شهدت أسعار النفط انهيارا غير مسبوق بسبب فيروس»كورونا»، الذي أثرا كثيرا على معادلتي العرض والطلب عبر الأسواق العالمية، حيث جعلها تتهاوى إلى أدنى مستوى لم يسجل، منذ عام 2009، بعد أن انخفضت بشكل قياسي إلى مستوى 31 دولارا للبرميل، وعمّق هذا التراجع مصحوبا بالمزيد من الخسارة المتكبّدة، قرار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، حظر السفر من دول أوروبية إلى الولاياتالمتحدة، بعد إعلان فيروس كورونا المستجد وباء عالميا، ما أشعل فتيل المخاوف من جديد بشأن تدّني معدلات الطلب العالمي على النفط. ويرتقب تسجيل تضرر كبير للمنتجين للنفط بعد تراجع حاد في الطلب على وقود الطائرات وعدة أنواع أخرى من الوقود. أكيد أن الجزائر ستواصل مساعيها ولن تتوقف عن بذل مختلف الجهود، من أجل اقناع الشركاء في «أوبك» وخارجها واقناعهم بتبني حلول منصفة للمنتجين، وتساهم بدورها في تحسين الوضع من خلال بحث مختلف الحلول مراهنة على دبلوماسيتها الطاقوية، ورصيدها السابق من الخبرات وعلاقتها مع مختلف الدول التي تحظى فيها بثقة كبيرة. بالكثير من التشاؤوم تعتقد منظمة «أوبك» أن توقعات النمو قريبة من الصفر لهذا العام، بفعل الانتشار الواسع للفيروس خارج الصين. في وقت تتقاطع مختلف التوّقعات حول تسجيل نمو عالمي ضعيف، لا يتعدى نسبة 2.4 ٪ عكس التقديرات السابقة التي كانت تترقب الوصول إلى مستوى 3 ٪، الجدير بالاشارة أن وكالة الطاقة الدولية دقت ناقوس الخطر ولم تخف أن الطلب على النفط سينخفض، خلال عام 2020 للمرّة الأولى بشكل قياسي لم تشهده، منذ اشتعال الأزمة المالية في عام 2008، بسبب تفشي الفيروس القاتل، الذي أثر كثيرا على حركية الاقتصاد العالمي. ورغم أن تأثيرات الوباء التي ينظر إليها على أنها شلل مؤقت، لكن أسعار النفط عاودت تسجيل خسائر حادّة مع إعلان منظمة الصّحة العالمية فيروس كورونا وباء عالميا. تراجع الاستثمار يبدو أن دول «أوبك» لم تجد أمامها سوى خيار العودة إلى زيادة الإنتاج، في ظل إصرار روسيا على التخلي عن اتفاق خفض الإنتاج، بداية من شهر أفريل الداخل، هذا ما فتح الباب على مصراعيه لاشتداد منافسة حادّة بين المنتجين الشركاء في «أوبك+» حول الحصص السوقية عبر الأسواق النفطية، على خلفية أن معظم هذه الحصص بدأت تتلاشى وتتقلص مساحتها، بفعل تراجع الطلب على النفط وخاصة وقود الطائرات. ويرجع تأثر أسواق النفط والأسعار بشكل خاص بسبب تفشي فيروس «كورونا» القاتل إلى تكبّد الاقتصاد العالمي للكثير من الخسائر ومواجهته لتحدّيات لم تكن في الحسبان، نتج عنها تقلص الاستثمار وتجميد العديد من المشاريع في الصين وبعض الدول الأوروبية التي عصف بها الفيروس بقوّة وعنف. وتمكن هذا الفيروس من خلط جميع الأوراق، وصعّب من مهمة تتويج آخر اجتماع ل»أوبك+» لنتائج تواصل دعم الأسعار وامتصاص التخمة. المشاورات مازالت مفتوحة من المرّجح أن تستمر التداعيات الاقتصادية على النفط والنمو العالمي في حالة الفشل في السيطرة على الوباء، لكن ومع هذا يبدو الأمل كبيرا في ظل تسجيل الصين لمؤشرات إيجابية في احتواء الفيروس، رغم أن السوق تواجه تحدّيات لا ينبغي أن يستهان بها، بفعل تعثر مفاوضات آخر اجتماع «أوبك+» والتي جاءت لتعلن عن بداية انتهاء تقييد المعروض العالمي، الذي دعّم الأسواق، خلال السنوات القليلة الماضية، غير أن باب المشاورات بين المنتجين مازال مفتوحا، وهذا لا يمنع أن يتوصل الشركاء إلى حلول أخرى، من شأنها أن تدعم الأسعار لمرحلة جديدة، على اعتبار أن الأسعار المنخفضة لا تخدم لا الإنتاج ولا الاستثمار في سوق النفط، بل سلبيات الأسعار المنخفضة ستكون له تأثيرات سلبية مستقبلية على المنتج والمستهلك للنفط على حد سواء، من خلال توقف الاستثمار والتنقيب والاستغلال. ويذكر أن الوكالة الدولية للطاقة كشفت أن الطلب على النفط ينتظر أن ينخفض ب 1.1 مليون برميل يوميا، أي سيتراجع بحوالي 90 ألف برميل في اليوم مقارنة بالعام الماضي. ورغم أن معطيات جديدة باتت تتحدث عن سيطرة قريبة وأكيدة من الصين على الفيروس، قبل نهاية شهر مارس الجاري، لكن الأسواق النفطية في منحى تنازلي وعلى وقع الصدمة، لا يمكن أن تتعافى إلا بانتعاش الاقتصاد الصيني، من خلال التخلص النهائي من آثار الفيروس. وتشير آخر الاحصائيات إلى أن العديد من المتعاملين يغتنمون في الوقت الحالي الفرصة بهدف ملء الخزانات بالنفط لتخزينه، من أجل تسليمه في وقت تتعافى فيه الأسعار، التي بحسب تقديرهم لن تبق في مستواها المنخفض لوقت طويل، لأن الأزمة ستنتهي في غضون أسابيع معدودة فقط.