دخل الحجر الصحي أسبوعه الثالث مع تمديده من الساعة الثالثة بعد الظهر إلى السابعة صباحا، في إطار مجابهة انتشار فيروس كورونا. لكن الملاحظ أن بعض المواطنين لم يستطيعوا استيعاب معنى الحجر الصحي، الذي يعتبر أنجع وسيلة للحد من انتشار الوباء، لأن جوهره الأساسي التباعد الاجتماعي؛ بمعنى لا خروج من المنزل إلا لضرورة. يصل المتجول في مختلف الأحياء خاصة ذات الكثافة السكانية إلى نتيجة، أن المواطن فهم كل تلك الإجراءات المتخذة لمكافحة كوفيد-19 فهما خاطئا، حيث حيّدت عن غايتها التي وجدت من أجلها، فبدل تعزيز شعور المواطن بمسئوليته تجاه محاربة انتشار الوباء، وعوض تسلحه بالوعي من خلال احترامه كل الإجراءات الوقائية والاحترازية، خاصة البقاء في المنزل، أخذ يبحث عن المواد الأساسية لتخزينها خوفا من الندرة، ورغم التطمينات إلا أن المواطن لم يستطع تجاوز رغبته الملحة في التخزين. هذه العقلية تعبر عن استخفاف واضح بكل التوصيات التي يقدمها المختصون، لأن الأمر هنا ليس متعلقا بأزمة غذاء بل بفيروس سريع الانتشار، وكل مصاب لم يع خطورة الأمر بإمكانه نقل العدوى للحي الذي يسكنه في اقل من أسبوع، فما فائدة تخزين مواد غذائية دون احترام شروط الحجر الصحي، وما فائدة الالتزام بالحجر الجزئي مع تجول طول النهار؟. صحيح أن المتطلبات اليومية للأسرة يجب تلبيتها، لكن على رب العائلة اختيار شخص واحد يقوم بهذه المهمة مع أخذ جميع الاحتياطات اللازمة للحد من خطر العدوى. لكن الأكيد أن تلك الطوابير حول مادة السميد، أو داخل المحلات وعدم احترام مسافة الأمان بين الأشخاص أو الخروج المتكرر من المنزل، تطرح تساؤلات. فعقلية «المطمورة» تغلبت على أي وعي موجود والتفكير في الظفر بمادة استهلاكية لتخزينها أهم عند البعض من المساهمة في الحد من انتشار الفيروس. و»المطمورة» موروث لكثير من الشعوب، كانت وسيلة الأجداد للتخزين، توضع في جوفها الحبوب كالقمح والشعير لتأمين الطعام الذي كان القمح أساسه، لكنها وجدت في زمن كان فيه التطور الحاصل اليوم أمرا مستحيلا، لذلك كان لزاما على المجتمع أن يتخلص من عقلية «المطمورة» في ظل حرب ضد وباء أهم سلاح فيها لتحقيق النصر وعي المواطن ومسئوليته تجاه وطنه ومجتمعه. لذلك، على المواطن أن يتأكد أن أغلب المختصين يؤكدون على أن ما من استراتيجية لمجابهة فيروس كورونا سوى الاعتماد على وعي المواطن في اتباع الحجر الصحي بالبقاء في المنزل، ولولا ذلك ما كانت السلطات تسرح العمال من المؤسسات وتكييف العمل عن بعد، ولما قبلت بالتبعات الاقتصادية الكبيرة للحجر، وبالتالي يتوجب التقيد طواعية بإجراءات الاحتراز والوقاية من الفيروس لتفادي الكارثة.