أحزاب تطالب بتعديل دستوري معمق وتمكين الشعب من قول كلمته أجمعت أغلب التشكيلات السياسية، على ضرورة إحداث تعديل دستوري "معمق" يستجيب لتطلعات الجزائريين، وتحقيق الاجماع حول صيغة الدستور الذي ستقترحه اللجنة التي نصبها الوزير الأول أمس، بقرار من رئيس الجمهورية، ويطالب قادة الاحزاب بالحسم نهائيا في نظام الحكم، والانتقال من منطق الشمولية في المواد الدستورية، إلى مواد أكثر دقة خاصة ما يتعلق بالحريات الفردية والجماعية، كما أبدى غالبية قادة هذه الأحزاب تأييدهم لعرض الدستور على الشعب ليقول كلمته أبدى "الافلان" دعمه للذهاب بعيدا في التعديل الدستوري، والتعمق أكثر في بعض المفاهيم، والخروج من دائرة الشمولية حول بعض المسائل إلى مفاهيم أكثر دقة، خاصة ما يتعلق بالحريات الفردية والجماعية، وآليات الرقابة بمختلف أشكالها، كما يرافع الأفلان، من أجل إعادة النظر في صلاحيات "مجلس الأمة من خلال منحه صلاحية اقتراح قوانين تتعلق بالجماعات المحلية والاقليم. وقال المكلف بالإعلام لحزب جبهة التحرير الوطني، قاسة عيسي، في تصريح "للنصر" بان الاعلان عن تعديل الدستور، يأتي تكملة لمسار الاصلاحات التي أطلقها الرئيس بوتفليقة، والتي سمحت بمراجعة ترسانة من النصوص القانونية، والتي سيتم استكمالها من خلال الشق المتعلق بتعديل الدستور، موضحا بان "الافلان" عرض اقتراحاته بهذا الخصوص خلال المشاورات السياسية التي اجرتها اللجنة التي ترأسها رئيس مجلس الأمة عبد القادر بن صالح. وأضاف قاسة، بأن موضوع التعديلات الدستورية، كان متوقعا عرضه خلال الدورة الاخيرة للجنة المركزية، إلا ان التطورات التي عرفها الحزب بعد سحب الثقة من الامين العام، حالت دون ذلك، موضحا بان اعلان الرئيس تنصيب لجنة لصياغة التعديلات الدستورية، بمثابة رد على الاطراف التي حاولت التشكيك في هذا الأمر، وزعمت بتراجع الرئيس عن هذه الخطوة. وأشار القيادي في جبهة التحرير الوطني، بان حزبه، قدم جملة من الاقتراحات وصفها ب"العميقة، ومنها مراجعة عمل الهيئة التشريعية، وقال "من غير المقبول ترك مجلس الامة بالشكل الحالي" موضحا بأن "مجلس الأمة" وضع في ظروف معينة، ويرافع الافلان من اجل اعطاء المجلس، مجالا للمبادرة في كل ما يتعلق بالقوانين المرتبطة بالجماعات المحلية والإقليم، وقال "ما دام المجلس منتخب من طرف منتخبين فمن الاجدر ان يلعب دورا في تنظيم الاقليم ويتمتع بصلاحيات سن قوانين تتعلق بالمجموعات المحلية". وفيما يتعلق بنظام الحكم، يرى الافلان، ضرورة اعتماد نظام رئاسي، مع اعطاء صلاحيات اكبر للبرلمان، وفي نفس الوقت يتم تحديد صلاحيات الوزير الاول او رئيس الحكومة، بشكل يمنع اي تداخل مع صلاحيات الرئيس الذي يرأس مجلس الوزراء ويمنع بذلك التناقض في الصلاحيات في ادارة الهيئة التنفيذية، كما يقترح الافلان، تعيين الوزير الأول، من الحزب الفائز بأكثرية المقاعد في الانتخابات التشريعية. كما يرغب الافلان، من جانب اخر، في توضيح الاليات المتعلقة بالرقابة، سواء تعلق الامر بالرقابة السياسية، او الإدارية، مع تحديد وسائل الرقابة، لجعلها اكثر فاعلية، اضافة الى ذلك يقترح "الافلان" الخروج من دائرة "الشمولية" في مجال الحريات الفردية والجماعية، وتحديد مفاهيم اكثر دقة، خاصة ما يتعلق بحرية التعبير والتجمهر والتجمع، وهي المفاهيم المعتمدة عالميا في الدساتير التي اقرتها اغلب الدول، لتحديد بعض المفاهيم خاصة ما يتعلق بحرية المعتقد، وحرية ممارسة الشعائر الدينية، ما تسمح بمواجهة كل الانحرافات على غرار عمليات التبشير التي عرفتها الجزائر في الفترة الاخيرة، وبروز افكار دينية دخيلة . وبخصوص الصيغة المحتملة لاقرار هذه التعديلات الدستورية، أشار عيسى قاسة، بان طبيعة التعديلات المقترحة، ستحسم في طريقة اعتماد الدستور المعدل، وقال "اذا كانت التعديلات تمس التوازنات الكبرى للسلطات سيعرض النص على الاستفتاء وإن كانت غير ذلك كما وقع في 2008 سيتم اقرارها عبر البرلمان"، مشيرا بان محتوى التعديلات ستحدد الالية التي ستعتمد لاقرار الدستور الجديد. جاب الله: الدستور بحاجة لمراجعة عميقة وعلى الشعب أن يبدي رأيه شدد عبد الله جاب الله رئيس جبهة العدالة والتنمية، من جانبه، على ضرورة إسناد تعديل الدستور للمختصين وذوي الكفاءة الممثلين لمختلف التيارات الناشطة في البلاد قصد تحقيق توافق وطني فيه. وقال جاب الله في تصريح "للنصر" بأن التعديل الدستوري يجب أن يجدد الوفاء لثورة نوفمبر، ويكرس امل وطموحات الشعب في مستقبل أفضل في ميادين الحياة المختلفة. وأكد جاب الله على أن تعديل الدستور يجب أن يكون شاملا وعميقا وجوهريا حتى يتم الخروج من دائرة التعديلات الجزئية المتكررة، وذلك بداية من الديباجة الى الافكار الانتقالية والختامية، واعتبر رئيس جبهة العدالة والتنمية، بان اي "التعديل لمجرد التعديل او التعديل الجزئي سيكون بمثابة اخلاف بالوعد الذي قطعته السلطة على نفسها بتكريس اصلاحات حقيقة". وأبدى جاب الله، دعمه لخيار طرح الدستور الجديد على الاستفتاء الشعبي ليقول الجزائريون كلمتهم فيه. حمس: الجزائر بحاجة لدستور اصلاحي لا ينتهي مع كل فترة سياسية ويرى عبد الرحمن سعيدي، رئيس المجلس الشورى لحركة مجتمع السلم، بان اللجنة المكلفة بصياغة مشروع التعديل الدستوري، "تقنية اكثر منها سياسية" بحكم انها تضم خبراء وأخصائيين في القانون الدستوري، موضحا بأن الأحزاب لا تمتلك في الوقت الراهن صورة عن طبيعة التعديلات التي ستناقشها اللجنة. وقال سعيدي، بأن الحركة، عرضت خلال جلسات الحوار التي عقدتها لجنة بن صالح، وخلال اللقاء الذي جمع قيادة الحركة، مع الوزير الاول عبد المالك سلال، جملة من الافكار، لضمان التوازن بين صلاحيات المؤسسات الدستورية الثلاث، التنفيذية والتشريعية والقضائية، وتكريس نظام برلماني، مع العودة الى نظام "رئاسة الحكومة" اضافة الى تحديد العهدات الرئاسية. وقال سعيدي، بان اللجنة " لها مفهوم تقني"، وتساءل عن طريقة تعامل اللجنة مع المقترحات التي تقدمت بها الاحزاب السياسية، وأضاف قائلا "الايام القادمة كفيلة بتوضيح الرؤية بهذا الخصوص"، وتمنى القيادي في حركة حمس، ان يكون التعديل الدستوري موسعا، وهو ما يعطي "عمقا للإصلاحات السياسية" ويكرس دستورا لا يحتاج الى تعديل خلال كل فترة سياسية، مبديا تفضيله لطرح النص على الاستفتاء الشعبي، بعد عرضه للنقاش امام الاحزاب. ربيعي: الدستور يجب أن يكون توافقيا ومحل نقاش واسع يؤكد الأمين العام لحركة النهضة، فاتح ربيعي، ضرورة التوصل الى "دستور توافقي" وقال في تصريح "للنصر" بان الوصول الى هذا المبتغي، يتطلب "فتح نقاش واسع بمشاركة مختلف مكونات الساحة السياسية" كمرحلة أولى، وتشكيل لجنة تأخذ بعين الاعتبار كل الافكار المطروحة في الساحة السياسية، والتوفيق بينها. واعتبر ربيعي، بأن اللجنة المشكلة لصياغة هذه التعديلات، "لا تلبي هذه المطالب ولا تستجيب للشروط التي تسمح بالتوصل الى التوافق"، وبرر ربيعي موقفه ب"تغييب الاحزاب السياسية في اللجنة التي تمثل طرفا واحد هو السلطة". واوضح الامين العام لحركة النهضة، بان حزبه يرى في تعديل الدستور "فرصة حقيقية لتحقيق الاصلاح المنشود"، وقال بان هذا النجاح مرتبطا بوضع دستور يحترم حقوق كل الجزائريين ويضمن كرامتهم، واعتبر ربيعي، بأن الدستور الحالي، بحاجة الى تغيير عميق، يسمح بتحديد عدد من المفاهيم، منها تحديد نظام الحكم، وقال بانه حزبه يناضل من اجل اقرار نظام برلماني، اضافة الى تكريس مبدا الفصل بين السلطات ومبدأ توازن السلطات، وتجسيد استقلالية القضاء عن السلطتين التشريعية والتنفيذية. كما اكد ربيعي، على ضرورة توسيع مجال الحريات بمختلف أشكالها وتعميق هذه الحريات. وأبدى الامين العام لحركة النهضة، دعمه لفكرة تحديد العهدات الرئاسية، وحصرها في عهدة رئاسية قابلة للتجديد مرة واحدة فقط، وهو المعيار المعمول به في اغلب دساتير دول العالم، وأكد ربيعي، ضرورة عرض النص على استفتاء شعبي، وقال بان البرلمان الحالي منقوص الشرعية ولا يمكن اللجوء اليه للنظر في وثيقة تهم كل الجزائريين. من جانبه ابدى التحالف الوطني الجمهوري، تأييده لإقامة نظام شبه رئاسي مع تعزيز دور مجلس الأمة والمجتمع المدني. كما دعا الى ضرورة أن يتضمن التعديل الدستوري المقبل "تعزيز دور مجلس الأمة بإعطائه صلاحيات في التشريع سيما ما تعلق بالشأن المحلي وتسيير الجماعات المحلية". واعتبر الحزب، انه من الضروري "تكريس مادة في الدستور تعزز دور المجتمع المدني مثلما تم مع دور المرأة". من جانبه، يرى الأمين العام للحركة الشعبية، بأن التعديل الدستوري القادم يجب أن يتضمن التأكيد على الطابع الجمهوري و الديمقراطي للدولة الجزائرية و أن مجلس الأمة ينبغي أن يبقى صمام الأمان و الحامي من الانحرافات التي قد تحدث بالغرفة السفلى للبرلمان و أن دور الثلث الرئاسي في ذلك كبير، وشدد عمارة بن يونس على ضرورة الحفاظ على الإطار الديمقراطي للدستور في خضم عملية تعديله، مع تكريس حرية الوصول إلى السلطة والمحافظة على كل الحريات دون استثناء. اما رئيس جبهة المستقبل، عبد العزيز بلعيد، فرافع من أجل تحديد العهدات الرئاسية، مشيرا الى أن التعديل الدستوري لابد أن يشمل ثلاث نقاط ، أولها انشاء هيئة وطنية تشرف وتنظم الانتخابات تكون منتخبة ومستقلة عن الادارة والأحزاب، وثانيا لابد أن نعود الى تحديد عهدتين رئاسيتين وذلك من أجل التداول الحقيقي للسلطة والديمقراطية ، أما ثالثا قتتمثل في انشاء مجالس دستورية، منها مجلس أعلى للشباب وآخر للإعلام وغيرها. ويشار بان "النصر" لم تتمكن من الحصول على مواقف "الارندي" و "الافافاس" و"الارسيدي" بخصوص التعديل الدستوري، وقرار الرئيس تشكيل لجنة لصياغة هذه التعديلات رغم اتصالاتنا المتكررة طيلة اليوم.