نجح مسرح بسكرة الجهوي في إنتاج العديد من الأعمال المسرحية التي تركت بصمتها الفنية في الساحة الثقافية بعروس الزيبان وعلى المستوى الوطني، رغم مشاكل يواجهها بسبب عدم استلامه المقر المخصص له والمنجز بمواصفات عصرية وبطاقة استيعاب كبيرة، يرتقب أن يكون إضافة ثقافية حقيقية وطنيا، خاصة بعد تعيين الأستاذ المبدع احمد خوصة مديرا له. تسعى بسكرة لتتألّق ثقافيا وتودّع الظل الثقافي باستلام المسرح الجديد الذي يعتبر تحفة معمارية، أكّد بشأنه المدير أحمد خوصة في تصريح لجريدة “الشعب” أنّه سيجعل منه رفقة كل الفنانين والشركاء صرحا ثقافيا بامتياز وأيقونة مسرحية، تجمع كل عشّاق أبي الفنون. وقد بادر المدير، في إطار تعزيز دور الإعلام في المؤسسات الثقافية وإيصال المعلومة إلى أبعد مدى بفتح موقع الكتروني للمؤسسة المسرحية يوم 08 جوان المنصرم، بمناسبة اليوم الوطني للفنان، حيث يتوقّع أن يكون الموقع الإلكتروني واجهة إعلامية هامة للتواصل بين الجميع من فنانين ومسؤولين ومحبي وعشاق هذا الفن العريق. استلام المسرح الجديد سيساهم في تفعيل الحركة المسرحية بالجنوب أنتج المسرح الجهوي ببسكرة منذ إنشائه 4 عروض مسرحية ناجحة، عملين للكبار الأول بعنوان “المينة” سنة 2018 والثاني بعنوان “النخلة” سنة 2019، أما مسرحيات الأطفال فتم إنتاج عملين أيضا الأول بعنوان “القطة لؤلؤ” سنة 2018 والعمل الثاني “الكوكب العملاق” 2020، وهما عملين حقّقا نجاحا هاما على المستوى الفني وحتى إقبال الجمهور عليهما. ورغم عدم وجود فضاءات أخرى للعمل الفني، ورغبة من مسؤولي المسرح في إثبات الذات والتواجد القوي فنيا والبقاء في الواجهة المسرحية، اهتدت إدارة المسرح إلى خلق فضاء وتجهيزه في مقر مركز المخطوطات الذي خصّص فيه جناح لإدارة المسرح، وهذا الفضاء قد تم تجهيزه للقيام بالتدريبات الخاصة بالأعمال المسرحية والتربصات التكوينية التي يقوم بها، وقد استغل هذا الفضاء في انتاج العمل المسرحي الاخير “الكوكب العملاق”، الذي أقيم عرضه الشرفي الأول في المسرح الوطني شأنه شأن الإنتاج الأخير للكبار “النخلة”، حيث كان العرض الشرفي بالمسرح الجهوي باتنة، وهذا ما يكلّف المسرح مصاريف إضافية وهو ما سينتهي بمجرد استلام بنايه المسرح الجهوي. وأشار الأستاذ خوصة إلى أنّ مسرح بسكرة فتي أنشئ بمرسوم في شهر جانفي 2014، وبدأ العمل فعليا في 2017 لكن لم يتم استلام مقر المسرح الى يومنا هذا، حيث توشك عملية إتمام الأشغال وتجهيزه على نهايتها، غير أن مسرح بسكرة الجهوي يعتبر حسب محدثنا من أوائل المسارح على المستوى الوطني، التي دأبت الدولة الجزائرية على بنائها بعد الاستقلال في الجنوب الجزائري على غرار مسارح الجلفة، الاغواط والنعامة حيث اعتمد على هندسة معمارية جميلة جدا، فيعد بحق تحفة فنية بأتم معنى الكلمة حسب ما وقفنا عليه. ويضيف خوصة أن بدايات مسرح بسكرة كانت صعبة نوعا ما خاصة في الظروف الراهنة وعدم استلام المسرح، لكن الإستراتيجية التي باشرتها إدارة المسرح تنفيذا لتوصيات وزارة الثقافة والقائمة على تعزيز فرص التكوين الفني كقاعدة أساسية لتحضير ممثلين وتقنيين، وهذا من أجل خلق قاعدة متينة للعمل الابداعي والفني، وهو الاساس الفعلي لأي انطلاقة جادة وتسطير اهداف قصيرة المدى ومتوسطة وطويلة يضف السيد المدير. أسماء مسرحيّة عريقة صنعت مجد مسرح بسكرة كما أن تاريخ بسكرة عريق وكبير، فمسرح بسكرة الجهوي هو مكمل لمسارها الطويل في مجال المسرح، والتي بدأها المجاهد الفنان المبدع مكي شباح والشيخ العلامة الطيب العقبي مرورا بالشهيد البطل العربي بن مهيدي الى الكاتب المسرحي احمد رضا حوحو وجمعية الامل التمثيلي بقيادة عمي سحية والفطناسي وبكوش الى المرحوم عمر البرناوي، الذي كان أول رئيس لجنة تحكيم في المهرجان الوطني لمسرح الهواة بمستغانم سنة 1967، وأول فرقة مسرحية كان لها شرف المشاركة في المهرجان ذاته من الجنوب الجزائري سنة 1968 من بسكرة، كل هذا التاريخ يجعل من بسكرة عبر التاريخ يضيف خوصة منطقة فنية ساهمت بقسط كبير في إثراء المشهد الثقافي المسرحي بامتياز واستكمال مسيرة الاجداد. ويعوّل خوصة كثيرا على التعريف بدور هذه المؤسسة الثقافية المسرحية، وإبراز مكانتها في المجتمع من خلال الاعمال التي تقوم بها الثقافية والفنية والاقتصادية، والأكيد أنّ هذا المحور يتطلّب جهودا كبيرة وجدية في العمل وكسب ثقة الكل للمضي قدما في البرامج المسطرة، التي اعتمدتها إدارة المسرح من خلال خلق شركاء فاعلين من مؤسسات ثقافية، والتوجه نحو الجنوب الشرقي من خلال إبرام عقود شراكة مع مديريات الثقافة ودور الثقافة في ولايات غرداية، ورقلة، الوادي، الاغواطوبسكرة في شطرها الأول. وتعتمد هذه الشراكة الثقافية رابح – رابح في العمل سويا من أجل تفعيل العمل المسرحي في هذه الولايات، والتنسيق فيما بيننا في استقبال العروض الفنية وتنسيق البرامج المشتركة، وتفعيل التكوين الفني لتأطير تطير الفرق الفنية في تلك الولايات وتشجيع المواهب الشابة. أما الشطر الثاني حسب خوصة، فيتمثل في برنامج عمل سيكون بتوسيع مشروع الاتفاقيات ليشمل بلديات ومديريات كالتربية والتكوين المهني والجامعة والإذاعة بدأنا المفاوضات معها وستكون جاهزة فور استلام المسرح الجهوي. التّواصل الفنّي الافتراضي لمواجهة جائحة كورونا بخصوص مواجهة جائحة كورونا كوفيد 19، واستحالة تقديم برامج وعروض مباشرة للجمهور، فقد اعتمد المسرح على الفضاء الأزرق وقناة “اليوتوب” بعرض برامج كثيرة مكّنتهم من إيصال العروض لكل الجمهور، وتحقيق نسب مشاهدة عالية لكل الفئات العمرية كبرامج الأطفال التي نظّم مسرح بسكرة ومضات اشهارية لها للتحسيس بخطورة الوباء وكيفية انتقاله، كما تمّ تخصيص حصص ترفيهية متنوعة وحصة بعنوان “لنتحدث فقط مع الأطفال” تبث مباشرة على الصفحة الرسمية للفايس بوك يومي الخميس والثلاثاء، وقد حقّقت نسبة مشاهدة قياسية أكثر من 20 ألف مشاهدة، كما نظّم مسرح بسكرة مسابقة وطنية للطفل الموهوب وكانت على مراحل وشهدت مشاركة واسعة لكل الأطفال. أما بالنسبة للكبار فقد أسّس مسرح بسكرة الجهوي منتدى أطلق عليه اسم “فضاء الركح”، بلغ عدد رواده أكثر من 3500 متابع من الجزائر وخارجها من المهتمين باب الفنون، وهو يناقش قضايا مسرحية يشرف عليه الدكتور رابح هوادف، والذي استضاف عددا كبيرا من رجالات المسرح وطنيا وعربيا وحتى من الدول الأوروبية. كما تمّ برمجة تربصات تكوينية لفائدة شباب المنطقة في ظرف سنة واحدة، استفاد المهتمون بالمسرح من 5 ورشات فنية في مجالات التمثيل والإخراج والسينوغرافيا ومن تاطير أساتذة مختصين في المجال وحتى من خارج الجزائر، وهي الأولى من نوعها على مستوى مسرح بسكرة، وهذا بالشراكة مع محافظه المهرجان الوطني لمسرح الهواة بمستغانم. وهناك أيضا تربص طويل المدى يمتد لعامين ونصف يتوج بعمل فني، ويندرج هذا التربص في إطار عقد الشراكة بين المسرح الجهوي بسكرة والمؤسسات الثقافية بالجنوب الشرقي للوطن، ويكون التربص في اختصاصات الإخراج والتمثيل والكتابة الدرامية والسينوغرافيا، ويشرف عليه أساتذة مختصون من المعهد العالي لفنون العرض والسمعي البصري برج الكيفان، وكانت انطلاقته في فيفري 2020 ويختتم في شهر أكتوبر 2021، ويهدف التربص إلى اكتشاف وتأطير مواهب الجنوب لتكون خزان للأعمال الفنية للمسرح الجهوي بسكرة، يؤكد خوصة. وحرص المدير على التأكيد على أهمية التعاون والتنسيق مع الجمعيات الثقافية والتعاونيات المسرحية في بسكرة، والتي تساهم في الحركة المسرحية المحلية والوطنية من خلال انتاجاتها ونشاطاتها، وقد قدّم مسرح بسكرة الجهوي بعض المساعدات الفنية لها فقد قام بتنظيم جولات فنية، وساهم أيضا في إنتاج عمل مسرحي للأطفال بعنوان “مريم والبهلوان”، رغم انه جاهز للعرض إلا أن الجائحة حالت دون عرضه الى حد الساعة، وفي انتظار استلام المسرح أكيد سيكون متنفسا لكل مسرحيي المنطقة لإقامة عروضهم في ظروف جيدة.