اشتدت حدة التوتر بين إيران والاتحاد الأوروبي، على خلفية العقوبات الجديدة التي أقرها الأوروبيون على طهران بسبب برنامجها النووي المثير للجدل، حيث شملت هذه العقوبات حظرا تدريجيا على النفط الإيراني، رغم التردد الذي أبداه اليونان، لاعتماده الكبير على الخام المتأتي من طهران. لم تمض إلا أيام عن اتخاذ قرار العقوبات، حتى بدأت تداعيات التوتر بين الطرفين تأخذ أبعادا أخرى قد تلقي بظلالها على وضعية السوق النفطية، بعد أن أكد آخر تقرير صدر عن صندوق النفط الدولي، أن أسعار النفط قد ترتفع ب30٪ في حالة ما إذا دخلت العقوبات الأوروبية والأمريكية والأسترالية وغيرها حيز التنفيذ، مما يعني أن توقف الصادرات النفطية الإيرانية أو معظمها، سيؤدي إلى تراجع الإمدادات النفطية بما لا يقل عن 1،5 مليون برميل في اليوم، وهذا كاف لوحده لارتفاع الأسعار، بما يزيد عن 30 دولار للبرميل، وقد يصل إلى حوالي 150 دولار. وتتقاطع تحذيرات صندوق النقد الدولي، مع تلك التي عبّرت عنها إيران حول تداعيات الحظر الأوروبي على النفط الإيراني وانعكاساته المحتملة على الأسعار، خاصة وأن طهران لا تزال تلوح بإغلاق مضيق «هرمز» الذي تعبر منه حوالي 20٪ من الإمدادات النفطية العالمية، وذلك كرد فعل على التهديدات الغربية بوقف استيراد النفط الإيراني. تقرير «الأفامي»، قلل بشكل كبير من إمكانية تعويض النفط الإيراني، على الرغم من التصريحات السعودية حول تغطية أي نقص من الإمدادات، حيث جاء في ذات التقرير، أن المزيد من العقوبات على إيران سيؤدي حتما إلى فقدان كميات هامة من النفط في الأسواق العالمية، دون أن يستطيع أي بلد منتج تعويض النقص في الإمدادات، الأمر الذي دفع بالأفامي إلى التحذير من ازدياد المخاطر الحقيقية، في الوقت الذي يبدو فيه الأوروبيون والأمريكيون منشغلون بالعقوبات على إيران بسبب برنامجها النووي دون الأخذ بعين الإعتبار، لما سيؤول إليه الوضع بعد تعطل إمدادات النفط الإيرانية. وتعتقد بعض الدول الأوروبية، أنها تكون قد تلقت ضمانات أكيدة من السعودية لتعويض النفط الإيراني رغم تحذيرات خبراء الأفامي، ورغم تحذيرات إيران للسعودية، وكل دول الخليج من أية محاولة تهدف إلى المساهمة في العقوبات الغربية، حتى لو كان بنسبة ضئيلة، مثلما ورد في تقرير «الأفامي» الذي لفت الإنتباه إلى أن الطرق البديلة موجودة، ولكن بنسبة ضئيلة لا يمكنها تغطية كمية النفط الإيراني. وفي خطوة إستباقية، تسعى إيران إلى استصدار قرار داخلي يمنع بموجبه تصدير الخام إلى أوروبا، كرد فعل على العقوبات الأوروبية، وما يخشى الاتحاد الأوروبي، أن تلجأ طهران إلى قطع فوري لامداداتها نحو أوروبا، قبل دخول الحظر النفطي حيز التطبيق، الأمر الذي لا يتماشى وسياسة التسوية التي توصل إليها الإتحاد الأوروبي حول الحظر، نتيجة لتردد اليونان، البلد الأوروبي الأكثر معاناة من تبعيات أزمة منطقة «اليورو»، ومن ثم تم اقتراح مرحلة انتقالية تبدأ من جويلية القادم، تُلغى فيها كل العقود المبرمة، على أن لا تُبرم أي عقود جديدة مع طهران بموجب قرار الحظر الذي أعلن عنه بحر الأسبوع المنصرم. لا تزال أسواق النفط تتعرض لضغوطات متزايدة تسير بها باستمرار نحو بقاء الأسعار في مستويات مرتفعة وتتعدى في المتوسط 100 دولار للبرميل، وقد زادت حدة التوتر بين الغرب وإيران من ارتفاع الأسعار، حيث تجاوز خام برنت المرجعي 110 دولار للبرميل في آخر التعاملات، بينما اقترب الخام الأمريكي الخفيف من عتبة 100 دولار، مسجلا مستوى 99،10 دولار/ برميل، قبل إغلاق الأسواق.