ليس هناك من موعد مثل الذكرى المزدوجة لتأسيس الاتحاد العام للعمال الجزائريين في خضم ثورة التحرير وتأميم المحروقات بعد أقل من عشر سنوات من عمر الدولة الجزائرية الفتية، للتأكيد مجددا على أن للجزائر كافة الشروط والطاقات لرفع التحديات الراهنة بإرساء نظام اقتصادي إنتاجي يرتكز على العمل الخلاق للثروة والابتكار والمبادرة في ظل تكافؤ الفرص واتساع مساحة الحريات تحت مظلة القانون كما ترسمه توجهات الجزائر الجديدة التي يحملها البرنامج الرئاسي. تقاطعت، أمس، قيمة الرصيد التاريخي الذي أنجزته أجيال متعاقبة من تحرير الجزائر من براثين الاستعمار الفرنسي الغاشم، إلى استرجاع السيادة الوطنية على الثروات الطبيعية، بالتطلعات الكبيرة التي تستدعي التفاف القوى الوطنية بكافة التنوع والاختلاف في التصورات حول مسار النهوض مجددا بالبلاد لترتقي إلى موقعها الطبيعي ضمن كوكبة البلدان الناشئة، اعتمادا على مواردها الطبيعية والبشرية ذات الكفاءة المشهود لها في الإصرار على رفع كل التحديات وخوض المعارك التي تتعلق بالسيادة الاقتصادية، كما هو الأمر اليوم، في ظل عولمة شرسة تستهدف حرية الشعوب ومقدراتها. هذا المنعرج الحاسم للتحول الاقتصادي، بما في ذلك الشق الطاقوي منه، يشكل صلب مخطط عمل الحكومة المستوحى من الالتزامات 54 للبرنامج الرئاسي، الذي يسطر معالم المرحلة الراهنة برؤية شاملة تعطي لكل فرد مكانة في الديناميكية الجديدة لبلوغ الأهداف الوطنية الكبرى، مركزها الإنسان الجزائري، لإدراك مستوى متقدم من الرفاهية تتعزّز فيها مكوّنات المجتمع وبالذات القدرة الشرائية كمحرك للنمو وعنصر محوري لمعادلة الثقة التي تشكل وقود قوة البذل والعطاء في عالم الشغل والمؤسسات، حيث تخاض المعارك يوميا من أجل تحسين الإنتاج والإنتاجية، في وقت تعرف فيه مكافحة الفساد فعالية ملحوظة، بما لا يدع مجالا للريبة بأن العزيمة صلبة لقطع دابر هذه الظاهرة التي كادت أن تقضي على مقدرات الشعب الجزائري، لولا أن الإرادات الوطنية الطيبة والمخلصة بادرت ضمن المسار الدستوري بإنهاء مغامرة شكلت حينها خطرا على أجيال بكاملها وتجسد الحل الدستوري المفتوح على مراجعة قادمة تستوعب مطالب الشعب المعبر عنه في مشاهد حراك سلمي أسبوعي يهتف بالجزائر وطنا وبالمواطنة مكسبا لا يقايض مهما كانت الشعارات براقة ومغرية.