يحل عيد الفطر هذا العام في ظروف استثنائية غير مسبوقة بفعل تفشي وباء فيروس كورونا (كوفيد-19) الذي أدخل العالم برمته في دوامة مواجهة عدو غير مرئي وشديد الخطورة لا يمكن الإفلات من شروره، سوى بالتزام قواعد الوقاية والاحتراز، وأبرزها وضع الكمامة الوقائية والحرص على التباعد الاجتماعي باحترام مسافة الأمان والبقاء في البيت كإجراء مضمون لمنع العدوى التي تجد مجالها الوبائي في التجمعات والتقارب البشري والازدحام. لم يكن من سبيل لقطع دابر الفيروس هذه المرة، إلا أن تلجأ الدولة إلى دعوة المواطنين قاطبة إلى البقاء في حالة حجر منزلي جزئي، مع تطبيق إجراءات منع الحركة للمركبات بمختلف أنواعها خلال يومي العيد، أملا في توجيه ضربة قوية للفيروس بحرمانه من كل ما يجد فيه متنفسا، خاصة وأنه نال كثيرا من مواطنينا ووضع البلاد كلها على حافة توقف اقتصادي سوف تكون كلفته باهظة إذا لم يتدارك المواطنون درجة الخطر وانخرطوا طواعية وبإرادة إيجابية في معركة حاسمة تتطلب فقط البقاء في البيت واتخاذ أسباب الحيطة والحذر. أمام معركة مصيرية بمعنى الكلمة، صحية واقتصادية وإنسانية، أصبح من الضروري أن يعي المواطن قيمة الوقت الذي يضيع دون تسجيل كسر لموجة الفيروس ولذلك يستوجب الموقف التضحية بتقاليد وعادات ترتبط بالعيد لأجيال وأجيال في موقف تضامني يتفهمه الجميع لإعادة بناء جدار الوقاية من الوباء والتحضير بسرعة لما بعد كورونا، قصد رفع التحديات التي تنتظر الجميع أفرادا ومؤسسات وهيئات، لبناء الجزائر الجديدة قوامها العمل والإبداع والمبادرة ولكن الأكثر أهمية تجاوز الأزمة الصحية. وبالرغم من صعوبة الظرف، يمكن وبشكل مثير إحياء عيد الفطر وبسط الفرحة على عموم بيوت الجزائريين في ظل احترام الحجر طواعية وبإرادة، كمساهمة في المجهود الوطني لوقف تمدد الفيروس وكعربون تقدير لمن هم في الصف الأول يواجهونه بقوة لا تلين، معرضين أنفسهم للعدوى وتداعياتها الخطيرة، على غرار ما يعرف بالجيش الأبيض، الذي لهم علينا دين ينبغي الوفاء به بالبقاء في البيت ووضع الكمامة في الشارع، بعيدا عن سلوكات الاستهتار التي تعرض الجميع للخطر وهو ما لا يمكن قبوله والتعامل معه بما يليق. تشكل سلامة الصحة العمومية للمجتمع القلب النابض لمواصلة مسار البناء في ظل أزمة مركبة مالية ووبائية، تتطلب الرفع من مستوى التجنيد لكل الموارد والإمكانات وكذا الأداء في جميع المواقع لإنجاز أهداف الانتقال الاقتصادي والحوكمة، من أجل التموقع في وقت قياسي ضمن المشهد العالمي في مربع البلدان الناشئة، التي لا تهتز أمام تقلبات الأسواق، ويعتبر الإنسان فيها الرقم الثابت في هذه المعادلة، ومن ثمة كان منذ البداية الحرص على سلامة المواطن والسهر على تجنيبه مخاطر الوباء الفتاك الذي يعرض اقتصاد بلدان قوية للركود وبعضها على حافة الفشل.