شكّلَت الورّاقة والورّاقين ظاهرة عليمة في تاريخ الغرب الإسلامي، وتميّزت هذه الظاهرة بخصوصيات التّفنّن في الخط في عهود أولى ثمّ خفَت هذا التفنّن واقتصر على القرآن الكريم، إذ نجد من المصاحف المخطوطة بعضها يعود للقرن السابع عشر ميلادي بها تزويقات لونية، حيث استخدمت فيها الأصباغ النباتية التي كانت تستحضر من طرف الناسخ، فللوقف لون وللحركات ألوان وللمدّ لون مخالف... إلخ، أي أن اللون صار جزءاً من التّفريق بين القراءات وتدليلا للقارئ. هذا النّسخ للقرآن الكريم وللمتون الفقهية والعقائدية واللّغوية، صار معروفاً ومتداولاً في الجزائر بالخصوص في العهد العثماني. ونشير هنا إلى أنّ عاصمتين في الغرب الجزائري اشتهرتَا باستمرار النّسخ وبيع الكتب أمام مساجدها، وهي مازونة ''ولاية غليزان'' التي اشتهرت بالفقه، وبني راشد ''معسكر'' التي انتقل إليها علمُ التّوحيد بعد خفوته في تلمسان، وبرزت كعاصمة علمية متميّزة زمن الباي محمد بن عثمان الكبير، كما تميّزت بشهرة خطّاطيها. كان التزاوج والمزج بين الخطوط القديمة والجديدة، بين وسائل الكتابة القديمة والجديدة، فقد بقي الخط المغربي مستمراً على شكله القديم في رسم الحروف، كما استمرت الكتابة على اللوح، وتشجّع ذلك أكثر بعد بروز نازلة هل يجوز الكتابة على الكاغط الرومي أي المستورد أم لا يجوز؟ ''طبعاً زمن الزيانيين المتأخر وبداية العهد التركي''، التي تعرّض إليها المازوني في نوازله والونشريسي في معياره، كما أنه لحد الآن مازال الحبر في بوادينا وببعض الزوايا يستحضر من وضح صوف الغنم، ورغم ظهور المطبعة استمرت الكتابة بالشّكل التّقليدي في القرن التاسع عشر، هذه الظاهرة في الجمع بين ما هو تقليدي وما هو جديد في الكتابة والنّسخ، تحتاج إلى معالجة أخرى تنظر للجمع على أنه ميزة إبداعية كذلك.