يوحي التعديل الحكومي الذي أجراه رئيس الجمهورية، بأنه يراهن على قطاعات استراتيجية يعول عليها في تكريس التحول الطاقوي، فعلاوة على قطاع الطاقة الذي أسند إلى الوزير الأسبق عبد المجيد عطار، واستحداث الحقيبة الوزارية للانتقال الطاقوي والطاقات المتجددة التي أسندت إلى شمس الدين شيتور، الذي كان يشغل منصب وزير التعليم العالي، موازاة مع إسناد قطاع المناجم لمحمد عرقاب. مسّ التعديل الحكومي الأول من نوعه في الجهاز التنفيذي الذي يقوده الوزير الأول عبد العزيز جرّاد، قطاعات محددة ذات طابع اقتصادي وتنموي بدرجة أولى، يبررها السياق الحالي المتسم أساسا بآثار جائحة «كوفيد 19»، وكذا تدهور أسعار المحروقات والتراجع الكبير في احتياطي الصرف، ما يؤشر على الدخول في مرحلة عملية لتدارك التبعات الثقيلة على الصعيدين الاقتصادي والاجتماعي. لم يحمل التعديل الأول من نوعه، منذ اعتلاء الرئيس عبد المجيد تبون سدة الحكم، طابعا معمقا بقدر ما اتسم بالطابع الإستراتيجي الذي فرضته متغيرات ومستجدات، زادت من حدة الأزمة الاقتصادية، التي ما فتئت تتصاعد منذ تدهور أسعار الخام الأسود في العام 2014، يؤكد عزم الدولة على الأخذ بزمام الأمور لتجاوز فترة اقتصادية حساسة. ولعل ما يؤكد هذا الطرح، أن التعديل شمل مناصب هامة وسيادية، إذ ترك عبد الرحمان راوية وزير المالية السابق مكانه لوجه جديد أيمن بن عبد الرحمان، وإلى ذلك يعد تعيين البروفيسور محمد شريف بلميهوب قيمة مضافة، وسيقدم الكثير على الأرجح، في المنصب المسند له وزيرا منتدبا لدى الوزير الأول مكلف بالاستشراف. ويراهن رئيس الجمهورية من خلال الحكومة التي ترافقه في إنجاز برامجه، وكذا التزاماته 54 التي رافع لها خلال الحملة الانتخابية لانتخابات 12 ديسمبر الماضي، على مناصب استراتيجية تكتسي بالغ الأهمية في تكريس تحول اقتصادي يخلص الجزائر من تبعيتها لمداخيل المحروقات، تجسيد تحول طاقوي فعلي والأهم من ذلك تحقيق الأمن الغذائي بعدما أثبتت الوباء، أن تحقيقه أمر مصيري في ظل التقلبات التي لم تسلم منها أي دولة.