بعد حالة التشنج والاستياء التي عاشت على وقعها الأحزاب المصدومة من النتائج الأولية التي أفرزتها الانتخابات، يبدو أن موقف بعض التشكيلات قد يعرف تغييرا كبيرا، بعد أن فقدت الأحزاب الحاكمة وفق النتائج التي أعلن عنها المجلس الدستوري، مقاعد في المجلس الشعبي الوطني لصالح تلك المحسوبة على المعارضة. حملت نتائج الطعون أول أمس من قبل المجلس الدستوري التي قدمتها مختلف التشكيلات جديدا دون أن يؤثر في نتائج تشريعيات 10 ماي، حيث تراجع عدد المقاعد بالنسبة للحزب العتيد «الافلان» ب13 مقعد، وفقد التجمع الوطني الديمقراطي «الارندي» مقعدين، فيما تعززت الأحزاب المعارضة المشككة في نزاهة العملية الانتخابية، بمقاعد إضافية على غرار حزب العمال الذي حصد 7 مقاعد جديدة في العديد من الولايات منها قسنطينة، وبرج بوعريريج التي كانت لحزب جبهة التحرير الوطني...، ما يجعل هذه التشكيلة الفائز الأكبر في هذا الاستحقاق، تليها جبهة القوى الاشتراكية ب6 مقاعد إضافية منها مقعد في مستغانم وبومرداس، التي كانت في الأول من نصيب الحزب المتحصل على اكبر عدد من المقاعد في الغرفة السفلى. معطيات جديدة أفرزتها نتائج الطعون ال13 التي قبلها المجلس الدستوري، حيث تراجع عدد مقاعد الأحزاب الحاكمة، حزب جبهة التحرير الوطني إلى 208 مقعد بعد أن كانت 221 مقعد، وعاد حزب التجمع الوطني الديمقراطي إلى عدد المقاعد التي أفرزتها النتائج الأولية للاستحقاق ب68 مقعد، بينما ازداد بالمقابل رصيد التشكيلات المحسوبة على المعارضة كالتكتل الأخضر ب3 مقاعد ليصل إلى 50 مقعد، وبلغ عدد مقاعد حزب العمال ب27 مقعد (6 مقاعد إضافية عن التشريعيات السابقة) والتي تجعل من هذه التشكيلة الرابح الأكبر، تأتي بعدها جبهة القوى الاشتراكية (الافافاس) المتخندقة في المعارضة منذ دخول الجزائر في عهد التعددية الحزبية، حيث كانت هذه الاستحقاقات فاتحة خير عليها ومكنتها من حصد 26 مقعد. وقد وضعت نتائج الطعون حدا للأقاويل والشكوك التي أخذت الأحزاب المشاركة في الانتخابات التشريعية ترويجها بشأن نزاهة الاستحقاق، لكنها في ذات الوقت تعترف بعدم امتلاكها دليل مادي حول ما أسموه بتجاوزات واختراقات للقانون. فهل تغلق هذه المعطيات الجديدة باب التأويلات الذي فتحته الأحزاب المعارضة خاصة الجديدة منها، التي جاءت معاكسة لتقديراتها فيما يتعلق بحجمها الحقيقي ومدى قبولها لدى الشعب من جهة، وشدة هذا المعترك المصيري والحاسم من جهة أخرى، التي تمسكت بنفس الخطاب المحبط للعزائم، وقد بنت تصورها للمشهد السياسي القادم على أفكار مسبقة، وغير مؤسسة في الغالب، حيث لم تتخلص بالرغم من الضمانات التي وضعتها الدولة من خلال لجان المراقبة التي تتواجد فيها الأحزاب، ولجنة الإشراف التي أشادت بها، واعتبرتها صمام أمان، من شكوكها بتكرار سيناريو الاستحقاقات السابقة. حياة