ادعت القوى الاستعمارية عند احتلالها لبلداننا أن من دوافعها الأساسية إدخال الحضارة والرقي بمجتمعاتنا المتكونة آنذاك من قبائل وشعوب تربطها عوامل متينة كالدين والتراب واللغة. لكن وكما نعلم جميعا لم تكتف باستغلال ما فوق الأرض وما في باطنها بل كانت تسعى لتدمير شخصيتنا والقضاء على كل مكوناتها ومقوماتها. وبعدما استرجعنا سيادتنا وأردنا الإلتحاق بركب الدول المتقدمة باتخاذ النموذج السائد عالميا ألا وهو النظام الديمقراطي، ها هي تعيد الكرّة من جديد خشية من التطور الحقيقي لبلداننا كي تعود بنا إلى نقطة الصفر وتبقى هي صاحبة الحل والربط، فتشهر ورقة الديمقراطية كي تحطم من جديد ما بنيناه منذ عصور على مستويات عدة من بينها: جغرافيا: إذ تسعى إلى إعادة النظر في حدودنا الموروثة عن العهد الإستعماري والمتفق عليها أمميا. جيوستراتيجيا: تهديد وحدتنا الترابية بشتى الأشكال من بينها خلق بؤر توتر من حولنا. سياسيا: التحريض على إقامة دويلات أو ''إمارات'' وتفتيت دولٍ قائمة بحد ذاتها بتشجيع تناحر تيارات سياسية فيما بينها. عسكريا: تسليح مليشيات ومباركة الحركات التمردية والإنقلابات العسكرية المتعددة المدعمة من طرف مرتزقتها. اقتصاديا: إعادة بناء ما قامت بتحطيمه مما يسمح لشركاتها المتعددة الجنسيات بالتوغل ثم التحكم في اقتصاد بلداننا، ومن جهة أخرى تحويلنا إلى بطون مستهلكة وخيراتنا بين أيديها... إلخ من المحاولات المدمرة والتي يراد منها إضعاف دولنا كي تبقى في حالة تخلّف دائم. وانطلاقا من كون المؤمن لا يلدغ من جحر واحدٍ مرتين، وبما أن الشيء إذا زاد عن حدّه انقلب إلى ضدّه: 1 فلنؤمّن حدودنا ولنجعل من الطوق الناري حزامنا الآمن لتنمية مناطقنا الحدودية. 2 لنستكمل بناء اتحاداتنا كالاتحاد المغاربي ولنعزّزها كالإتحاد الإفريقي.. خاصة وأن تنظيماتها كالاتحاد الأوروبي بدأت تتهلهل جراء تفاقم الأزمة الاقتصادية. 3 لندعّم الديمقراطية قانونا وممارسةً. 4 لنحافظ على إسلامنا كدين من غزّة إلى أقصى نقطة في العالم لأن الإرهاب دخيل على مجتمعاتنا بما أنه نتاج لمراكزها الخفيّة ومخابرها. بلوغ هذه المساعي ليس مستحيلا وما حققته البلدان الآسيوية إلا برهان على ذلك. وليكن بناؤنا الديمقراطي قاعدة إنطلاق عهد جديد حاجزا مانعا لمحاولة العودة بنا إلى نقطة الصفر.