الخطوط الجوية الداخلية: اطلاق أول رحلة الجزائر - تمنراست يوم الاثنين    العاب القوى /البطولة العربية لأقل من 18 سنة: خمسة أرقام قياسية عربية بحوزة الرياضيين الجزائريين منها رقم صامد منذ 30 عاما    حجز أزيد من 2 طن من القنب الهندي وأكثر من 5 ملايين قرص مهلوس خلال الثلاثي الثاني من 2025    المهرجان الوطني للموسيقى والأغنية الشاوية بخنشلة: سهرة ثانية على وقع الطابعين الفلكلوري والعصري    حيوانات برية: حجز قرابة 1200 صنف محمي خلال السداسي الأول    اقتصاد المياه: حملات تحسيسية لترشيد وعقلنة الاستهلاك    مؤتمر طوكيو الدولي "تيكاد 2025": السيد واضح يؤكد التزام الجزائر بتعزيز مكانة إفريقيا كقوة اقتصادية فاعلة    وهران: تدعيم المؤسسات الصحية ب 134 منصبا جديدا لسنة 2025    البطولة الإفريقية لكرة القدم للاعبين المحليين-2024 (مؤجلة إلى 2025) (السودان/الجزائر): "الخضر" من أجل مكانة في المربع الذهبي    مؤسسة "بريد الجزائر": إصدار بطاقة دفع إلكتروني موجهة للحائزين الجدد على شهادة البكالوريا    المغرب: أزمة البطالة تكشف زيف وعود الحكومة    العدوان على غزة: غوتيريش يشدد على أن المجاعة في القطاع لا يمكن أن تستمر "دون عقاب"    ذكرى إحراق الأقصى: منظمة التعاون الإسلامي تؤكد مركزية قضية القدس في وجدان الأمة الإسلامية    كرة القدم"شان-2024"/المؤجلة الى 2025/: المنتخب الوطني يجري أول حصة تدريبية بزنجبار    الأمم المتحدة: قرابة 800 ألف نازح في غزة منذ منتصف مارس الماضي    القسام تجهز على جنود إسرائيليين..الاحتلال يقتل 42 فلسطينيا ويكثف هجومه على حي الزيتون    ابتسام حملاوي : اللقاءات مع المجتمع المدني فرصة لرصد التطلعات والاقتراحات    بمشاركة منشدين من ثمانية دول.. انطلاق الطبعة ال11 من البرنامج الإنشادي "حادي الأرواح"    الجزائر العاصمة : "المواطنة في ظل الاحتلال الفرنسي للجزائر والثورة التحريرية" محور ندوة    بمشاركة الوزير نور الدين واضح ممثلاً لرئيس الجمهورية.. الجزائر تعزز حضورها الدولي في تيكاد 2025    مكالمة هاتفية بين عطاف ووزير خارجية الكويت    الأمين العام للاتحاد العام للعمال الصحراويين : تحقيق العدالة الاجتماعية في إفريقيا يستوجب تحرير القارة من كل مظاهر الاستعمار    حج 2026: تنصيب لجنة دراسة العروض المقدمة للمشاركة في تقديم خدمات المشاعر    انطلاق الطبعة الخامسة للقوافل الطبية التطوعية باتجاه مناطق الهضاب العليا والجنوب الكبير    التُجّار الموسميون يغزون الشواطئ    الجزائر تواجه السودان    الجزائر تجدد التزامها بتنفيذ الإستراتيجية الأممية    أيام لطوابع الجزائر    30 سنة على رحيل سيراط بومدين    خنشلة:افتتاح المهرجان الوطني الثاني للموسيقى والأغنية الشاوية وسط أجواء بهيجة    إرهابي يُسلّم نفسه وتوقيف 3 عناصر دعم    16 فريقاً على خط الانطلاق.. بأهداف متباينة    ابتكار دواء للسرطان    10 إجراءات لحماية الجمعيات من مخاطر تمويل الإرهاب    نستنكر الصمت الدولي تجاه استهداف العمل الإنساني في غزّة    تدشين منشآت طاقوية جديدة بمنطقة تين فوي تابنكورت    تمديد آجال تحميل طعون المسجّلين في برنامج "عدل 3"    لا مساومة برسالة الشهداء    القبضة الحديدية بين يوسف بلايلي والترجي مستمرة    انتقادات سعودية قوية لحسام عوار بعد أول اختبار    الجزائر بلد فاعل ومسؤول في أسواق الطاقة العالمية    وجهة مفضلة لعشاق البحر    ذاكرة شعبية تورث للأجيال    خزائن للذاكرة وروائع الزمن الجميل    معارض الصناعة التقليدية تنعش موسم الاصطياف ب "بونة"    500 حافلة بقسنطينة مهددة بالسحب    "الخضر" يواجهون السودان وأزمة في المولودية    الأطفال يحتفون بالمجاهد في مكتبة بركات سليمان    إبداعات من حقيبة الذكريات والنزوح    هذه الحكمة من جعل الصلوات خمسا في اليوم    عرقاب يستقبل الأمين العام لمنتدى الدول المُصدّرة للغاز    الدولة تولي أهمية خاصة لتشجيع الكفاءات الوطنية    قتلة الأنبياء وورَثتُهم قتلة المراسلين الشهود    فتاوى : هل تبقى بَرَكة ماء زمزم وإن خلط بغيره؟    خالد بن الوليد..سيف الله المسنون    مناقصة لتقديم خدمات المشاعر المقدسة في حج 2027    منصة لاستقبال انشغالات المؤسّسات الصحية في أكتوبر المقبل    الوضوء.. كنز المؤمن في الدنيا والآخرة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



« سيدة الخزامى»
نشر في الشعب يوم 15 - 02 - 2020

كانت تعشق الخزامى برائحته ودرجات ألوانه، فارتدت ملابسها بأطياف اللون الخزامي، كذلك مستحضرات التجميل والعطور التي كانت تستعملها من عالم الخزامى.
شدّه إليها عالمها الغريب الذي يتّسم بالذوق والجمال. التقى بها للمرة الأولى قائلًا: صباح الخير سيدة الخزامى. ضحكت، ولم تخبره باسمها. تواعدا، ترافقا، تحابا. غمرته سعادة عارمة عندما أهدته كتابًا عن الخزامى مضمّخًا بعطره، وباقة من شموع الخزامى. سألها: لم كل هذه الشموع؟ قالت أشعلها عندما تحتاجني. بشّ لها قبل أن تصدمه قائلة: لا تنسى سيدة الخزامى، عليّ أن أرحل، وطني يحتاجني.
غادرت بلاد الاغتراب وعادت إلى لبنان تاركة حبيبًا لا ينساها. رويدًا، رويدًا بدأت رائحة الخزامى تضمحل من كيانها تحت وطأة التغيير. للحراك رائحة التمرد، وللثورة رائحة حرية لا يشتمها العبيد. أشعلت شموع الخزامى في ساحتي الشهداء ورياض الصلح تيمنًا بولادة وطنها من جديد. رياح العطور الفتية لفحتها من طرابلس وصور وكفررمّان... أخذت تنتشي نشوة أمل جامحة أنستها درجات ضوع الخزامى وألوانه.
جاء الخريف، بقسوة التغيير، والحاكم لم يتغير. ارتفعت الأسعار والحاكم لم يتأثر. فاحت رائحة الفقر من جسد كل مواطن حتى نحل جسد سيدة الخزامى بعبق العوز. التهبت الأسعار والحاكم يبرّد حرارته برشف المثلجات، حلالها وحرامها، حتى تجمّدت حواسه فوق رفات مشاعره فلم يسمع صوت اصطكاك أسنان الأطفال بردًا، ولم يرَ مذلّة الوالدين خجلًا من رُضَّع لم يحصلوا على فرصتهم من متعة الشبع. تضايقت سيدة الخزامى من رائحة احتراق القيم والمشاعر. وسالت دموعها حزنًا وكمدًا على بشاشة الرغيف الساخن الذي تمقته أعين المعوزين. ودّت أن تصرخ في كل مكان، أن تعبر عن ثورتها في كل الساحات، فكانت في كل مكان. فقدت سيدة الخزامى حاسّة الشم بعد احتراق العجلات في شوارع الوطن، وتصاعُد الهباب من رؤوس أصحاب السلطة ناعيًا وطنيتهم. أضاعت البوصلة، فقدت توازنها، تألقت إنسانيها فضاءت ثائرة. حملت يافطات الاحتجاج والأمل متحدية الفساد والنفاق. سارت وسارت حتى اجتاحها العطش، فجاءها بشير الدولار عارضًا مشروبه الأخضر فرفضت الارتواء من سمّه. بقي ريقها جافًا بانتظار مزن الحرية. نال منها التعب وهي تقفز بين ساحة وأخرى رغمًا عن حُفر الطرقات وانهيار حوافها تحت وطأة المطر فقررت البقاء في ساحة الشهداء.
لم يطق الحبيب فترة البعاد فجاء إلى لبنان باحثًا عن حبيبة لا يعرف لها عنوانا. سار في الطرقات بين جموع الثائرين معتمدًا على حاسة شمٍّ صقلتها حبيبته ذات حب قريب. لم يعثر عليها، لم تفلح محاولات نثره رذاذ ضوع الخزامى في الساحات والخيم. أخيرًا جلس على زاوية في آخر شارع بشارة الخوري، مطلًا على ساحة الشهداء، وأحاط نفسه بشموع الخزامى التي أهدته. شدتّها الرائحة التي تآخت معها عمرًا مديدًا. ابتسمت في خيمها وسرحت في أحلامها، سعيدة بفارسها القادم على أجنحة ضوع الخزامى.
مرّت به دراجات بعض الغزوات، نكروا عليه طقوسه فوسموه عميلًا استحق بعض العِصي لتعديل الخلل في جمجمته. سرقوا الشموع واحرقوا الخيم. صدح صوت من داخل خيمة تلتهب «أنا هنا، أنا هنا». لم يسمع أحد صوتًا خبا تحت جسد أضحى رمادا.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.