تقلص الإنتاجات من 3 أعمال في السنة إلى عملين فقط . ضرورة الفصل بين السمعي البصري و المعهد العالي للفنون الدرامية ببرج الكيفان الحصول على ممولين للرفع من وتيرة الإنتاج المسرحي عبر السيد أحمد خوصة مدير المسرح الجهوي لمعسكر عن استيائه من إغلاق مقر المؤسسة الذي دام 5 سنوات كاملة بسبب أشغال الترميم ، الأمر الذي أثر سلبا على النشاط المسرحي و الفرق التي وجدت نفسها مضطرة للتنقل إلى الضواحي والقرى، من أجل تقديم عروضها في الشارع والمؤسسات الشبابية، كاشفا في الحوار الذي خص به أمس جريدة الجمهورية أن التنقل إلى هذه المناطق يتطلب أموالا وهو ما تعذر عليهم الحصول عليه، بسبب سياسة التقشف وغياب ثقافة التمويل ، كما تحدث أحمد خوصة عن سياسة ترشيد النفقات و تقليص المهرجانات، حيث قال إنه لابد من إعادة النظر في بعض التظاهرات التي تتقارب في المعنى والهدف والصيغة الفنية، مطالبا الوزارة في دمجها مع بعض خصوصا إذا لم تستطع أن تكون همزة وصل بين المسرحيين وسوقا للإنتاج الركحي ببلادنا ،هذا إلى جانب تصريحات أخرى حول أهمية التكوين و مجانية العروض الفنية . الجمهورية : في البداية حدثنا عن علاقتك بالمسرح ؟ أحمد خوصة : عشقت المسرح منذ صغري ، حيث كانت بدايتي في الطور المتوسطي من خلال فرقة المسرح البلدي لبسكرة ، حينها فقط اكتشفت في ذاتي ذلك العشق الأبدي للفن الرابع و مدى أهميته وروعته في حياتي ما أجعلني أرسم لنفسي طريقا واضحا وجليا في هذا المجال الذي اخترته ليكون دربي ومفتاحي في الحياة، وبعد الطور الإكمالي انتقلت إلى الثانوية و قدمت 5 أعمال في مدرسة البلدية للفنون الدرامية ، لألتحق سنة 1987 بالمعهد العالي ببرج الكيفان اختصاص مسرح، و في سنة 1993 التحقت بدار الثقافة كمنشط ثقافي و أسست فرقة مسرحية للأطفال، و في عام 1994 قمت بإخراج ملحمة " جزائر أم الكل" التي ضمت مجموعة مميزة من فناني ولاية بسكرة منهم فؤاد ومان ، بعدها كنت عضوا مؤسسا لجمعية أصدقاء المرحوم إيقاش محمد رؤوف المدعو ب " حديدوان " ، و في سنة 1999 أسست جمعية مسرح " المدينة " التي قدمنا من خلالها عددا ناجحا من الأعمال المسرحية التي كانت أغلبها موجهة للجمهور الصغير منها " بهلول و العفريت "، " عالم الدمى " و " غابة السلام " ..بعدها أسست تعاونية عشاق الركح سنة 2004، وقدمت من خلالها عملين للطفل على غرار " غابة السلام 2 " ، في 2007 توقفت عن الإبداع المسرحي لأنني تقلدت منصب مدير مدرسة الفنون الجميلة بولاية بسكرة ، واستمريت بها إلى غاية 2011 ، بعدها تقلدت منصب مدير دار الثقافة بورقلة و عدت من جديد لبسكرة كأول مدير للمسرح الجهوي ومن ثم مديرا لمسرح معسكر، هذا إلى جانب مهام أخرى كعضو لجنة تحكيم الأيام الوطنية للمسرح بسوق أهراس ، جيجل، ، تبسة، بسكرة، وميلة ، وكذا عضوا ل 3 دورات في المسرح التجريبي . كما كانت لي حصة في إذاعة بسكرة حول المسرح بعنوان " فضاء الخشبة " . أنت الآن على رأس المسرح الجهوي لمعسكر ؟ كيف تقيم اليوم المشهد الركحي بالولاية؟ وما هي أهم الأعمال و المشاريع التي استفاد ت منها المؤسسة منذ توليك المنصب؟ مسرح معسكر يملك تاريخا عريقا من ناحية الأعمال الناجحة والعروض المتوجة، حيث قدم أكثر من 18 عمل مسرحي منذ تأسيسه منها " الحومة المسكونة " ، القرص الأصفر" ، " ذكرى من الألزاس" المتوجة بجائرة أحسن عرض متكامل في المهرجان المسرح المحترف سنة 2013 وهي لفتحي كافي والمخرج خالد بلحاج، إلى جانب ملحمة " جزائر أم الكل " هي من تأليف مجموعة من الفنانين من بينهم محمد فؤاد ومان وحسان بلعبيدي، دون أن أنسى العرض التكريمي الذي قدمه مسرح معسكر حول مالك حداد بعنوان " هارمونيكا " ، وهو أول عمل مسرحي لهذه الشخصية الكبيرة في الجزائر، و قد كان لنا شرف عرضها ضمن تظاهرة قسنطينة عاصمة الثقافة العربية 2015 ، وهي توليفة من أعمال مالك حداد وقعها الكاتب فتحي كافي ، الحمد لله المسرحية لقيت صدى واسعا في الوسط الفني و لدى الجمهور أيضا ، إضافة إلى هذا فمسرح معسكر قدم سنة 2015 عرضا آخر للأطفال بعنوان " علة و فلة "، و في 2016 نحن نعكف على تحضير مسرحية جديدة بعنوان " العملاق " للمؤلف و المخرج ربيع قشي .إضافة إلى انتاجات أخرى هي قيد الدراسة . التكوين الجاد والفعلي ما هي الصعوبات التي يواجهها مسرح معسكر ؟ المشكل الأكبر الذي يواجهه مسرح معسكر الجهوي اليوم هو المقر الذي لا يزال مغلقا منذ 5 سنوات للأسف بسبب الترميم ، وهو ما شكل عائقا كبيرا أمام النشاط المسرحي و الفرق التي وجدت نفسها مضطرة للتنقل إلى الضواحي والقرى، من أجل تقديم عروضها في الشارع والمؤسسات الشبابية ، ورغم أنها فرصة حتى نخرج من تقاليد المسرح الكلاسيكي العادي ونقترب أكثر من المواطن عبر مسرح الشارع، إلا أن الأمر يتطلب الكثير من الأموال في ظل سياسة التقشف وغياب المموّلين، ما نجم عنه تقلص انتاجاتنا من 3 أعمال جديدة في السنة إلى عملين فقط . إلى أي مدى يلعب التكوين دورا في موهبة الشاب الهاوي ؟ أعتقد أن التكوين هام جدا في صقل موهبة المسرحيين شرط أن يكون تكوينا جادا وفعليا ، من شأنه أن يعطي حركية وديناميكية أكثر للعرض و الآداء ويمكّن الممثل من التحكم في الشخصية على الخشبة ، ولهذا السبب فإن المسرح الجهوي لمعسكر يحرص بشكل كبير على برمجة الدورات التكوينية ضمن أجندته الفنية من خلال تربصات تسمح بالاختلاط بين الهواة والمحترفين ، وقد شهدت هذه الأخيرة إقبالا كبيرا من لدن المواهب الشابة التي لم تتوان عن تعلم تقنيات الفن الركحي في جل المجالات ، ومن جهة أخرى علينا أن نتحدث عن مدرسة الفنون الدرامية ببرج الكفان، إذ لابد أن نعيد لها الإعتبار و نحافظ على خصوصيتها الحقيقية دون إقحام تخصصات أخرى لا تمت لها بأية صلة ، حيث أن هذه الأخيرة ضاعت تماما وتاهت وسط مجالات أخرى تم إدراجها في المدرسة ، الأمر الذي قلص من دورها فيما يخص التكوين الأكاديمي الفعلي، وعليه لابد من الفصل بين السمعي البصري و المعهد العالي للفنون الدرامية قصد إعطاء ديناميكية أكثر للمؤسسة، ولم لا فتح فروع وملحقات أخرى بولايات جزائرية؟ وكذا معاهد جهوية لتجسيد مخطط التكوين على أرض الولايات الداخلية . إشكالية الاستثمار في القطاع المسرحي هل أثر قرار الوزارة الوصية فيما يخص تقليص عدد المهرجانات على واقع المشهد المسرحي ؟ في الحقيقة هناك بعض المهرجانات التي يستوجب إعادة النظر فيها، خصوصا تلك التي تتقارب في المعنى والهدف والصيغة الفنية، لذلك فمن الأحرى أن تفكر الوزارة في دمجها مع بعض، وعوض أن يكون هناك مهرجان كل سنة يتم برمجته كل سنتين ولم لا؟ ، فالمهم هو تحقيق قيمة فنية ونتائج فعلية هادفة،فإذا لم تستطع هذه التظاهرات أن تكون همزة وصل بين المسرحيين وكذا سوقا للإنتاج الركحي الإبداعي فأعتقد أنه لا فائدة من تنظيمها و تخصيص برامج لا تسمن ولا تغني من جوع، وهناك أيضا نقطة هامة لابد من الإشارة إليها و المتعلقة بإشكالية الاستثمار في القطاع المسرحي الذي ينعدم تماما في الجزائر وللأسف ، فمن غير المعقول أن يعتمد المسرحيون في كل مرة على الوزارة الوصية لتمويل أعمالهم، بل يجب الحصول على ممولين من الخواص مثلا للرفع من وتيرة الإنتاج عبر جل الولايات ، وبالتالي النهوض بالحركة الفنية وتعزيزها في إطار سياسة التقشف وترشيد النفقات . الكثير من المسرحيين يرفضون فكرة مجانية العروض المسرحية و الفنية ، ما هو رأيك ؟ مجانية العروض فكرة غير مربحة تماما، وأنا لا أتفق مع من ينتهجها أو يفكر فيها، فقبل الحديث عن المقابل المادي لابد من الحديث عن نوعية العمل الفني المقدم، فعندما نطالب الجمهور أن يدفع مقابل الدخول إلى قاعة المسرح ماذا سنقدم له نحن بدورنا ؟ ، وهل يا ترى سيتفاعل مع العرض ؟ وهل سنكون عند حسن ظنه ؟ ..هي أسئلة كثيرة علينا أن نفكر فيها بجدية قبل أن نطرح مسألة المجانية التي أعتقد أننا بعيدين جدا عنها.