''أكثِر من الرمي بالحجر تصيب الهدف'' هذه المقولة الشعبية اعتمدتها أغلبية الأحزاب وبالأخص الإسلامية، وبأخص الأخص كتلة ما يسمى ''الجزائر الخضراء''، كسياسة منتهجة لتحقيق أكبر قدر من المطالب، من بينها ''شفافية الانتخابات، وتزوير الإدارة''... رغم أن القاضي الأول فصل فيها مرارا وتكرارا، حيث أسند الإشراف على العملية الانتخابية إلى قضاة أكفاء محايدين وضمَّنها بمراقبين دوليين لهم خبرة في هذا الميدان، إلى جانب لجان مراقبة الانتخابات المنتخبة من مختلف التشكيلات السياسية. مع كل هذه الضمانات التي أقرّ الشيخ عبد اللّه جاب اللّه رئيس جبهة العدالة والتنمية بأنها كافية، والذي رفض الدخول في تحالف يرى أنه فاشل من أساسه، على غرار عبد المجيد مناصرة رئيس جبهة التغيير الذي قال: «أخشى أن يستخدم تحالف الإسلاميين لضرب الإسلاميين».. قلت مع هذه الضمانات مازال دونكيشوت ''الجزائر الخضراء'' يركب ''طواحين الريح'' ويحاول أن يصنع من نفسه وحزبه القوة الأولى في الساحة السياسية، وهو الذي انقسم إلى شطرين ''متوازيين'' لا يلتقيان أبدا، مع أنه يحاول دائما أن يرمي بحبات من الحلوى وباقات من الورود إلى خصمه مناصرة بمناسبة أو غير مناسبة طمعا في إعادته إلى صفه والاستنجاد به في اليوم الموعود والجميع على ذلك شهود، وهو يعلم علم اليقين أن الطلاق بينهما كان بائنا وبالثلاث، وحكم ذلك معروف لدى الفقهاء..! وإذا كانت حركة ''حمس'' التي عاشت وترعرعت ونامت في أحضان السلطة محصَّنة بحزبي ''الأفالان'' و''الأرندي'' إلى درجة الاستوزار، ترى بأن خروجها من دائرة التحالف الرئاسي لتلتحق بالمعارضة الشرسة وتركب ''السحابة العابرة'' للربيع العربي التي جاءت بالإسلاميين في تونس وليبيا.. ونصّبتهم إلى حين، نعتقد أن الشعب سيحتضنها كما احتضن ثورة التحرير التي ألقي بها للشعب، على حد قول الشهيد «العربي بن مهيدي» نقول ل''بوڤرة'' ليس كل مرة تسلم الجرّة، لأنك ستخسر ''الڤيرَّة'' ولو غيرت قاعدتك واستراتيجيتك التي أصبحت مكشوفة لدى الخاص والعام، فأنت دائما تستغل الظروف لتغير مواقعك وتركب بل ''تحرڤ'' في أي سفينة توصلك إلى اقتناص الغنيمة منذ التسعينيات.. و''إذا لم تتمكن من الركوب تتعلق'' كتعلقك في التحالف الرئاسي الذي مدد لك عمرك وأنقذك من الإطاحة بك من الذين سحبوا الثقة منك..! ولعل انسحابك من التحالف، هو توقيع لشهادة وفاتك ك''زعيم'' حزب، لأنك لا تستطيع العيش بمعزل عن الآخرين ولما شعرت بأنك على مشارف الغرق استنجدت بحركة النهضة التي دخلت في سبات ولم تنهض منذ الإطاحة بمؤسسها، وحركة الإصلاح، التي لم تعد تعرف ''صلاحها'' هي الأخرى منذ أن تنكرت لزعيمها الروحي. ومعلوم أن الغريق يتعلّق في أي قشة يصادفها بحثا عن النجاة..! خرجة ''أبو جرة وشركاؤه'' أثبتت وأكدت ورسّخت في أذهاننا أنهم من أكبر المستثمرين في الأزمات، ومن أكبر المروّجين لما يسمى ''الربيع العربي'' واقتداء به سرقوا التسمية التي اشتهرت بها تونس الشقيقة وأطلقوها على تكتلهم الثلاثي ''الجزائر الخضراء''، وفي ذلك إسقاط على ''الربيع'' الذي يتميز بالاخضرار.. وحتى يحقق مشروعه وحلمه لجأ السيد أبو جرة إلى سياسة الحرب الإعلامية الهجومية للتأثير على نفسية الناخبين، وإغراقهم بالخطب الطنانة والعبارات الرنانة وإيهامهم بأن كل شيء مزوّر مسبقا، وأن الإدارة متواطئة والقضاء غير محايد، وأن حزبه سوف يكون في مقدمة الأحزاب، إذا لم يقع تزوير، وأن مرشحه ''غول'' سينصب على رأس البرلمان.. منتهجا سياسة الحرب النفسية أو مقولة ''أكذب أربعين كذبة تصبح حقيقة''.. أو اقتداء بزعيم الدعاية الهتليرية ''غوبلز'': ''أكذب أكذب حتى يصدقك الآخرون»! لكن كل هذا ما هو إلا مقدمات لتبرير الفشل الذي يجنيه يوم 10 ماي 2012، عندما يقول الشعب كلمته، وسيعرف أنه يمكن الكذب على بعض الشعب لبعض الوقت وليس كل الشعب لكل الوقت. وسيكتشف أن الجزائر يبنيها الجميع بالأعمال والأفعال وليس بالأقوال والشعارات والعواطف والنكت التي تميت القلب.