سابقة قد تكون الأولى من نوعها، تلك التي عرفتها السوق النفطية في نهاية الأسبوع الماضي، حيث كانت مجرد وشاية أطلقتها بعض وسائل الإعلام الإيرانية حول انفجار في خط أنابيب النفط بالسعودية، كافية لإحداث شبه زلزال في أسعار الخام التي قفزت في يوم واحد بأكثر من خمسة دولارات. في بورصة نيويورك ارتفع الخام إلى أكثر من 109 دولار للبرميل، بينما بلغ مستوى خام برنت 4ر128 دولار للبرميل، وهو أعلى مستوى لم يسجل منذ ثلاث سنوات ونصف السنة، لتتراجع جل الأسعار إلى مادون 125 دولار لخام بحر الشمال المرجعي، البرنت وإلى 104 دولار للخفيف الأمريكي، بعد أن تبين أن الأخبار التي تناقلتها وكالات إعلامية، لم يكن لها أي أساس من الصحة، خاصة أن مسؤولين سعوديين سارعوا إلى تكذيب حدوث أي انفجار في أنابيب النفط. هذه الحادثة الفريدة من نوعها، تؤكد مرة أخرى، وبما لا يدع أي مجال للشك، أن السوق النفطية تزداد هشاشة وتبدو مضطربة أكثر من أي وقت مضى، وسط استمرار توتر الأوضاع على أكثر من صعيد، سياسيا وعسكريا واقتصاديا، فالتهديدات الغربية المستمرة على إيران حول مشروعها النووي واحتمال نشوب حرب في المنطقة، وتداعيات الأزمة السياسية المعقدة في منطقة الشرق الأوسط ساهمت إلى حد كبير في زعزعة استقرار السوق النفطية المضطربة أصلا في أعقاب حالة الركود الإقتصادي التي طال أمدها ويبدو أنها وجدت ملاذا لها في منطقة اليورو والتحديات الكبيرة التي تواجهها الدول الأوروبية لإنقاذ ما يمكن إنقاذه. إيران التي تواجه حظرا نفطيا وعقوبات اقتصادية متعددة، باتت تستعمل كل الأساليب للضغط والرد على المجتمع الدولي، من خلال التهديد بغلق مضيق هرمز الذي تعبر منه شاحنات نفط بكميات كبيرة من جهة أو إفتعال شائعات كتلك التي أطلقتها قبل يومين للرد بطريقتها الخاصة على التهديدات الغربية المتواصلة عن طريق استعمال النفط كسلاح من جهة أخرى ونجحت الى حد كبير في إرباك الغرب عموما وجيرانها العرب من الخليجيين وساهمت في استمرار تذبذب أسواق النفط وفي مختلف التوقعات حول مستقبل وأسعار الخام الذي يواصل صعوده بكثير من الثبات، في الوقت الذي تشهد فيه الأسواق فائضا في العرض، وفي الوقت الذي تشهد فيه أيضا الورقة الخضراء إرتفاعا ولو طفيفا، وهي عوامل اقتصادية، كانت فيما مضى تساهم في تراجع أسعار الخام، مما يؤكد مرة أخرى أن تفاعلات قوانين السوق لم تعد تجدى، في ظل التوتر الشديد الذي يشهده العالم والذي ألقى بظلاله على صناعة وتجارة المحروقات.