أعلن رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون، أنه قد يتم اللجوء إلى إعادة غلق المحلات التجارية التي سمح لها باستئناف النشاط بداية رمضان، إذا ما تسبب نشاطها في زيادة تفشي وباء كورونا. وأوضح في مقابلة صحفية مع مسؤولي بعض وسائل الإعلام الوطنية بثت، أول أمس، على التلفزيون والإذاعة العموميين، بأن «الحكومة لبت طلبات اتحاد التجار وحاولت استدراك ما يمكن استدراكه من الحياة الاقتصادية، ولكن إذا كان هذا يؤدي إلى هلاك المواطنين وإلى وضع المواطنات والمواطنين في خطر، فسنغلق كل شيء وسنرجع لأكثر صرامة في تطبيق الحجر، خاصة وأننا كنا وصلنا تقريبا إلى نهاية الوباء». وكانت الحكومة قررت، بداية رمضان، توسيع قائمة المحلات التجارية التي يمكنها الفتح إلى عدد من الأنشطة، مثل محلات الملابس والحلويات التقليدية، غير أن بعضها شهد اكتظاظا كبيرا بدون التزام التدابير الصحية المطلوبة وهو ما اعتبره الرئيس أمرا «لا يمكن تفسيره». وأكد رئيس الجمهورية قائلا، إن «مهمتنا والتزامنا يتمثل في حماية الشعب قبل كل شيء» بخصوص تفشي فيروس كورونا، لافتا إلى أنه «إذا كانت هناك بلدانا تفضل الاقتصاد على حياة المواطن، فنحن خلاف ذلك نفضل حياة المواطن على الاقتصاد»، مشددا على أن «حياة المواطن الجزائري أولى من كل شيء». وأشار إلى «وجود ارتباط عضوي» بين عدم احترام الحجر الصحي وإجراءات الوقاية من الفيروس، كالتباعد بين الأشخاص، وبين التراجع في النسق الإيجابي في مواجهة هذا الوباء، مشددا على أنه «سيتم التصدي لكل هذه الأمور»، مبرزا أن «الحكومة لبت طلبات اتحاد التجار لمحاولة استدراك ما يمكن استدراكه في الحياة الاقتصادية، غير أنه إذا كان هذا الإجراء سيتسبب في هلاك المواطنين أو وضعهم في خطر سوف نغلق كل شيء (المحلات التجارية) ونعود إلى إجراءات أكثر صرامة». وأضاف بهذا الخصوص، قائلا: «كنا قد بلغنا بالتقريب إلى النهاية (في مواجهة الفيروس)، مشيرا على سبيل المثال إلى أنه بالنسبة لولاية البليدة «منذ ثلاثة أيام، في وقت مضى، كان يتم تسجيل من حالة إلى حالتي إصابة، كما تم تسجيل صفر حالة خلال يومين ونفس الأمر بالنسبة للجزائر العاصمة، واليوم عدنا مجددا إلى تراجع الوتيرة الإيجابية». وأكد في هذا المجال، أن الحكومة «حاولت وضع توازن بين الحجر الصحي وحماية ما يمكن حمايته من الاقتصاد الوطني، بإعادة فتح بعض الأنشطة التجارية»، لافتا إلى أن المشكل «ليس في تخفيف الحجر أو إعادة فتح المتاجر، لكن في تصرفات المواطنين»، من خلال مظاهر الاكتظاظ أمام المحلات وهو أمر، مثلما قال، «لا تفسير له». وأضاف، بأن «الخطة التي اتبعتها الجزائر مع أساتذتها في الطب والمختصين في هذا المجال، أعطت نتيجة وهناك إيجابيات»، غير انه لفت الى انه «كلما توفي جزائري إلا وأصبنا بالألم، سواء تعلق الأمر بالأطباء الذين يواجهون الخطر أو المواطنين». ولدى تقييمه للوضعية الصحية في البلاد جراء الوباء، أشار الرئيس تبون إلى التحسن المسجل من خلال تسجيل انخفاض في عدد الموتى الذي أصبح بأعداد «قليلة»، ناهيك عن عدد الذين تماثلوا للشفاء، مبرزا أن الجزائر وصلت الى «توازنات مقبولة في مواجهة الفيروس». في ذات الإطار، أشار الرئيس إلى أن «كل العالم يجتهد في مواجهة الفيروس، سواء في أوروبا أو الصين أو أمريكا ونفس الأمر بالنسبة للجزائر»، مبرزا في هذا المجال بأن الجزائر «لا تقلد أي دولة وأن قراراتها السياسية والإدارية تبنى بالاستناد إلى رأي علمائها ومختصيها»، مذكرا بأن الجزائر «كانت سباقة» إلى اتخاذ العديد من الإجراءات الاحترازية في مواجهة فيروس كورونا، من غلق للأجواء والملاعب والمدارس والثانويات والجامعات وحتى من خلال إجلاء الرعايا الجزائريين من الخارج ومنهم الطلبة الذين كانوا في مدينة ووهان الصينية. نسهر على حل المشاكل الاجتماعية وحول الموسم الدراسي الحالي، أكد رئيس الجمهورية، أن امتحان شهادة البكالوريا «سيتم اجتيازه»، كما أنه «لن تكون هناك سنة بيضاء». غير أن التدابير التي ستتخذ في هذا الاتجاه، تبقى مرتبطة بالمنحى الذي تأخذه أزمة فيروس كورونا خلال الفترة المقبلة. وتطرق رئيس الجمهورية إلى التدابير التي سيتم اتخاذها بخصوص إجراء الامتحانات المصيرية، عقب تعليق الدراسة في ظل تفشي وباء (كوفيد-19) قائلا، إن «هذا القرار مرتبط أولا بأزمة كورونا»، غير أنه ذكر بالتزامه في وقت سابق، بأنه «لن تكون هناك سنة بيضاء». وبخصوص امتحان شهادة البكالوريا، أكد الرئيس على أنه «سيتم اجتياز هذا الامتحان لكن تبعا للظروف التي تعيشها البلاد»، مذكرا بأن السنة الدراسية تنتهي عادة في أواخر جوان وهو أجل لم يحن بعد. وربط التدابير التي سيتم تبنيها بالمنحى الذي سيأخذه الوباء، ليقول في هذا الشأن «إذا انخفضت الأرقام (المتعلقة بتفشي الفيروس) سيكون هناك حل، لكن في حالة حدوث العكس ستكون هناك حلول أخرى، لكننا لن نضيع السنة الدراسية وسيجتاز الطلبة الامتحان وفقا للدروس التي تلقوها». إلا أنه أشار في هذا الصدد، إلى أنه «لن يتدخل في طبيعة هذه التدابير، سواء تعلق الأمر بتحديد عتبة للدروس أو غير ذلك من الحلول التي يمكن اللجوء إليها، مؤكدا أن الأمر يبقى متروكا للأساتذة ومسيري القطاع». وتوقف رئيس الجمهورية عند الأهمية القصوى التي ينطوي عليها امتحان البكالوريا، لكونه ورقة المرور للجامعة، مطمئنا الممتحنين وأوليائهم بأن الحلول التي سيتم تبنيها ستكون في متناول التلاميذ الذين «لن نحملهم ما ليس لهم القدرة على تحمله». ودائما فيما يتعلق بقطاع التربية، عرج الرئيس على فئة الأساتذة، في رده على سؤال حول إجراءات التهدئة التي تنوي الحكومة اتخاذها مستقبلا، لفائدة الجبهة الاجتماعية من أجل تفادي حدوث اضطرابات اجتماعية. وحرص في هذا الإطار، على التأكيد على أن «شراء الذمم ممنوع»، مشيرا إلى أنه سيسهر على حل المشاكل الاجتماعية وهي «مهمة إلتزم بها، لكن بصفة عقلانية»، ليثمن الوعي الكبير الذي أضحى يتحلى به المواطن في مطالبته بحقوقه. في حديثه عن هذا الشق، خص الرئيس الأساتذة، مؤكدا على أنه سيعمل على حل مشاكلهم المتعلقة بالأجور والقوانين الأساسية وغيرها، لكن وفقا لرزنامة يتم تجسيدها بصفة تدريجية. وفيما يتصل بقطاع التعليم العالي، أشاد رئيس الجمهورية بروح الابتكار لدى الشباب الجزائري والتي اعتبرها أحد أهم الأمور التي أبانت عنه أزمة كورونا، مثمنا «ثروة الأدمغة» التي تتوافر عليها الجزائر والتي تعني «خلق الثروة من لا شيء»، داعيا، بهذا الخصوص، إلى منح الجامعيين الحرية الكافية من أجل وضع حد لهجرتهم نحو الخارج، مؤكدا أن الجزائر تسير نحو «اقتصاد المعرفة». وقال في هذا الإطار: «نحن محظوظون لكوننا بلدا شابا يتوافر على نحو 100 جامعة ومركز جامعي، يتخرج منها سنويا ما بين 250 ألف و300 ألف طالب. كما أضاف، بأنه طلب من وزير التعليم العالي والبحث العلمي تمكين الجامعيين من تفجير طاقاتهم من خلال منحهم الحرية، انطلاقا من كون الجامعة «ليست موزعا للشهادات بل هي أساس التنمية». وفي هذا السياق، أفاد الرئيس تبون، بأنه رخص لكل الجامعات بإنشاء مكتب دراسات تجاري يتعامل مع المحيط الاقتصادي في خطوة ترمي إلى جعل الجامعة «مؤثرا مباشرا في الاقتصاد». وأعرب عن تفاؤله بتحقيق هذه الغاية، مؤكدا على أن «الوضع ليس كارثيا»، حيث سيتم تجسيد النمو الاقتصادي المطلوب من خلال تضافر الجهود مع الجامعة، غير أن هذا الهدف يبقى مرتبطا، مثلما أوضح، بمساهمة «رجال الأعمال الشرفاء. متفائلون بتجاوز الأزمة الاقتصادية كما أكد الرئيس، أن الجزائر تملك من الإمكانات المادية والبشرية ما يمكنها من تجاوز الأزمة الاقتصادية التي تمر بها وبتحقيق نسب نمو عالية بغضون عامين، موضحا أن «الاقتصاد الوطني الذي ظل أسيرا للمحروقات منذ أزيد من ثلاثين سنة، يمتلك حاليا قدرات كبيرة تجعلنا متفائلين». وفي معرض حديثه عن هذه القدرات، أشار بشكل خاص إلى قطاع الفلاحة الذي ينتج ما يفوق 25 مليار دولار، أي ما يعادل مداخيل النفط. واعتبر أن هذا القطاع يمكنه أن يولد قيمة مضافة عالية إذا قام بإدماج الصناعات التحويلية، مذكرا بقراره القاضي بدعم المستثمرين الراغبين في إنجاز مشاريع تعتمد على مواد أولية محلية بقروض بنكية تصل إلى 90 بالمائة من قيمة المشروع. الزراعة الصحراوية قادرة على تلبية الحاجيات كما يمكن للفلاحة الصحراوية من جهتها تقليص فاتورة الواردات بشكل كبير، بحسب تبون. وفي هذا الإطار، أكد أن وزارة الفلاحة تعمل حاليا على توسيع زراعة الحبوب في المناطق الجنوبية قصد تقليص ورادات البلاد من هذه المادة ب20 إلى 30 بالمائة و»هو ما سنصل إليه فعلا بنهاية السنة الجارية». كما لفت إلى الإمكانات المتوافرة في مجال زراعة المواد الأولية المستخدمة في إنتاج الزيت والسكر في هذه المناطق بشكل يلبي جميع الاحتياجات الوطنية. ربط الجامعة بمحيطها الاقتصادي غير أن الثروة الحقيقة للبلاد، كما أكد الرئيس تبون، تكمن في شبابها المبتكر والذي أثبت جدارته خلال هذه الأزمة الصحية، مشيرا إلى تمكن هؤلاء الشباب في بضعة أسابيع من تصنيع عدة تجهيزات طبية، على غرار أجهزة التنفس الاصطناعي وأجهزة الاختبار السريع لفيروس كورونا والذي سيشرع في إنتاجه في غضون عشرة أيام بولاية البويرة. وصرح في هذا الخصوص: «الأزمة تلد الهمة... أقولها بدون ديماغوجية، هناك عبقرية جزائرية، الكل يستفيد منها في مختلف أنحاء العالم، ونحن لا نستغلها». وفي هذا السياق، شدد على دور الجامعة في دعم اقتصاد المعرفة وعلى أهمية ربطها بالسوق، مضيفا بأنه وجه تعليمات لوزير التعليم العالي تقضي بالسماح للجامعات بفتح مكاتب دراسات تمكن المتعاملين الاقتصاديين من الاستفادة منها بمقابل مادي. وفي معرض حديثه عن بواعث التفاؤل بخصوص تجاوز الأزمة الحالية، أوضح أن احتياطي الصرف الأجنبي للبلاد يعرف استقرارا، مؤكدا أنه سيستهلك بوتيرة أقل سرعة مما مضى، بالنظر للقضاء على ظاهرة تضخيم الفواتير عند الاستيراد وهو ما سيمكن من اقتصاد حوالي 30 بالمائة من مصاريف البلاد من العملة الصعبة. واعترف تبون بان وباء كورونا، قيد مساعيه نوعا ما في تطبيق الإصلاحات السياسية والاقتصادية التي تعهد بها غير أنه أكد بأن هذه الورشات مازالت قائمة وبأن هذه الأزمة الصحية تشكل فرصة لتعميق التفكير حولها. وصرح بهذا الصدد: «كنا على وشك الدخول في تغيير الاقتصاد، وزير الصناعة مثلا، كان على وشك الإعلان عن دفاتر الشروط الجديدة الخاصة بالصناعات الميكانيكية والتحويلية. وبهذا الشأن، لفت إلى قيام الحكومة بإنشاء لجان تفكير لما بعد مرحلة الوباء، تعمل على عدة محاور، من بينها إعادة هيكلة الاقتصاد، ودعم الإنتاج الوطني وتشجيع الصيرفة الإسلامية التي يمكن لها استقطاب أموال كبيرة». والتزم رئيس الجمهورية من جديد، بالتكفل بالصناعيين والتجار الذين سجلوا خسائر جراء إجراءات الحجر الصحي، موضحا بأن «الحكومة تعكف على دراسة سياسة محكمة لمساعدتهم»، بحيث تعمل على إحصاء المتضررين الفعليين، لاسيما من خلال تخفيف الضرائب. بالموازاة مع ذلك، سيتم التكفل أيضا بالحرفيين والمهن الحرة وأصحاب المداخيل اليومية المتضررين من الجائحة. وبخصوص المتضررين من إجراء الحجر الصحي، طمأن الرئيس بأن الدولة ستتكفل بمساعدة الصناعيين والتجار والحرفيين الذين سجلوا خسائر بفعل جائحة كورونا وكذا جميع الأشخاص الذين ضاع قوت يومهم بسبب هذه الجائحة. كما جدد التزامه بأن مناخ الأعمال في الجزائر سيشهد تحسنا كبيرا بنهاية العام الجاري. وقال بهذا الخصوص: «حقيقة الظرف الحالي صعب ولكنه ليس كارثيا... إذا رافقنا رجال الأعمال النزهاء الشرفاء، سترون المعدلات التي سيصل إليها النمو في عامين». مشاريع السكن لن تتوقف وأكد تبون، أن المشاريع السكنية لن تتوقف، بالرغم من الصعوبات المالية التي تواجهها البلاد في ظل انهيار أسعار النفط، وهذا التزام مني»، مشيرا إلى أن السكن يعتبر من أهم عناصر برنامج التنمية البشرية في الجزائر، مؤكدا أن المشاريع السكنية ستبعث من جديد «بدون مشاكل»، بحيث تم تسخير الأراضي الضرورية لذلك، وستكون هذه المشاريع أقل تكلفة مما يتصوره البعض. التغيير السياسي لبناء مؤسسات قوية وأكد تبون على ضرورة المرور إلى «سرعة أكبر» في التغيير السياسي، بهدف الوصول إلى مؤسسات قوية وجديدة للدولة الجزائرية. مستعرضا أهم المحاور التي ينبغي مباشرتها في خضم الأزمة الصحية التي تمر بها البلاد على غرار باقي دول العالم، من أجل «تدارك الأوضاع وعدم ترك مجال للفراغ». وبهذا الصدد، كشف رئيس الجمهورية انه أعطى تعليمات للشروع في طباعة مسودة التعديل الدستوري وإرسالها للفعاليات السياسية والمدنية ووسائل الإعلام لمناقشتها وهذا بدءاً من الأسبوع المقبل. يأتي ذلك «من أجل تفادي تضييع الوقت حتى في حال استمرار الحجر الصحي المفروض حاليا نتيجة تفشي وباء كورونا». في ذات السياق، أشار الرئيس تبون إلى انه تم التقدم في مسار تعديل قانون الانتخابات، الذي تسهر على إعداده لجنة مختصة أسندت لها هذه المهمة، «لتخرج الجزائر في الأخير بمؤسسات أخرى قوية مع نهاية السنة»، مؤكدا التزامه بتجسيد هذا المسعى. ويراهن الرئيس في المرحلة المقبلة على المجتمع المدني، الذي دعاه إلى الأخذ ب»زمام الأمور» وتعهد بإعادة «حقه في التسيير»، مبرزا التزامه بذلك منذ أن تم انتخابه على رأس البلاد يوم 12 ديسمبر 2019، مؤكدا أنه سيوافق على «إنشاء أكبر عدد من الجمعيات المدنية، حيث سيكون لها طابع المنفعة العامة ونصيب من الميزانية». وضمانا لاحترام الحريات، أكد الرئيس تبون أن حرية التعبير مضمونة بالجزائر ولكن في حدود «احترام القانون والابتعاد عن التهويل»، مشيرا إلى اعتماده في تعامله مع الصحافة الوطنية على «الحوار المستمر والإقناع». ولفت إلى أنه منذ توليه منصب رئيس الجمهورية، أصبح مقر الرئاسة مفتوحا أمام كل وسائل الإعلام، بما في ذلك الخاصة، مؤكدا أيضا على أنه يعتمد في ذلك على تبني «حوار مستمر والاعتماد على محاولات الإقناع وليس القمع»، غير أنه شدد على أن «هناك أمور لا نقبلها لا نحن ولا الصحافيون الذين يحتجون هم أيضا على الخلط الواقع بين مفهوم الحرية والفوضى». لافتا إلى وجود بعض الغلطات التي «يقوم بها صحفيون نتيجة نقص التكوين أو قلة التجربة، لكنهم يعملون على تصحيحها، لكن هناك من يتعمدون ذلك اعتمادا على جهات أجنبية». وتوقف الرئيس تبون عند «الضجة» التي حدثت مؤخرا بسبب ما سمي بالمساس بحرية التعبير في الوقت الذي يتعلق فيه الأمر بثلاثة أو أربعة صحفيين ينتمون لوسائل إعلامية ممولة من الخارج، مشددا على أنه «لن يتخلى عن السيادة الوطنية وبيان أول نوفمبر مهما كان الأمر»، معربا في هذا الصدد عن استغرابه من هؤلاء الذين يعتمدون على التمويل الأجنبي من أجل «تكسير المؤسسات الوطنية، ليدرجوا ما يحدث لهم نتيجة ذلك تحت باب المساس بحرية التعبير». السيادة ليست محل بيع وشراء الذمم وعرج على دول أخرى توصف بالديمقراطية، غير أنها «لا تقبل بأشياء من هذا القبيل، فلماذا أقبله أنا بحجة أن هؤلاء الصحفيين يتمتعون بحماية أجنبية، فليذهبوا إذاً إلى هذه الجهات لحمايتهم»، يقول الرئيس تبون. وعاد إلى التشديد مرة أخرى على أن «السيادة قبل كل شيء ولن تصبح محل بيع وشراء الذمم». وتابع تبون مبديا تعجبه من صحفي «يستنطق لكونه أدلى بكلام قوي عن الدولة الجزائرية ليذهب بعدها لسفارات دول أجنبية يقوم فيها بعرض حال حول ما حصل»، معتبرا ذلك «ليس ببعيد عما يقوم به العميل المخابراتي». في هذا الإطار، ذكر منظمة «مراسلون بلا حدود» التي قال بشأنها: «رئيسها يدعي الديمقراطية غير أن منظمته لا تتحرك إلا عندما يتعلق الأمر بنا»، متوقفا عند تاريخ أجداده الاستعماري، «لينتهي الأمر به إلى أن أصبح رئيس بلدية ممثلا لحزب متطرف». وبالمقابل، أشاد رئيس الجمهورية، بالكفاءات الصحفية التي تتوافر عليها الجزائر، فضلا عن إسناد تسيير قطاع الاتصال إلى عمار بلحيمر «أحد أكبر الصحفيين بالبلاد»، مجددا التزامه بدعم حرية التعبير التي «لا يمكننا التقدم كثيرا دونها»، لكنه أكد «سنحارب بشراسة التجريح والسب والتشهير والذم والمستوى المتدني الذي وصل في بعض الأحيان إلى خلق مشاكل دبلوماسية من خلال برامج تلفزيونية». كما استعرض مختلف التسهيلات التي تتمتع بها قرابة 126 يومية أغلبها «تقوم بالنشر والطباعة على نفقة الدولة، بالإضافة إلى الإشهار، في حين لا تدفع لا حقوق الاشتراك في وكالة الأنباء الجزائرية، ولا الضرائب ورغم ذلك لم نقم بغلقها»، يقول رئيس الجمهورية. وخلص في الأخير إلى القول إن «الديمقراطية لا تقوم إلا على دولة قوية تعتمد على القانون الذي يكون الفيصل وهو طموحنا الذي نسعى إليه». دور حيوي للمجتمع المدني وأكد رئيس الجمهورية على أهمية المجتمع المدني، الذي ينبغي ان «يستعيد زمام الأمور» في بعث الحيوية في أوساط المجتمع، موضحا بأنه «يجب أن نعيد للمجتمع المدني حقه في التسيير»، مبرزا التزامه بذلك منذ أن تم انتخابه على رأس البلاد يوم 12 ديسمبر 2019. وتابع في هذا المجال قائلا: «لقد ترشحت لرئاسة البلاد باسم المجتمع المدني والشباب. لم أترشح لهذا المنصب لا من طرف أصحاب المال أو غيرهم، أو حتى باسم الحزب الذي أنتمي إليه». وأشار بهذا الخصوص، أنه يجب على المجتمع المدني أن «يستعيد زمام الأمور»، مبرزا بأنه سيوافق على «إنشاء أكبر عدد من الجمعيات المدنية، حيث سيكون لها طابع المنفعة العامة ونصيب من الميزانية». وأشار الى أن هذه الجمعيات ستشمل جميع المجالات، على غرار الصحة والطلبة وحاملي المشاريع وغيرها من مناحي الحياة، داعيا جميع هذه الفئات الى «تنظيم نفسها» من خلال هذه الجمعيات، مذكرا أن إدخال الحيوية في المجتمع يتم من خلال المجتمع المدني، كما شدد الرئيس على أن «المجتمع المدني شيء والتحزب شيء آخر». الأزمة النفطية ظرفية واعتبر رئيس الجمهورية، أن الأزمة النفطية التي تعرفها الجزائر وبقية الدول المنتجة للنفط «جد ظرفية» وليست أزمة هيكلية، مشيرا إلى أن «العجلة الاقتصادية العالمية التي تعطلت بسبب وباء كورونا ستتحرك عن قريب»، مشيرا إلى أن الخبراء يتوقعون عودة أسعار النفط إلى الارتفاع الى حدود 40-45 دولارا في جوان أو جويلية القادمين، مضيفا بأن العجلة الاقتصادية في الصين قد تحركت بالفعل رغم عدم ارتفاع الاستهلاك النفطي لهذا البلد بسبب وجود مخزونات كبيرة لديه، قائلا: «حتى لو انطلق الاقتصاد العالمي بنسبة 20 بالمئة فقط، فإن أسعار النفط سترتفع». واعتبر بأن الأزمة الصحية وكذا النفطية ولدت بالجزائر «ظرفا صعبا، لكنه ليس بالكارثي»،متكهنا بالوصول الى «نمو اقتصادي وطني قوي في غضون عامين»، شريطة «مشاركة رجال الأعمال النزهاء». على صعيد آخر أكد رئيس الجمهورية، تبون، أن الدولة لن تلجأ الى الاستدانة الخارجية ولا لطبع النقود لمواجهة احتياجاتها المالية في ظل تهاوي أسعار النفط، بل ستلجأ الى «الاقتراض من الجزائريين»، قائلا «لن نذهب للمديونية، لن نذهب لا لصندوق النقد الدولي ولا للبنك الدولي، لأن المديونية تمس بالسيادة الوطنية وهي تجربة عشناها بداية التسعينيات». وحول سؤال عن إمكانية العودة لعملية طبع النقود، تساءل الرئيس قائلا: «ومن سيدفع هذا الدين في النهاية؟»، مؤكدا أن خطوة كهذه ستؤدي الى «رفع معدل التضخم، في الوقت الذي يبقى فيه الدخل ثابتا، وعوضا عن هذا، ستتجه الجزائر، الى «الاقتراض من الجزائريين» مع مدهم بجميع «الضمانات اللازمة». وكشف عن حيازة القطاع الخاص غير المهيكل ل «ما يقارب 6.000 مليار دج إلى 10.000 مليار دج من أموال قابلة للضخ»، قائلا: «أفضل أن نقترض من عند جزائريين عوض الاقتراض من صندوق النقد الدولي أو من بنوك أجنبية»، معتبرا أن الأمر متعلق بالسيادة الوطنية. وتابع: «عندما تقترض لدى بنوك أجنبية لن يمكنك التكلم لا عن فلسطين ولا عن الصحراء الغربية...». وأكد أنه سيتم تقديم الضمانات والتسهيلات لأصحاب الأموال للمساهمة في تمويل الاقتصاد، قائلا: «لو طلب فتح بنك إسلامي يعمل دون فوائد، فالباب مفتوح والبنك المركزي مستعد لمنح الاعتماد». أما الاقتراض الأجنبي فسيبقى «ممكنا»، بحسب الرئيس، بالنسبة «للمشاريع الاقتصادية ذات المردودية العالية» مثل بناء ميناء تجاري. استغلال جميع الثروات المعدنية وأعلن الرئيس، عن التحضير لإطلاق مشاريع استغلال للثروات الطبيعية والمعدنية التي تزخر بها البلاد ولم تستغل إلى حد الآن بالشكل المطلوب، مؤكدا أن الجزائر تزخر بثروات هائلة غير مستغلة، مثل المعادن النادرة التي تحتل الجزائر فيها المرتبة الثالثة أو الرابعة عالميا من حيث الاحتياطيات، إضافة إلى الذهب والألماس واليورانيوم والنحاس وغيرها. وتابع قائلا: «أعطيت أمرا لوزارة الصناعة بالقيام بإحصاء دقيق لهذه الثروات، وإعداد دفتر أعباء مع بنوك أعمال» قصد الشروع في استغلالها. واعتبر في نفس السياق، أنه من غير المعقول ألا «تستغل الجزائر هذه الثروات ولا تترك الغير يستغلها»، وأضاف بأنه «إذا تطلب الأمر التشارك مع دول صديقة في هذه المشاريع سنقوم بذلك». قانون مالية تكميلي بأقل ضرائب كما كشف الرئيس، أن قانون المالية التكميلي لعام 2020 سيتضمن تخفيضا لبعض الضرائب وإلغاء ضرائب أخرى، مع تشديد الرقابة على التجارة الخارجية. وفي رده على سؤال حول إمكانية رفع الضرائب في ظل الصعوبات المالية الحالية، أكد أن «قانون المالية التكميلي لن يزيد من الضرائب، بل سيقلصها». وأوضح بأن هذا القانون يستجيب «لرؤية اقتصادية جديدة» تجعل من الميزانية «أداة تنمية»، لاسيما من خلال الحوافز، و»ليس مجرد رصيد ومصاريف». وعلى هذا الأساس، فإن قانون المالية التكميلي سيعمل على رفع المداخيل الجبائية من خلال توسيع الوعاء الضريبي وتخفيف الضرائب. وفي هذا الإطار، سيتم «التخفيف من الرسم على القيمة المضافة وإلغاء بعض الضرائب»، كما أن قانون المالية التكميلي سيتضمن إجراءات لتشديد الرقابة على عمليات الاستيراد لتفادي تضخيم الفواتير، مع منع استيراد أي منتج يمكن إنتاجه محليا ولن يسمح إلا باستيراد المواد الأولية التي يقوم بواسطتها أصحاب المشاريع بإنتاج مواد تكون فيها نسبة الادماج المحلي عالية. وسيجري كذلك العمل على الحد من ظاهرة استحواذ المصدرين للمواد التي قامت الدولة بدعم موادها الأولية على عائدات هذه العمليات التصديرية، بحيث سيتم تسقيف حصتهم ب50٪ أي ما يمثل القيمة المضافة لنشاطهم فحسب. وذكر رئيس الجمهورية، بالتدابير المتخذة لمواجهة انهيار المداخيل النفطية للبلاد، وبالأخص «تقليص نفقات التسيير ب30 بالمائة» وهي النسبة «المرشحة للزيادة إذا تطلب الامر»، فضلا عن تأجيل مشاريع المرافق العمومية. مواصلة مساعدة ليبيا للخروج من أزمتها وبشأن الوضع الإقليمي والأزمة الليبية، أكد الرئيس استعداد الجزائر مواصلة مساعدتها للشعب الليبي من أجل الخروج من أزمته، متأسفا في الوقت ذاته من «الانزلاقات الخطيرة» الجارية في هذا البلد، خاصة في شهر رمضان الكريم، قائلا إن «أشقاءنا الليبيين يتقاتلون ولا زال الدم الليبي يسيل وليس هناك من يعالج وباء كورونا.. خراب في خراب»، متسائلا لماذا كل هذا، «أهو من أجل السلطة، من أجل الحكم وأين هي الدولة الليبية؟» التي قال إنها تعد «من أغنى الدول في شمال افريقيا وفي افريقيا». واستطرد قائلا «إننا كجزائريين، نعرف مرارة مثل هذا الوضع. فلقد سال الدم الجزائري ولا نريد أن يسيل الدم الليبي»، مضيفا القول «لا يمكن فعل اي شيء في ليبيا من دوننا». وأبدى الرئيس، تخوفا من البوادر «السيئة جدا» الحاصلة بليبيا، مشددا على أنه «اذا لم تنطفئ النار فستأتي على الأخضر واليابس لليبيا ولدول الجوار ولغير الجوار»، منبها إلى أن «ليبيا لا تبعد عن إيطاليا الا بعشرات الكيلومترات و»لهذا فان هذا البلد، يشاطرنا الرأي مائة بالمائة بشأن الأزمة الليبية ولقد عبرنا للبلدان عن موقفهما هذا». وبعد ان أكد ان الجزائر ليست مع «هذا الطرف أو ذاك، بل مع الشعب الليبي، قال الرئيس تبون إن «الحلول موجودة» و»لقد سردتها أمام المبعوثين الخاصين للرؤساء الذين حضروا إلى الجزائر»، مشيرا إلى أن «الحل موجود، المجلس الوطني الانتقالي وجيش وطني مؤقت يخرج بحكومة مؤقتة والدخول في الشرعية الانتخابية». وأضاف، «لقد كنا قاب قوسين أو أدنى لحل المشكل الليبي، لكن لم يتركونا. فمنهم من يقول إن الجزائر اذا تمكنت من حل الأزمة الليبية رجعت في الصفوف الأولى للدبلوماسية وأنها دولة خطيرة، إلى جانب حسابات جيوسياسية أخرى». إلى ذلك تناول رئيس الجمهورية موضوع رفض تعيين الديبلوماسي الجزائري (رمطان لعمامرة) مؤخرا كمبعوث الى ليبيا، مؤكدا أنه كان من الممكن ان يساهم في ايجاد حل للمشكل الليبي. جميع القبائل الليبية قابلة للحل الجزائري واضاف يقول، إن الجزائر «قلبها مع ليبيا وصوتها لليبيا وتساعدها بقدر ما تستطيع»، مؤكدا ان الجزائر ليس لديها من وراء ذلك «أي خلفية لا اقتصادية ولا جيوسياسية ولا تسعى للنفوذ ولا غيره». وأضاف، «نحن لم ندخل رصاصة الى ليبيا، بل أدخلنا مساعدات وأدوية الى هذا البلد الشقيق، وهذا ما اعتبره الجوار الحقيقي». قبل ان يعرب عن أمله في ان «يعود الليبيون الى الوعي». وفي السياق ذاته، قال ان «التاريخ سيفرض نفسه فلا أزمة في ليبيا تم حلها بالسلاح، فهذا يقتل ذاك وفي الأخير يتجه الجميع الى طاولة الحوار ومن الأحسن ان يكون ذلك عاجلا وليس آجلا»، مؤكدا ان كل القبائل الليبية قابلة بالحل الجزائري. وبعد أن تأسف «للانزلاقات الخطيرة» الجارية بليبيا، أكد ان الجزائر «لن تتخلى على هذا البلد»، مضيفا القول «نحن قادرين على حل المشكل الليبي لنزهاتنا وحيادنا ولكون الوساطة الجزائرية مطلوبة في كل مكان». وفي جانب من حديثه عن الوضع الليبي، أثار رئيس الجمهورية مؤتمر برلين حول ليبيا وقال «لقد تم إدخال 3000 طن من الأسلحة الى ليبيا بعد شهر من برلين»، مستغربا الامر ومتسائلا: «هل هؤلاء لا يريدون استقرار ليبيا أم أن الجزائر هي المستهدفة». «فلنترك الليبيين يحلون مشكلتهم ونحن مستعدون للمساعدة... صحيح ان قرارنا أن جيشنا لا يخرج خارج الحدود، لكن تقنيا يمكن أن نخرج للمساعدة كالتنظيم مثلا»، يضيف الرئيس عبد المجيد تبون، متمنيا في هذا الشهر الكريم أن «يرجع الليبيون الى وعيهم». وهنا قال إن «من يتبين له أنه قادر على السيطرة فأن ذلك يكون لوقت قصير إذا لم يبنَ على أساس».