الأمم المتحدة: سلطات الاحتلال ترفض 37 محاولة لوصول المساعدات الإنسانية إلى شمال غزة    لبنان: ارتفاع حصيلة ضحايا العدوان الصهيوني إلى 3823 شهيدا و15859 مصابا    الإصلاح الشامل للعدالة يعد أبرز محاور برنامج رئيس الجمهورية    المسابقة الوطنية ستطلق غدا الخميس    لقد جعلت بلادنا من الأمن الغذائي رهانا استراتيجيا يتوجب علينا كسبه    ضرورة تصحيح الاختبارات داخل الأقسام    ورشة تكوينية للقضاة وضباط الشرطة من تنظيم وزارة العدل    عطاف يقوم بطرد وزيرة الخارجية السابقة للصهاينة تسيبي ليفني    إقامة صلاة الاستسقاء عبر الوطني السبت القادم    خنشلة : أمن دائرة بابار توقيف 3 أشخاص وحجز 4100 كبسولة مهلوسات    ترقب تساقط بعض الأمطار وعودة الاستقرار يوم الجمعة    مستغانم : قوافل الذاكرة في مستغانم تتواصل    كرة القدم/رابطة أبطال إفريقيا : شباب بلوزداد ينهزم أمام اولاندو بيراتس (1-2)    الفريق أول شنقريحة يزور معرض أحمد الجابر للنفط واللواء مبارك المدرع 15    بصمة الرئيس تبون بادية للرقي بالفلاحة والفلاحين    الاتحاد الدولي للسكك الحديدية يشيد بمشاريع الجزائر    دعوات للتصدي للتطبيع التربوي بالمغرب    رمز الريادة والابتكار    وزارة الصناعة : السيد غريب يشرف على تنصيب الأمين العام ورئيس الديوان    وزير الاتصال يعزّي عائلة الفقيد والأسرة الإعلامية    رحيل صوت القضيتين الفلسطينية والصحراوية في المحاكم الدولية    الجيش الصحراوي يستهدف قوات الاحتلال المغربي المتمركزة بقطاع امكالا    الفريق أول شنقريحة يواصل زيارته الرسمية إلى الكويت    محرز يحقق رقما مميزا في دوري أبطال آسيا    مازة لن يغادر هيرتا برلين قبل نهاية الموسم    مدرب مانشستر يونايتد يصر على ضم آيت نوري    تطبيق مبتكر يحقق الأمن السيبراني    لخضر رخروخ : إنشاء المجمع العمومي لبناء السكك الحديدية مكسب كبير    حريق يأتي على ورشة نجارة    اكتشاف عيادة سرية للإجهاض    طالب جامعي متورط في سرقة    الإطاحة بشبكة إجرامية من 5 أشخاص بوهران    الصيد البحري وتربية المائيات.. فرص استثمار "واعدة"    معرض لورشات الشباب الفنية    البحث في علاقة المسرح بالمقاومة    تسليط الضوء على أدب الطفل والتحديات الرقمية الراهنة    جائزة الشيخ عبد الكريم دالي : حفل تكريمي للفنان الراحل نور الدين سعودي    الأيام السينمائية الوطنية للفيلم القصير بتبسة: فيلم "القناع" للمخرج فيصل قادة يفتك المرتبة الأولى    الملتقى الدولي للمهرجان الثقافي للفن المعاصر : منصة للتبادل والتحاور في مواضيع الفن المعاصر    فتح باب التسجيل ابتداء من يوم غد.. سوناطراك: 19 شعبة معنية بمسابقة التوظيف    أيام توعوية حول مضادات الميكروبات    الفترة المكية.. دروس وعبر    كابوس مرعب في موسم الشتاء    الكيان الإرهابي يعلن الحرب على أطفال غزّة    معرض الحرمين الدولي للحج والعمرة والسياحة بوهران: استقطاب أكثر من 15 ألف زائر    وزير الصحة يشرف على اختتام أشغال الملتقى الدولي الثامن للجمعية الجزائرية للصيدلة الاستشفائية وصيدلة الأورام    تسيير الأرشيف في قطاع الصحة محور ملتقى    الفروسية : كأس الاتحادية للمسابقة الوطنية للقفز على الحواجز من 28 إلى 30 نوفمبر بتيبازة    رقمنة القطاع التربوي: التأكيد على "الانجازات الملموسة" التي حققتها الجزائر    الدور الجهوي الغربي الأخير لكأس الجزائر لكرة القدم: جمعية وهران -اتحاد بلعباس في الواجهة    ندوة بمناسبة اليوم العالمي للقضاء على العنف ضد المرأة    إعادة انتخاب دنيا حجّاب    بتوفير كافة الشروط لضمان عدالة مستقلة ونزيهة    الابتلاء المفاجئ اختبار للصبر    وفاق سطيف يرتقي إلى المركز الخامس        هكذا ناظر الشافعي أهل العلم في طفولته    المخدرات وراء ضياع الدين والأعمار والجرائم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



“العلم الذي لا تتمثله بلغتك يقبع في مكان ما في اللاوعي”
مديرة المعهد العالي العربي للترجمة إنعام بيوض
نشر في الشعب يوم 19 - 02 - 2012

أكدت مديرة المعهد العالي العربي للترجمة إنعام بيوض على الوضع الكارثي الذي تعرفه الترجمة في الدول العربية عموما، باعتبارها عنصر أساسي في تحقيق التنمية، مبرزة أن العلم الذي لا تتمثله بلغتك فانه علم يقبع في مكان ما في اللاوعي، ولا يمكن أن ينتج جديدا، كما تأسفت على الاهانة التي تتعرض لها لغة الضاد في المؤسسات التربوية والتعليمية، ومنادية بضرورة الاعتماد على الترجمة العلمية لنقل المعارف والعلوم وليس تكوين الافراد في لغات أجنبية..
بداية ما تقييمكم لواقع الترجمة في الجزائر؟
واقع الترجمة في الجزائر لا يختلف على واقع الترجمة في العالم العربي، ولكن من المفروض بالنسبة للجزائر كبلد عايش ازدواجية لغوية، بعد أن عاشت أحادية لغوية في عهد الاستعمار، فمن المفروض أن يكون إنتاجنا للترجمة واهتمامنا بها أفضل مما عليه الآن، لان الترجمة هي الضلع الأعوج لمخططات التنمية، مع وجوب إدخالها كعنصر أساسي من عناصر خطط التنمية.
فعندما نقر أننا لسنا صانعي المعرفة علينا أن نستوردها، وهذه المشكلة تتخبط فيها كل الدول التي تعاني من إشكالية نقل التكنولوجيا والمعارف إلى اللغات الأخرى.
وفي هذا الجانب نتأسف عن الرأي الذي ينادي بتكوين الأفراد في اللغات الأجنبية، بحجة أننا لسنا في حاجة إلى أن نترجم وإنما أن نكون الأفراد في اللغات التي تنتج بها المعرفة والعلم، وهنا أؤكد أن هذا الاتجاه يخدم نخبة قليلة من الأشخاص الذين يمكن أن تكونهم في لغة أجنبية، وحتى أن كان ذلك فالعلم الذي لا تتمثله بلغتك فانه علم يقبع في مكان ما في اللاوعي، ولا يمكن أن ينتج علما، لان العلم عندما تتمثله بلغتك يمكنك أن تصل وتصنع به شيئا آخر، وهذا هو الأساس.
فوزارات التعليم العالي في كل الدول التي تعاني مشكلة نقل المعارف والعلم نادت مع أولى اجتماعاتها بتعديل قاعدة التعليم العالي، لكن إلى اليوم النتيجة الملموسة لم تحقق، ما عدا بعض الخطوات التي خطتها سوريا في هذا الشأن.
فسياسة تعريب التعليم غائبة في كل الدول العربية ماعدا السودان، فللأسف في هذه الدول لا نجد بها ولا فرع علمي يدرس بالعربية، فهذه الأخيرة مقتصرة على اختصاصات العلوم الإنسانية.
وهل يمكن تحميل أبناء لغة الضاد مسؤولية قلة أو انعدام ترجمة الأعمال العلمية إلى لغتهم أو العكس؟
أتساءل دائما وأقول ماذا فعلنا منذ عقود وماذا تمثلنا من هذا العلم وماذا أنتجنا؟
تساؤلات كثير تدور في الذهن، فعندما نفكر في نخبة فئوية قليلة لنكونها في لغات أجنبية ونترك 99 في المائة في حالة جهالة، على الأقل إذا كان هناك مخطط لتكوين هذه الفئة القليلة، وهنا أؤكد أنني لست ضد تعليم اللغات الأجنبية وتكوين فئة نخبوية، بل على العكس لا بد من وجود مثل هذه الشريحة ذات المستوى العالي، لكن في نفس الوقت علينا أن نترجم ونحول 99 في المائة الآخرين، الذين ليس بالضرورة أن يكونوا علماء في المستقبل، وجعلهم مستهلكين للعلم بلغتهم الأصلية حتى من خلال ترجمة ثقافة علمية.
وهل من مشاريع لكم في هذا الجانب والتي من شانها خلق ترجمة بناءة وفعالة تخدم لغتنا وثقافتنا؟
في المعهد العالي العربي للترجمة أطلقنا واقترحنا عدة مشاريع أهمها مشروع مبني على الاعتماد على الخبرات الجامعية المزدوجة اللغة الموجودة في كل الدول العربية، حيث نعطي كل أستاذ كتاب في السنة مؤسس في تخصصه ليترجمه بعد عام أو عام ونصف، وهنا اقصد الترجمة العلمية.
لكن للأسف لم تتحقق أي نتيجة، كما عرضنا مشروعا على وزارة التعليم العالي حتى تبدأ فكرة هذا النوع من الترجمة من الجزائر، وقد رحب الوزير رشيد حراوبية بالفكرة، وطلب مني الاتصال بديوان المطبوعات الجامعية لنعمل اتفاقية معهم، حيث كان في الأول حماس لتبني وإنجاح هذا المشروع ليخيم السكوت بعد ذلك، ولم نتلق إلى اليوم ولا رد، فقد أطفئت الأنوار على المشروع.
لكن وللأسف عرضنا المشروع على الجامعات الأردن، حيث أكدوا لنا استعدادهم حتى على إعطاء التزكية من الملك، ولكن نبقى نتمسك بفكرة انطلاق المشروع من بلدنا الجزائر، وليس تقديم مقترحاتنا وأفكارنا لدول أخرى، لأن هذا الشيء يضيف الكثير لقيمة بلادنا وحتى نقف أمام كل من يقول أن الجزائر فرنسية وأننا لا ننطق باللغة العربية ونبرهن لهم ما تحويه الجزائر من خبرات متمكنة إلى ابعد الحدود من لغة الضاد.
وماذا عن الترجمة الأدبية؟
في معهدنا لا نهتم بالترجمة الأدبية، فهناك من يهتم بها، وحتى إذا بقينا 10 أو 20 سنة لم نترجم أدبا فهذا لا يضرنا، المهم هو مواكبة العصر من خلال الترجمة العلمية.
فلما أجرينا عملية حسابية بسيطة عن المشروع السالف الذكر، وجدنا أننا ننتج 50 ألف كتاب في السنة، وهذا ليس بالعدد الهين.
من كلامك نفهم أن الترجمة العلمية قليلة؟
بل منعدمة تماما، فبمشروع مثل هذا”السابق الذكر” نشرك المجتمع المدني ، فلما لا ندخل هذا المشروع أيضا في إطار المخابر العلمية التي أنشئت بالجامعات، كما عرضته أيضا على مؤسسة الذخيرة، لتتبناه، فالشيء الذي نسعى إليه هو تجسيده على ارض الواقع دون ايلاء الأهمية إلى من هو مقترحه أو فكرة من هذا المشروع.
فنحن بحاجة إلى ترجمة علمية لمواكبة العصر والتكنولوجيا الحديثة وكل التطورات والاكتشافات التي تم التوصل إليها في الدول الصانعة للعلم والمعارف، ومثل هذه الأعمال تحتاج إلى من يقف وراءها ويدفعها مع تضافر الجهود، والتأكد من الدور الكبير الذي تلعبه الترجمة في تحقيق التنمية داخل أي بلد.
يعني المترجم موجود والسياسات والاستراتيجيات المثلى هي الغائبة؟
في تظاهرة الجزائر عاصمة الثقافة العربية ترجمنا 120 كتابا، وكان بإمكاننا اللجوء إلى المترجمين المشارقة، لكننا فضلنا الاعتماد على خبراتنا الجزائرية، ورفعنا سعر الترجمة بشكل يعطي احتراما للمترجم، ووضعنا قائمة أولية تحوي أكثر من 70 مترجما ممتاز، وأكيد أن هناك أسماء لم تظهر بعد وتخزن زادا مميزا في مجال الترجمة والمترجمين.
وماذا عن الإستراتيجية المتبعة في هذا الميدان؟
أؤكد على غياب إستراتيجية فعالة في هذا المجال، فقد اقترحنا إخضاع الأساتذة الذين لديهم إمكانيات في الترجمة لدورات تدريبية عندنا في المعهد العالي العربي للترجمة.
ويبقى المشكل القائم هو التحمس مع طرح أفكار في هذا المجال في البداية ثم إطفاء الأضواء وطي الملفات.
نلاحظ عزوف الطلبة على دراسة اللغة العربية بمجرد الحصول على شهادة البكالوريا؟
إلى ماذا يعود هذا برأيك؟
صراحة العربية تدرس بطريقة فضيعة في مؤسساتنا التربوية والتعليمية، فأرى أن الكثير من الأساتذة غير متمكنين من هذه اللغة فكيف لهم أن يعلموها بصورة صحيحة، هذا من جهة ومن جهة أخرى فقلة الانتاجات التي يبحث عنها الطالب أو الطفل خاصة بالعربية إن لم نقل منعدمة جعلته يتجه إلى القراءة والمطالعة باللغة الفرنسية أو لغة أجنبية أخرى، فإذا بحثنا في مؤلفاتنا بالعربية لا نجد اهتمام كبار الأدباء والمؤلفين بالطفل، وأنا عشت هذه التجربة الأليمة كأم، وهنا اقصد العمل الأدبي الراقي والنافع، كما يحصل في الدول الرائدة في هذا الجانب، حيث يكتب الحاصلين على جوائز نوبل للطفل باعتباره الركيزة الأساسية التي يبنى عليها المجتمع.
وهناك شيء أخر يجب أن أتحدث عنه وهو طبيعة التدريس في الجامعات، فالطالب يعلم أن اللغة العربية توصله إلى البكالوريا فحسب ليكمل مساره الدراسي بلغة أجنبية، الشيء يجعله يحاول التمكن من اللغة الأجنبية مع بداية مشواره حتى لا يجد نفسه ضالا بعد البكالوريا.
ألا ترين أن هذه اللغات تشكل خطرا على اللغة العربية؟
لا في الوضع الحالي اللغة الأجنبية لا يمكن أن تشكل خطرا على اللغة الأم، وهذا حسب التسيير الإيديولوجي للغات، وأقول أن الانفتاح على اللغات الأجنبية مع التعليم الجيد والسليم للعربية يعزز من تعليم لغتنا، وهنا العملية ليست عملية عزل وإقصاء بل على عكس تعليم العربية يسير جنبا إلى جنب مع اللغات الأخرى.
وإذا رجعنا إلى الأدب الجاهلي فنجدهم وصلوا إلى أعمال وأفكار في مجالات غير مطروحة، أما نحن فماذا قدمنا لها، فبصراحة القرآن هو حامي اللغة العربية، ولولاه لاندثرت في الأزمنة الغابرة، لكن القرآن الكريم يكسبها مناعة ومقومات، لذا علينا نحن أبناءها أن نكسبها الليونة والمرونة وليس تجميدها.
كانت لديكم مشكلة عدم الاعتراف بالشهادة التي يمنحها المعهد العالي العربي للترجمة، أين وصلت القضية؟
بعد أن قدمنا دفتر الشروط كما يلزم، تلقينا رد ايجابي، ووصلتنا من وزارة التعليم العالي نسخة من القرار الذي سيصدر، فالكرة في مرمى هذه الوزارة، وأظن أن المسألة اليوم هي إدارية بحتة.
حسب رأيك ما هي الحلول الأنسب لإعطاء الترجمة مكانتها الحقيقية؟
أولا يجب إدخال الترجمة ضمن المخططات التنموية، وإدخاله كمادة في التعليم بكل أطواره.
ونحن نعلم أن الترجمة مكلفة جدا، لذلك لا بد من خلق صناديق لدعم الترجمة في كل المستويات فمن المفروض كل وزارة أو مؤسسة يكون لها صندوق لدعم الترجمة وتمويله بطريقة أو بأخرى.
وهذا مشكل عويص ليس في الجزائر فحسب بل في كل الدول العربية، حيث أصبحت دور النشر تعزف عن نشر المؤلفات الترجمة بسبب الكلفة الكبيرة التي تقع على عاتقها.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.