بعد أن تحول العصر الذي نعيش به اليوم إلى عصر المعلوماتية وانفجرت فيه المعارف بشكل مذهل.. وبعد أن كنا نتحدث سابقا عن انقسام اقتصادي بالعالم... أصبحنا اليوم نتحدث عن انقسام معرفي ظهرت على أساسه الحاجة الملحّة الى الاهتمام بشكل جدي بالترجمة كأداة فعالة لتبسيط المادة المعرفية وبالتالي تحول المجتمعات العربية خاصة في مجتمعات مستهلكة للمادة المعرفية إلى مجتمعات منتجة... هذا ما حاولت المترجمتان صبرينة أبرباش وأميرة غواطي التأكيد عليه من خلال المحاضرة التي ألقتاها بمكتبة "دار الأنيس، مالك بن نبي" مؤخرا. وركزت المترجمة صبرينة ابرباش على أهمية الترجمة في تسهيل فهم المادة المعرفية والتي من خلالها تتمكن الدول العربية من مواكبة العصرنة والوصول الى اكتساب المعارف والعلوم وانتاجها، مشيرة إلى أن هذا لا يتحقق إلا من خلال الوصول إلى تكوين مترجمين والقيام ببحوث في مجال الترجمة، ولعل هذا ما سعى المعهد العالي العربي للترجمة التابع للجامعة العربية والذي تم إنشاؤه بالجزائر سنة 2004، إلى تحقيقه حيث عمل على نسج شبكة واسعة من علاقات التعاون مع وزارتي التعليم العالي والثقافة ومع مختلف الجامعات العربية والعالمية إلى جانب المراكز المتخصصة في شؤون الترجمة واللغات، ناهيك عن المشاركة بالمؤتمرات العلمية والثقافية والسعي لإبرام اتفاقيات لتبادل الخبرات مع جامعات عربية وأجنبية ومؤسسات فكرية. من جهتها، وصفت المترجمة أميرة غواطي من خلال مداخلتها العالم الذي نعيش فيه بعصر المعلوماتية الذي انقسمت فيه المجتمعات بين مستهلكة ومنتجة للمادة المعرفية، وتقول "نحن كعالم عربي نركز على استهلاك المعلومة أكثر من الإنتاج، الأمر الذي دفعنا للتفكير من أجل دفع عجلة الترجمة والانضمام إلى العالم المنتج للمعارف من خلال قيام المعهد العالي العربي للترجمة بتجسيد العديد من المشاريع الواعدة منها مشروع ترجمة للناشئة من "ستة سنوات إلى 16 سنة"، والشروع في التحضير لوضع "معجم الترجمة العربي الموحد والمتعدد اللغات" وكذا العمل على ترجمة أكثر من 100 عنوان الى اللغة العربية من اختصاصات متنوعة كالتاريخ، الجغرافيا، علم الأدب، الاجتماع، الشعر وأدب الأطفال... وذلك في إطار تظاهرة "الجزائر عاصمة الثقافة العربية"، كما عمل أيضا المعهد -تضيف المتحدثة - على ترجمة كتاب "نور على نور" إلى خمس لغات هي الفرنسية، الإنجليزية، الاسبانية، الألمانية والايطالية، إلى جانب مشروع ترجمة كتب علمية على مدى خمس سنوات وغيرها من المشاريع التي جسد بعضها فيما ينتظر البعض الآخر التجسيد على أرض الواقع. كما انقتلت بعدها غواطي إلى شرح المقصود من "تكنولوجيا الترجمة" والتي يقصد بها استغلال التكنولوجيا في مجال الترجمة لعدم قدرة العامل البشري على مواكبة التدفق السريع للمعلومة، وانطلاقا من هذا المبدأ تم اعتماد تكنولوجيا الترجمة بالمعهد العالي العربي كتخصص جديد الهدف منه تغطية حاجة المجتمع الملحة للمادة المعرفية بعدما كانت الترجمة سابقا تستعمل كوسيلة للتواصل أضحت اليوم أداة مهمة لمواكبة التطورات التي يعرفها العالم.