ترى أحزاب سياسية، في تصريحات رئيس الجمهورية الأخيرة المتعلقة بمشروع تعديل الدستور مؤشرا على أن الوثيقة النهائية ستكون «توافقية» بين الفئات والمكونات الإجتماعية والسياسية والمدنية، وتتماشى مع المقترحات المرفوعة من قبلها. هذا ما سيوفر الأسس القانونية والدستورية لبناء جزائر جديدة تكون مؤسساتها في خدمة شعبها ويحظى فيها جميعُ مواطنيها بالتساوي أمام القانون، ويؤمن الإنتقال الديمقراطي والتداول السياسي. ودعت الأحزاب المواطنين إلى عدم الانسياق وراء أبواق تدعو إلى الفتنة وزرع الرعب، والتوجه إلى صناديق الاقتراع يوم 1 نوفمبر المقبل لقول كلمة الفصل. أبان رئيس جبهة الحكم الراشد الدكتور بلهادي عيسى، في تصريح ل «الشعب»، عن تفاؤله بما تحمله الوثيقة النهائية لمشروع تعديل الدستور، وإن لم يطلع رفقة تشكيلات سياسية أخرى، على مضمونها بعدُ، مرجعا ذلك إلى تصريحات رئيس الجمهورية والعاملين في لجنة الخبراء. وقال إن وثيقة الدستور سترقى للتوافق المجتمعي بين الفئات والمكونات الاجتماعية والسياسية والمدنية، وهذا –حسبه- «مؤشر كافي على التفاعل الإيجابي مع المقترحات المقدمة من طرف الأحزاب والمنظمات والشخصيات الوطنية». بلهادي: الدفع إلى السلم والصلح وأعرب بلهادي عن أمله في أن يرقى مشروع التعديل الدستوري إلى التوافق الشعبي والمجتمعي، ويكون أداة تؤسس لجمع القوى السياسية والمجتمع المدني حتى نمضي قدما إلى تأسيس الجزائر جديدة، كما يطمح إلى ذلك رئيس الجمهورية ومن خلاله الطموح الجماعي المعبر عنه في المنابر السياسية ووسائل الإعلام. ولأنه بعد أكثر 58 سنة من استقلال الجزائر، مازال شعبها يعاني في مناطق الظل، شدد بلهادي على ضرورة أن يؤسس التعديل الدستوري لحفظ ماء وجه الطبقة محدودة الدخل والمتوسطة، وحفظ مربع الحياة الكريمة للمواطن الجزائري، ويكون في مستوى تأمين الانتقال الديمقراطي والتداول السياسي، وتعزيز الأمن الثقافي والغذائي والاقتصادي، والدبلوماسي، وتحقيق الأمن الصحي، بعدما فتحت جائحة كورونا نافذة أخرى على واقع جديد. وتراهن جبهة الحكم الراشد، حسب رئيسها، على دستور جديد يكون في مستوى التحديات التي تنتظر الرئيس، والقائمين على شؤون الدولة بما يحفظ كرامة الجزائر والمواطن الجزائري في الداخل والخارج وطنه، داعيا الجميع لعدم الانسياق وراء الأبواق التي تدعو إلى الفتنة وزرع الرعب في نفوس الجزائريين، والتوجه إلى صناديق الاقتراع يوم 1 نوفمبر المقبل لقوله كلمته الفصل إذا رأى أن التعديلات تنسجم مع طموحاته. ويرى بلهادي أن مشروع التعديل الدستوري يفي بالغرض في المرحلة الحالية، و»بالتالي يجب الدفع إلى السلم والصلح والحفاظ على مصداقية الدولة ومؤسساتها والإرث التاريخي المشترك الذي قوامه بيان أول نوفمبر». خليف: إرساء مؤسسات دستورية تتمسك الجبهة الوطنية للعدالة الاجتماعية، بمسعى التعديل الدستوري، الذي بادر به رئيس الجمهورية، من أجل بناء أسس جديدة للجزائر الجديدة، تأخذ بعين الاعتبار مطالب الحراك الشعبي، وطموحاته في إرساء مؤسسات دستورية قوية تحتكم للشرعية الشعبية وليس لحكم الفرد. وقال رئيس جبهة العدالة الإجتماعية، رضوان خليف ل»الشعب»، «لا نمتلك الوثيقة النهائية لمشروع التعديل الدستوري، لكن حسب ما لمسناه في تصريحات رئيس الجمهورية أو لجنة الخبراء، يتماشى مع ما اقترحناه»، موضحا «أن موعد الاستفتاء على المشروع في الأول نوفمبر المقبل مهم لأنه سيلبي كل المطالب المرفوعة من تعديل القوانين المتعلقة بالحياة السياسية، على غرار الأحزاب، الانتخابات، وانتخاب المجالس المحلية والبرلمانية التي ستكون منصة للتواصل بين السلطة والشعب». ووجه دعوة للشعب بكل أطيافه للاستفتاء حول مشروع تعديل الدستور، لأنه توجد مجالس منتخبة وصفها «بالهشة وغير التمثيلية»، لافتا الانتباه إلى ضرورة التوصل إلى «توافق» شعبي وسياسي حول هذا المشروع، لأنه «لا مجال لإنعاش اقتصادي واستقرار اجتماعي دون هذا التوافق، ونسيج سياسي نزيه يتماشى وطموحات الشعب الجزائري، وخاصة الشباب منهم». وأضاف أن «الواقع فرض علينا قوانينه الخاصة لأن الخطوة الأولى كانت تقتضي الذهاب إلى تعديل قانوني الانتخابات والأحزاب، ولكن بسبب الخطر الموجود في الشارع الجزائري والنوايا السيئة لعدة دول محيطة بنا حتى ولو كانت بعيدة عنا تركنا نذهب إلى خطوة تعديل الدستور ثم الانتخابات المسبقة»، لذلك «الجميع اليوم عليه أن يقدم تنازلات ليس للأشخاص ولكن للوطن والاستقرار ولكيان الدولة». وذكر أنه «كما ضحّى أجدادنا قديما من واجبنا اليوم التضحية لبناء الجزائر الجديدة التي يطمح إليها أولادنا، جزائر تكون رائدة إقليميا تعيد رسم مكانها في الخريطة الجيوسياسية بعد أن غيبت لعدة سنوات بسبب صراعات داخلية». عماري: أرضية لضبط العلاقة بين المؤسسات استخلصت جبهة التحرير الوطني، من توجيهات رئيس الجمهورية الواردة في مجلس الوزراء، أن وثيقة مشروع قانون التعديل الدستوري، توفر الأسس القانونية والدستورية من أجل بناء الجزائر التي تكون مؤسساتها في خدمة شعبها ويحظى فيها جميع مواطنيها بالتساوي أمام القانون. ويسمح مشروع تعديل الدستور، مثلما ذكر المستشار الإعلامي بالحزب محمد عماري ل»الشعب»، بتوفير الأرضية الصلبة والمناسبة لتعديل حزمة القوانين، التي تؤطر المجتمع السياسي والمدني وتضبط العلاقات بين المؤسسات على قواعد جديدة مستمدة من روح الهبة الشعبية، التي طالب بها الجزائريون بإصلاح سياسي ودستوري عميق، وبالتزامات رئيس الجمهورية خلال حملته الإنتخابية وتعهداته بعد انتخابه رئيسا. وأعرب عن أمله في أن تكون القوانين القادمة على غرار قانوني الأحزاب والجمعيات والإعلام وغيرها، تعبر عن الفلسفة التي وردت في توجيهات رئيس الجمهورية خلال اجتماع مجلس الوزراء الأخير. بوطبيق: فرصة لصناعة الوعي تترقب جبهة المستقبل، كغيرها من الأحزاب السياسية، أن تحمل الوثيقة النهائية لمشروع التعديل الدستوري «ما يثلج صدر المواطن» مثلما صرح به عضو المكتب الوطني فاتح بوطبيق ل»الشعب»، وما يلبي طموحات بناء جزائر جديدة، تختلف من حيث الممارسة والأساليب عما سبق، وتصنع للجزائر مستقبلا مشرقا، يكون في مستوى التحديات الداخلية والخارجية. وأكد بوطبيق أن جبهة المستقبل «تتمسك بالشرعية»، لأنه «بعد الحراك طرحت مسألة المرحلة الانتقالية أو الشرعية، فتمسكنا بالشرعية تجنبا للمراحل الانتقالية وما يصاحبها من آثار سلبية». وتوقع بوطبيق أن نرى دستورا جديدا على «مقاس الشعب الجزائري» تعطى فيه السلطة للشعب لاختيار ممثليه، وتكون الشرعية الشعبية قائمة دائما في صناعة المؤسسات، ويوضح منظومة الحكم، التي كانت هجينة في مرحلة الحكم السابقة، فلا كانت نظاما رئاسيا ولا هي شبه رئاسي ولا برلماني، ويضع المعايير الحقيقية لبناء هذا النظام، حتى نعطي للسلطات سواء كانت تنفيذية أو تشريعية صلاحياتها الواضحة، ويكون لدينا فصل بين السلطات أو توازن بين السلطات ويحقق المرجو من العمل التشريعي أو القضائي أو التنفيذي. وتأمل جبهة المستقبل، في التعديل الدستوري إبعاد مسائل الهوية الوطنية عن النزاعات والصراعات حتى نضمن للوحدة الوطنية بريقها، وإعادة بعث روح نوفمبر في كل مسار الإصلاحات السياسية بعد 58 سنة استقلال، حتى لا نتنكر لتضحيات الشهداء والمجاهدين، ونلتزم بمواطنة حقيقية. واعتبر بوطبيق التعديل الدستوري «فرصة لصنع الوعي وعنصر الرضا، المتعلق بالثقة التي تتوج ممارسات كل الأحزاب السياسية والنخب»، داعيا إياهم إلى زرع الخطاب الجامع، الذي يبني ويعطي البدائل والحلول ويبعدنا عن التشنجات، حتى لا نجعل المواطن في عزلة، ونعطي مناعة للدولة ومؤسساتها. وخلص إلى القول إنه حان الوقت «لنتمسك بالشرعية الشعبية الدستورية ونصنع مؤسسات قادرة على تحمل المسؤوليات اتجاه التحديات الداخلية أو الخارجية، ونتلاحم فيما بيننا ونعطي لأنفسنا درسا في الوطنية مرة أخرى من خلال نوفمبر ودستور نوفمبر، فتصبح جزائر جديدة حقيقة بين بيان أول نوفمبر ودستور نوفمبر».