يعيش الأطباء منذ تفشي وباء كورونا في الجزائر ضغطا يوميا كبيرا نظرا لارتفاع عدد الإصابات بالفيروس من جهة، ونقص وسائل العلاج من جهة أخرى، ولكن رغم الصعوبات التي يواجهها الطاقم الطبي وشبه الطبي في التكفل بمرض «كوفيد -19»، إلا أنهم لم يسلموا من تعنيف بعض المواطنين، ما جعل السلطات العمومية تتخذ قرارات صارمة تصل إلى حد إيقاف كل معتد على مستخدمي السلك الطبي. أكد بعض الأطباء في تصريح ل»الشعب» أنهم يعملون في ظروف صعبة، خاصة في ظل ما تشهده المستشفيات من اكتظاظ بعد ارتفاع وتيرة انتشار الفيروس في الأسابيع الأخيرة. وسجلت الجزائر أرقاما قياسية جديدة تعدت 500 إصابة في يوم واحد، زيادة على الإرهاق الجسدي الذي يعاني منه الجيش الأبيض بصفة يومية، وأضطر أغلبيتهم إلى الابتعاد عن أهاليهم والبقاء بعيدا عن أولادهم لمدة طويلة من أجل تفادي نشر العدوى لهم، كونهم أكثر عرضة للإصابة بالفيروس، والأخطر من ذلك تعرضهم إلى اعتداءات لفظية ووصلت إلى حد التعنيف بالضرب والشتم من قبل أقرباء المرضى. الأمر بات يشكل مصدر قلق بالنسبة لمستخدمي قطاع الصحة من أطباء وممرضين الذين يعملون تحت ضغط نفسي رهيب بسبب تكرار الاعتداءات عليهم من قبل بعض المواطنين الذين يحملونهم مسؤولية نقص الإمكانيات وعدم وجود أماكن في المصالح المخصصة للتكفل بمرضى «كوفيد –19 على مستوى بعض المراكز الاستشفائية. وبما أن حياتهم أصبحت في خطر فقد استجابت السلطات العليا لدعواتهم بتوفير الحماية لهم من خلال تشديد العقوبات على المعتدين على الطاقم الطبي وشبه الطبي والتعامل معهم بصرامة مع إيقاف الأشخاص الذين يرتكبون مثل هذه الأفعال واتخاذ في شأنهم إجرءات التوقيف للنظر وتقديمهم وجوبيا أمام وكيل الجمهورية. المختصة في المناعة وأمراض الحساسية الدكتورة منى بوعشة، قالت إن الطاقم الطبي على مستوى جميع الهياكل الصحية سواء التابعة للقطاع العام أوالخاص يعانون من حالة نفسية صعبة بعد تدهور الوضع الوبائي فهم يعملون في ظروف صعبة في ظل اللامبالاة والاستهتار بهذا الوباء ما أدى إلى فقدان العديد من زملاء المهنة بسبب الإصابة بالفيروس الذي نال منهم وهم في غمرة أداء واجبهم المهني خاصة وأنهم لم يتأخروا في مد يد العون للنظام الصحي في أصعب مرحلة تمر بها الجزائر بالرغم من قلة الإمكانيات ووسائل العلاج والحماية. دعت الدكتورة بوعشة إلى الوقوف إلى جانب عمال الصحة الذين يواجهون الوباء في الصفوف الأولى ويساهمون يوميا في إنقاذ العديد من المرضى منذ بداية الجائحة التي طال أمدها، ولكن في المقابل يتعرضون إلى العديد من الانتقادات السلبية التي تحبط معنوياتهم وتقتل الطموح لديهم في مكافحة هذا الفيروس المعدي،مؤكدة أن مساعدة الطاقم الطبي تكون من خلال الالتزام بقواعد الوقاية كونها أفضل وأنجع وسيلة للتغلب على انتشار الفيروس وضمان الحفاظ على سلامة الجميع. سهام لحرش، طبيبة عامة بمؤسسة الصحة الجوارية العاشور، ولاية الجزائر، أشارت إلى أن الكثير من الأطباء يتعرضون إلى اعتداءات لفظية من قبل بعض المواطنين لأنه في بعض الأحيان يتم التكفل بالمرضى حسب حالة كل شخص والأولوية للحالات الأكثر تعقيدا، وهو ما لا يتقبله بعض المرضى، قائلة إن الأطباء يعانون من إرهاق شديد بسبب العمل المستمر دون انقطاع من أجل التكفل بالمرضى، خاصة في ظل هذه الأزمة الصحية التي طالت مدتها، متأسفة للتصرفات غير المسؤولة من قبل بعض الأشخاص الذين لا يحترمون إجراءات الوقاية ويتسببون في انتشار الوباء أكثر.