بين التنوع ،الغنى، الجمالية والانسجام لخط المغربي بصفة عامة مجموع خطوط بلاد المغرب والأندلس، أي تلك الرقعة الجغرافية التي كانت تمتد من صحراء برقة بليبيا إلى نهر الإبرو بالأندلس، والتي تميزت تاريخيا بوحدة ذهنية ومذهبية وحضارية. فهو داخل في عداد الخط العربي الذي انتشر في المغرب بانتشار الإسلام منذ القرن الهجري الأول، حيث أقبل الأمازيغ على تعلّم الخط بموازاة إقبالهم على حفظ القرآن الكريم، ومن ثم استقر الخط الجديد في مدوّناتهم وثقافتهم. ومن بين اسباب إقبالهم حماسهم الديني وارتباط الخط بقداسة القرآن الكريم، ثم الانخراط التلقائي في الثقافة العربية الإسلامية، واستعمال الخط العربي في التحصيل والإدارة والتواصل، إضافة إلى غياب كتابة محلية عند سكان شمال إفريقيا عند اتصالهم بالمسلمين، فالحروف المسماة اليوم يتيفناغ كانت قد اندثرت بمدة طويلة قبل دخول الإسلام. ويعد الفلس النحاسي المضروب في عهد موسى بن نصير غداة فتح الأندلس من أولى الوثائق التاريخية المكتوبة التي وصلت المنطقة. كان الخطان الحجازي والكوفي هما الأصل في تطور هذا الخط، حيث أثر الخط الكوفي العراقي في كتابة أهل افريقيا فتولّد عنه الخط القيرواني الذي نتج عنه أيضا الخط الإفريقي، بينما أثر الخط الكوفي الشامي في الأندلس فظهر الخط الأندلسي. وتطور على ثلاث مراحل: المرحلة القيروانية ثم المرحلة الأندلسية التي تطور فيها الخط الكوفي إلى الخط اللين الدقيق ثم الخط القرطبي المبسوط ثم تأتي المرحلة المغربية مع انتقال الخط الأندلسي إلى المغرب منذ العصر الموحدي وتطويره محليا ظهرت ملامح تميزه عن الخط الأندلسي تدريجيا، حتى أصبح يعرف بالخط المغربي. من ميزاته الجمالية والانسجام والتناغم والتجريد والغنى والتنوع والليونة والانسيابية والحرية التشكيلية. ثم تتابع تحسين الخطوط فصار الخط الكوفي المغربي يتخذ في النقش على المعمار وكتابة القرآن، واتخذ الخط المبسوط لكتابة المصاحف، والخط المجوهر في التآليف المهمة، والخط المسند. وقد أسفر هذا التطوير على خمسة أنواع: الخط الكوفي المغربي، خط الثُّلث المغربي، الخط المَبسوط، الخط المُجَوهَر، الخط المُسند. الخط المغربي خط هندسي بديع يتميز بخطوط مستقيمة وزوايا حادة، وهو من الخطوط التزيينية التي لا تستعمل في الكتابة العادية إلا نادرا، ومن ذلك عناوين السور في بعض المصاحف وزخارف بعض الصناعات التقليدية وبعض أعمال الفن التشكيلي المعاصر. ويعد الخط المبسوط أكثر الخطوط المغربية راحة للعين بأحرفه اللينة المستقيمة وأشهرها، فقد استعمل منذ القديم في كتابة المصاحف وكُتب الأدعية والصلوات وعلى أساسه يتم التعليم في الكتاتيب القرآنية.. أما الثلث المغربي يعرف أيضا بالمشرقي “المتمغرب”، فيمتاز بجمال حروفه وليونتها، كما يمتاز بإمكانياته الغير المحدودة على التشكيل، تُكتب به فواتح السور وديباجة بعض الكتب كما يُستعمل في زخرفة المساجد والأضرحة والمدارس العتيقة ويُستعمل الآن في عناوين بعض المجلات وعناوينها الداخلية. وبالنسبة للخط المُجَوهر، فهو دقيق تمتاز حروفه بالصغر والتقارب ويوحي تناسقها بعقد الجوهر. انحدر هذا الخطّ من المبسوط، فصار خط الكتابة المعتاد في الحياة العامة خلال القرون المتأخرة وخصوصا في الرسائل والطبعات الحجرية، ولا يزال هذا الخط مستعملا في تحرير بعض الوثائق، وقد عُرف بالخط الفاسي. وآخر الخطوط المغربية خط المسند، وهو خط سريع حروفه مائلة إلى اليمين ومتسلسلة. ويُستعمل خصوصا في التقاييد الشخصية وفي الرسوم العدلية وكنانيش العلماء، ولا يُستعمل في الكتب العلمية إلا نادرا، وهو صعب القراءة مقارنة بغيره، ويعرف العامة باسم “خط العدول”. ويوجد الخط المدمج، وهو ليس بنوع ولكنه شكل من أشكال الكتابة الاعتيادية السريعة التي تجمع بين مؤثرات خطين مختلفين وتدمج بينهما مثل المبسوط والمجوهر أو المجوهر والمسند أو المبسوط والمسند هذا التنوع والغنى في الخط المغربي جعلا إشعاعه كبيرا في بلدان المغرب العربي وفي إفريقيا الغربية.