تتوفر المنظومة المائية للجزائر حاليا على 69 سد ا و15 مشروعا في طور الانجاز بما يعزز الاحتياطات المائية للبلاد التي يتوقع أن تبلغ ما مجموعه 9 ملايير متر مكعب من المياه السطحية في حدود سنة 2014 أو السنة الموالية، كما أعلنه وزير القطاع مؤخرا بمناسبة إحياء اليوم العالمي للماء، علما أن البلاد كانت تتوفر فقط على 14 سدا صغيرا بحجم كلي لا يتعدى 300 مليون متر مكعب. المياه أو البترول الأخضر هي رهان استراتيجي في ظل ما تفيد به الدراسات عبر العالم، إن الاتجاه يسير نحو احتمال نشوب نزاعات دولية مستقبلا حول منابع ومصادر المياه خاصة في منطقة البحر الأبيض المتوسط التي ترشح لأن تكون عرضة للجفاف وندرة هذا المورد الثمين. وضمن الانشغال بهذا التحدي الاستراتيجي بادرت الجزائر مع مطلع العشرية الماضية بتسطير برنامج لتنمية الموارد المائية وفقا لنظرة مندمجة ومتكاملة تعتمد على موارد طبيعية وأخرى اصطناعية تتمثل في تحلية مياه البحر عبر شبكة محطات تمتد على طول الساحل الوطني وأبرزها محطة الحامة بالعاصمة. وتجسدت أولى الأهداف من البرنامج الذي رصدت له الدولة موارد مالية غير مسبوقة، فاختفى هاجس ندرة المياه الذي خيم في الماضي القريب، مهددا المواطن في استهلاكه العادي والجهاز الاقتصادي والفلاحة، وهي صورة لم تعد موجودة اليوم، لكن يبقى الأمر مرتبطا بضرورة الانتقال إلى مستوى متقدم على صعيد الاستهلاك العادي والاقتصادي من حيث الاقتصاد ومكافحة التبذير، تحسبا للتوقعات المستقبلية بشأن قطاع لا يقل أهمية عن قطاع الطاقة التقليدية أو المتجددة. ويرتكز البرنامج الوطني للمياه على إقامة منشآت قاعدية تنطلق من انجاز السدود عبر المناطق الملائمة والمؤهلة من حيث المصبات، وبناء محطات تحلية مياه البحر من الحجمين الكبير والمتوسط وأثمرت عددا من المحطات التي تغطي نسبة معتبرة من الاحتياجات وتنتهي بتطوير شبكة محطات المياه المستعملة وتنمية المياه الجوفية على غرار انجاز قناة توصيل المياه من عين صالح إلى تمنراست التي تخلصت من العطش وأدركت التنمية من بابها الواسع ضمن الديناميكية الوطنية للتنمية من خلال بعث الاستثمار في شتى المجالات. كما يسجل انجاز قناة تحويل المياه من مستغانم إلى وهران عبر أرزيو وهو الانجاز المسمى “ ماو “ الذي يوفر ضمان التموين بالمياه لناحية غرب البلاد المعروفة بقلة مواردها. كل هذا التوجه يؤسس لدعائم الأمن المائي المرتبط مباشرة بالأمن الغذائي ومن ثم ضمان التنمية المستدامة التي تفتح آفاقا واسعة للأجيال وحمايتها من أي مخاطر محتملة يخفيها المستقبل في عالم لا حظ فيه للضعفاء اقتصاديا بالدرجة الأولى.