اعتبر الخبيران في الطاقة عبد المجيد عطار وشمس الدين شيتور، أن قانون المحروقات وحده لا يمكن أن يواجه تحديات إرساء الأمن الطاقوي وصياغة نموذج طاقوي يرشد الاستهلاك، مقترحين ضرورة الذهاب إلى سياسة طاقوية شاملة من خلال نقاش مستفيض وعميق، يحدد الأفق بدقة ويرسم معالم آليات تجاوز مختلف المخاطر، التي تواجه تكريس الأمن الطاقوي. سلط منتدى رؤساء المؤسسات «الأفسيو» في ندوته الشهرية على مسألة إستراتجية، تتمثل في الطريقة المثلى لبلورة سياسة طاقوية فعالة، تؤمن التحول الطاقوي المنشود، والنموذج الاستهلاكي الطاقوي كعائق جوهري في مسار التطور، وكذا إن كان قانون المحروقات فعلا يحمل الإجابات الكافية لمختلف الإشكاليات القائمة، وبالموازاة مع ذلك تحدث سامي عقلي رئيس منتدى رؤساء المؤسسات، عن أهمية فتح النقاش حول كل ما يتعلق بالأمن الطاقوي للتوصل إلى سلسلة من المقترحات، التي يمكن الأخذ بها للمساهمة في إثراء البدائل، وتجاوز التأخر في المجال الطاقوي بفضل الاستماع إلى الخبراء، وقال أنه عادة السياسيين من يعدون القوانين وليس الإطارات التكنوقراطية، وذكر أنهم من بين الأوائل الذين أبدوا موقفا حول قانون المحروقات، ولم يتخذوا أي قرارات نقدية، لأنها على حد تأكيده تعد مهمة خاصة بالخبراء، وفيما يتعلق بالغاز الصخري يعتقد عقلي أنه من الأفضل وضع الثقة في التكنولوجيا، لأنه يمكن للتكنولوجيا في هذا المجال أن تتطور كثيرا، وتقلص من حجم أي مخاطر يحتمل تسجيلها. عاد الخبير الطاقوي عبد المجيد عطار ليجدد تأكيده أن قانون المحروقات الساري في الوقت الحالي ليس جيدا، على اعتبار أن الجزائر منذ عام 2013 حاولت تجديد الاحتياطي والرفع من القدرات الإنتاجية لكنها تعرض لصدمة، لذا صار تغيير القانون أولوية لتجديد الاحتياطات الطاقوية، على خلفية أننا استهلكنا ما لا يقل عن 60 بالمائة من الاحتياطي، ولم يتبق سوى 40 بالمائة، مشيرا في سياق متصل أنه كل سنة نسبة الاستهلاك الطاقوي ترتفع بنحو 8 بالمائة، وتطرق عطار إلى أفق سوق الطاقة الوطني بعد تغيير قانون المحروقات، معتقدا أن المردودية سوف تتراجع في آفاق عام 2030 إذا لم تتخذ إجراءات لتفعيل الصادرات في مجال الغاز، مبرزا أن التحدي الجوهري يكمن في تجديد الاحتياطي الطاقوي وتطوير الشراكة، كون التحول الطاقوي حسب تقديره لا يجسده تعديل قانون المحروقات وحده، في ظل وجود ما أسماه بأربعة تحديات، حيث اعترف أن أحسن قوانين المحروقات قانون 14/1986، كون القانون جيد في مجال تقاسم الإنتاج لأنه يفتح الشراكة عبر جميع الحقول، علما أنه يستحيل اكتشاف حقول بحجم حاسي مسعود وحاسي رمل كونها تمثل 80 بالمائة من الإنتاج، وذكر عطار أن القانون جيد لكن الظرف الذي جاء فيه صعب وغير ملائم، علما أن اعتماده خاليا يتطلب على الأقل سنة كاملة لإصدار النصوص التطبيقية، أما رفع الاحتياطي الطاقوي لن يكون غدا بل ليس أقل من خمس أو ست سنوات مقبلة، بينما بخصوص الغاز الصخري، فاعترف بوجود إمكانيات كبيرة لكنه لا يخفى أنه تسجل بالمقابل العديد من المخاطر، غير أنه يمكن العودة إليه خلال العشر سنوات المقبلة. وتطرق الخبير شمس الدين شيتور إلى مسألة التبذير، مرافعا عن ضرورة تحمل كل طرف مسؤوليته، والإسراع بإرساء تحول طاقوي للسير نحو الطاقات المتجددة، وحذر من التأخر في اعتماد نموذج طاقوي، كون أوروبا في آفاق عام 2030 سوف توقف استعمال البنزين، وتعمم طرح السيارات الكهربائية، وعلى سبيل المثال مجمع «فولسفاغن» يستعد لتصنيع سيارات كهربائية، وتساءل في نفس الوقت من سوف يصنع لنا قطع الغيار بعد ذلك؟، وبدا مقتنعا أنه لدينا فرصة ثمينة لاستدراك التأخر، ويعتقد شيتور أنه ينبغي الذهاب للغاز الصخري، لكن ليس بسرعة، حيث يتطلب الأمر تكوين اليد العاملة، وخلص إلى القول أن أكبر حقل طاقوي في الجزائر يتمثل في الطاقات المتجددة. وتقاطع الخبيران عند مسألة ضرورة الوصول لتجسيد سياسة طاقوية شاملة من خلال نقاش جدي عميق.