة الايطالية روما، والذي حضر به المنتخب الوطني لمباراة مصر في تصفيات كأس العالم 2010 بجنوب افريقيا، وكذا مركز كلير فونتان بالنسبة للمنتخب الفرنسي بضواحي باريس، وقد ساهمت هذه المراكز في تطوير مستوى الكرة في هذه البلدان، كونها مراكز للتحضير خاصة بمختلف الاصناف السنية، وكذلك مدارس كروية لتكوين اللاعبين الشبان. لهذا إرتأى القائمون على الرياضة الجزائرية ضرورة امتلاك مركز خاص لتحضير المنتخبات الوطنية، وذلك للرفع من مستوى كرة القدم الجزائرية والمتمثل في المركز التقني لتحضير المنتخبات الوطنية، والذي ذاع صيته خصوصا بعد مجيء المدرب البوسني وحيد هاليلوزيتش الذي اعتبر هذا المركز المكان الأساسي لاقامة المعسكرات، وكذلك للتحضير لمختلف المباريات التي يخوضها المنتخب الوطني، لهذا إرتأينا تسليط الضوء عليه من خلال الزيارة التي قمنا بها إلى داخل المركز والتي سمحت لنا بالوقوف عن قرب على ما يحتويه هذا الصرح الكروي. سيدي موسى أنسب مكان يعتبر المركز التقني لتحضير المنتخبات الوطنية صرح كروي مميز، وهو أهم ما تم إنجازه خلال العشرية الأخيرة، حيث تم اعطاء الضوء الأخضر لبداية انجازه في ديسمبر 2003، ويقع المركز على بعد حوالي 30 كلم جنوب شرق العاصمة بجوار مدينة سيدي موسى الهادئة، ولم يكن اختيار هذا المكان اعتباطيا وإنما كان عن قصد، فالمنطقة تتميز بالهدوء كونها بعيدة عن ضوضاء المدينة وتساعد على التركيز، اضافة إلى أنها محاطة بالمزارع، كون المنطقة فلاحية، وهذا كله يساعد على تكوين جو ملائم لممارسة الرياضة، اضافة إلى هذا يتربع المركز على مساحة شاسعة تقدر بحوالي 7 هكتارات، فالمتجول داخل المركز يشعر أنه يتواجد داخل مدينة رياضية، وذلك نظرا لشساعة المساحة، وأيضا لوضع فيه جميع المتطلبات التي يجب توفرها لصالح النخبة وهذا ما يتطلب مساحة واسعة خصوصا من أجل الملاعب، ويمتلك المركز ادارة خاصة به، حيث يديره السيد حميد حداج، ويوجد المركز حاليا تحت وصاية الاتحادية الجزائرية لكرة القدم منذ ماي 2010، بعد أن كان تحت وصاية وزارة الشباب والرياضة والتي منحت صلاحية استخدامه لمدة خمس سنوات لصالح الاتحادية وهذا للمساهمة في تطوير مستوى كرة القدم الجزائرية. مدرسة للتكوين... ومركز للتحضير يمنح المركز التقني لتحضير المنتخبات الوطنية تأطيرا خاصا للشباب الراغبين في ممارسة كرة القدم، من خلال حصولهم على تكوين في المستوى ومطابق للمقاييس الدولية، حيث يمنح المركز أحسن تدريب رياضي خاص بالشباب، فضلا عن الاتقان في التدريبات على يد مدربين يتمتعون بكفاءة عالية، وهذا ما يسمح برفع مستوى المتربصين لمواكبة المستوى العالمي في إطار كرة القدم الحديثة، وهذا ما وقفنا عليه من خلال اطلاعنا على مختلف هياكل المركز، وكذلك الخدمات التي يقدمها، كالتكوين، وكذلك اتقان وتعزيز المعارف الرياضية للشبان المؤهلين، وتطوير القدرات الرياضية، وكل هذا بفضل هياكل رياضية هائلة، فضلا عن إطار تنظيمي جيد، وانضباط وكل هذا في إطار علمي فيما يخص التحضير البدني والفني، والتقني للشبان، فالمركز يتوفر على قاعة كبيرة للمحاضرات ليتمكن الشبان من استغلالها في الدروس التي يحصلون عليها خلال فترة تكوينهم في المركز، خصوصا في ظل توفر نظام خاص للمعلومات يساعد على تنظيم محاضرات تعليمية وبرامج بيداغوجية رياضية، حيث تتحمل الاتحادية الجزائرية لكرة القدم مسؤولية تكوين اللاعبين الشبان في كرة القدم ليشاركوا في أعلى المستويات، كل المستويات، فضلا عن التحضير والسهر على مشاركة كل المنتخبات الوطنية بمختلف أصنافها ومستوياتها في المحافل الدولية، ولا يقتصر التكوين في المركز على اللاعبين فقط، وإنما أيضا على المدربين وهذا ما اتضح لنا من خلال تواجدنا داخل المركز، ومن أجل المساهمة بشكل فعال في ترقية مستوى النخبة الوطنية لكرة القدم، قامت المديرية الفنية الوطنية للاتحادية الجزائرية لكرة القدم، بنقل مكاتبها إلى المركز خاصة تلك المتعلقة بمصلحة تكوين المدربين والتي يشرف عليها السيد بوعلام لعروم، وذلك من خلال تكوين المدربين ومنحهم أحسن الشهادات للتوازن مع تلك التي تحصلوا عليها في الجامعات الرياضية، وبذلك ليصبحوا جاهزين لدخول عالم التدريب. هياكل رياضية من فئة خمس نجوم من أجل ضمان أحسن تحضير يوفر المركز أحسن الظروف فيما يخص الاقامة، الأكل، النقل، المتابعة الطبية والمعدات الرياضية، التي توضع تحت تصرف الشبان المتربصين أو المنتخبات الوطنية لكرة القدم بمختلف مراحلها السنية، حيث وضع المركز تحت تصرف المنتخبات الوطنية دون استثناء، وهذا بغية منحها دفعا هاما للنجاح في مختلف المنافسات الوطنية والدولية، وتجنبها المشاكل المتعلقة بالتحضير، حيث يتوفر المركز فندقين يتوفران على جميع المتطلبات، الأول به 64 سرير وهو مخصص للمنتخب الوطني الأول، أما الثاني فيه 104 سرير، ويوجد بجانب الفندق الأول التابع للمنتخب الأول مطعم يتسع ل 200 فرد، كما يتوفر المركز على سكنات عالية الجودة اضافة إلى مطعم ثان يتسع لأربعين شخص وسط كل هذا قاعتان للترفيه اضافة إلى صالة كبيرة وكذلك قاعة كبيرة للمحاضرات تتسع ل 200 شخص، كما يوجد بالمركز مركزين للاسترجاع يتوفران على مرش وكذلك حمام بخاري وأيضا «جاكوزي» وحوض للسباحة وقاعات للتدليك وتقوية العضلات، وساحتين مخصصتين لممارسة كرة السلة والكرة الطائرة. جناح طبي من مستوى عال بالمقابل لم يتم اغفال الجانب الاستشفائي فالمتابعة الطبية للاعبين اساسية، ويستحيل التخلي عنها سواء أثناء التكوين أو المشاركة في التظاهرات، فالمركز يحتوي على جناح طبي رياضي عالي المستوى، به معدات عالية الجودة والتكنولوجيا تعتمد على الاتقان مما يساعد المؤطرين والاطباء على متابعة الرياضيين بشكل ممتاز وبطريقة علمية حديثة وقد تم انشاء هذا الجناح بالشراكة مع مستشفى اسبيتار القطري، وبعيدا عن الأمور الادارية والطبية والخدمات المقدمة يحتوي المركز على ثلاثة ملاعب لممارسة كرة القدم، ويوجد ملعبين بمهما ارضيتين اصطناعيتين، أحدهما هبة من الفيفا في إطار مشروع «غول»، أما الملعب الثالث فيحتوي على ارضية من العشب الطبيعي، يتم السهر عليه ليكون من أحسن الأرضيات في الجزائر، نظرا لحاجة اللاعبين لأرضية من نوعية رفيعة لممارسة اللعبة براحة كبيرة ويشكل المركز اضافة كبيرة للهياكل الرياضية في الجزائر، كونه أزال مشكلة التنقل من الفندق إلى الملعب للتدريب وهذا ما عانى منه المنتخب الوطني سابقا، اضافة إلى عامل التركيز حيث لن يكون بمقدور عشاق المنتخب الوطني، التسلل إلى داخل المركز لأخذ الصور مع اللاعبين وهذا لاستحالة هذا الأمر، عكس ما كان عليه الأمر من قبل عندما كان المنتخب الوطني يعسكر بالفنادق، أين يجد الأنصار سهولة كبيرة في التسلل والوصول إلى اللاعبين، وهذا ما يفقدهم تركيزهم قبل المباريات، وهذا ما ينعكس على آدائمهم على أرضية الميدان، لكن هذا الأخير قد زال لأن المركز يوفر كل اساليب الراحة وكذلك يوفر الجو الذي يساعد على التركيز.