يفصل، بدءا من اليوم، تسعة أيام عن انقضاء الفترة الثانية من الحجر التي ستناهز في ذلك التاريخ قرابة شهر من الحجر الكلي على البليدة والحظر الجزئي على العاصمة وكبريات المدن، قبل أن يمدد إلى كل ربوع الوطن. تاريخ يتزامن وبلوغ الذروة، وفق المختصين، ما ينبئ بالتحديد لفترة أطول، في محاولة للخروج بأقل الأضرار من الفيروس الفتاك. بغض النظر عما إذا كانت خيارات مجابهة «كوفيد-19» موفقة، إلا أنه يحسب للدولة عدم التردد في اتخاذ قرارات هامة، على غرار تقديم العطلة الربيعية بأسبوع كامل، وإخضاع مئات المسافرين الوافدين للحجر الصحي بالفنادق، وقبل ذلك توقيف حركة وسائل النقل وتسريح 50٪ من العمال. إلى ذلك، تقرر حجر كلي على ولاية البليدة مركز تفشي الوباء، وحظر تجوال على العاصمة التي تأتي في المرتبة الثانية من حيث الإصابات، ليشمل لاحقا عدة ولايات أخرى منها وهران، قبل أن تزداد رقعة انتشار المرض الذي وصل اليوم إلى 46 ولاية، ليوسع الحظر إلى 48 ولاية، ويتم تمديد ساعاته من 12 إلى 16 ساعة كاملة، وتحديدا من الساعة الثالثة بعد الزوال إلى السابعة من اليوم الموالي. وفي الوقت الذي بدأت فيه دول متقدمة زمنيا من حيث انتشار الفيروس، في الرفع التدريجي للحجر، الذي حذرت منه المنظمة العالمية للصحة، لعدم استبعادها موجة ثانية من الانتشار، فإن الجزائر تقترب تدريجيا من الذروة، التي رجح بعض الخبراء أن تكون بعد نحو أسبوع أو أسبوعين، ما يجعل تمديد الحظر والحجر حتمية أكثر منه خيارا. والجزائر التي تسجل نسبة وفيات تستدعي رفع الحيطة، تجاوزت الخاضعين للعلاج 1700 إصابة اليوم، حيث بدأت أرقام حالات الشفاء ترتفع من يوم إلى آخر، بعد إعتماد بروتوكول العلاج بالكلوروكين، الذي يحسب لها أيضا في السياسة التي تنتهجها في التعامل مع المرض، ذلك أنها لم تتردد في اعتماد العلاج قبل توسيعه لكل من يعانون من الأعراض حتى قبل إجراء اختبار، في محاولة لإنقاذ أرواحهم وتفادي حالات معقدة تستلزم الإنعاش. وإذا كان هناك اختلاف اليوم، فإنه يخص خيار الحجر الكلي المقتصر على مدينة الورود والتي تسجل العدد الكلي من الإصابات منذ تسجيل حالتين لامرأة وابنتها مطلع مارس الماضي، كأول حالة مؤكدة بعدما انتقلت إليهما العدوى عن طريق قريب يقطن بفرنسا، ففي الوقت الذي عمدت فيه دول إلى حجر كلي، أثبت فعاليته بعد أسبوعين من اعتماده، فضلت دول أخرى، وليس الجزائر فقط، خيار حظر التجوال، امتد في مرحلة أولى من السابعة مساء الى نفس الساعة من اليوم الموالي، قبل أن يمدد بأربع ساعات، بعدما شهدت الإصابات منحى تصاعديا. ولعل الأمر الأكيد، أن الحديث عن تخفيف التدابير الاحترازية التي لا يمكن الحكم على نجاحها من عدمه، إلا على ضوء الأرقام التي تسجل الأيام المقبلة وبعد مرور فترة عن دخولها حيز التنفيذ، وهو سابق لأوانه في الظرف الراهن، حتى وإن يجري الاستعداد له، لأن الجزائر وبكل بساطة لم تبلغ الذروة، التي تبدأ بعدها المرحلة التنازلية من الانتشار. ومرحلة الذروة ستتزامن مع الأسبوع المقبل، أي قبل حلول شهر رمضان الفضيل الذي تفصلنا عنه أيام قلائل. وكان المسؤول الأول على قطاع الصحة الوزير عبد الرحمان بن بوزيد، أكد أن رمضان سيخضع لنفس التدابير والتعليمات، وهو أمر منطقي؛ ذلك أن العادات وكذا سلوك المواطنين، الذين يفضلون الخروج وزيارة الأقارب، لن يزيد الوضع إلا تعقيدا، لاسيما إذا تمكنت الجزائر من احتواء الوضع، أو إذا تراجع الفيروس، وهو احتمال وارد وفق الخبراء في علوم الأوبئة الذين تحدثوا عن احتمال اندثاره في غضون الشهر الجاري، على غرار الكثير من الفيروسات. ومهما تكن التطورات، فإن الحجر ضروري لتفادي الموجة الثانية. ورغم بعض السلوكيات السلبية في البداية، إلا أن أغلب الناس باتوا يدركون خطورة الفيروس، الذي لا يرحم من يصيبه من كل الفئات، بمن في ذلك الأطفال، إلا أن القرارات التي كللت اجتماعات على أعلى المستويات، ستحقق نتائج إيجابية، وقد تجنب الجزائر الأسوأ، لاسيما أنها اتّخذت الاحتياطات الصحية مبكرا مقارنة بدل أخرى.