كشف وزير الصناعة فرحات آيت علي، عن خطوات حكومية لإعادة بعث اقتصاد منتج في قطاع الصناعة، بما يضمن نوعا من الاستقلالية عن السوق العالمية، خاصة ما تعلق ببعض المعدات الاستهلاكية والصناعية، التي كانت تنتج محليا في الماضي القريب بجودة عالية وكميات كافية. وعد وزير الصناعة، لدى نزوله ضيفا على جريدة «الشعب» بانطلاقة جديدة عن قريب لاقتصاد عقلاني وموضوعي تطغى فيه المصالح العامة على حساب الشخصية، إضافة إلى الاستغلال الجيد للموارد البشرية وتحقيق النمو في الاستهلاك والإنتاج معا، مؤكدا أن الجزائر انخرطت في مسعى خاطئ طيلة 30 سنة من خلال احتياجات جديدة غير ضرورية بغرض تسويق بعض المواد. وقال الوزير إن رفض الكثير ممن لديهم إمكانيات للاستثمار فتح المجال للمصنعين الوهميين وإعفاءات جبائية وصلت في بعض المواد المستوردة إلى 100 بالمئة تحت قناع التصنيع الوهمي، مضيفا أن الجزائر البلد الوحيد الذي يلجأ إلى إعفاءات جمركية مبالغ فيها. ودعا وزير الصناعة والمناجم إلى عدم الاعتماد على مداخيل النفط حتى في حال ارتفاع الأسعار في السنوات القادمة، لأنه لن يخدم مستقبل الاقتصاد الوطني، مضيفا أن إمكانيات إنتاج البترول لن تتعدى مدة 20 سنة، وهذا كأقصى تقدير. ولفت إلى أن القطاع العمومي في الصناعة تعرض إلى ضربات موجعة جعلته يتكبد خسائر كبيرة ويسجل عجزا ماليا مستمرا، مذكرا بزيارته الأخيرة إلى مركب الحجار للحديد والصلب، واصفا الوضع على مستواه بالكارثي، بالرغم من توفر الكفاءات والمعدات، علما أن نسبة الإدماج في الصيانة -على حد قوله- تعدت ما تحققه المصانع التابعة للقطاع الخاص. وأكد دراسة جميع الأسباب التي أدت الى تدهور القطاع العمومي من أجل العمل على خلق سياسة جديدة ونظرة شاملة ومخطط فعال لبعث وإعادة هيكلة المشروع والبحث عن والميكانزمات وتوفير الإمكانيات، بما يسمح للمجتمعات العمومية بالرفع من قدراتها الإنتاجية وإعادتها إلى مكانتها السابقة. وأشار إلى أن هيكلة بعض المؤسسات العمومية تمت في وقت سابق بطريقة عشوائية لأنها اعتمدت على نظريات خاطئة ولم تتماشى مع الواقع الإقتصادي، إضافة إلى عدم بعث الاستثمارات المنتجة في سنوات ما بعد أزمة التسعينات، الأمر الذي لم يكن منتظرا على حد تعبيره. وحسب وزير الصناعة، المجمعات الصناعية العمومية تعد القاعدة الصناعية الوحيدة التي تتمكن في المستقبل من دمج أكبر حجم ممكن من المواد الأولية المحلية وتخلق قيمة مضافة حتى إذا كانت مستوردة في شكل خام، خاصة وأنها لن تكلف الدولة أموالا باهظة. وفيما يخص حجم الخسائر التي تكبدها القطاع بسبب وباء كورونا، أجاب وزير الصناعة أن المجمعات الصناعية لم تتأثر بدرجة كبيرة بالجائحة، مشيرا إلى تسجيل نقص في المداخيل والإنتاجية وتقليص وتيرة بعض الوحدات، في حين لم تغلق المصانع. وفي ذات السياق، يرى وزير الصناعة أنه مع انتهاء أزمة كورونا لن ينطلق الاقتصاد بنفس الوتيرة بعد أن شهد تباطؤا حادا على المستوى العالمي لأسباب طارئة وليس هيكلية، مؤكدا أن الأمر الإيجابي يكمن في أن المصانع تتوفر على مخزون كاف من المنتجات والمعدات الصناعية ما يمكنها من تخطي أزمة كورونا والعودة بقوة وتدارك التأخر الذي سجل لعدة أشهر. وأوضح «ضيف الشعب» قائلا «أغلب الشركات التابعة للقطاع العمومي لديها قابلية في الاستمرار في إنتاج منتجات ومعدات والنهوض بالصناعة الجزائرية بفعل الكفاءات التقنية والإطارات واليد العاملة المؤهلة، علما أن بعض الجهات وأطراف من مصالح أجنبية أو أخرى مشبوهة تسببت في عرقلة نشاط المجمعات العمومية. وفيما يخص اتفاق مجمع «أوني» بسيدي بلعباس لإقامة شراكة مع المجمع الإيطالي «فيمار» لإنتاج الألواح الشمسية أجاب أن الملف متواجد على مستوى الوزارة ويتم دراسته بعمق خاصة مع تلقي اقتراحات من شركات عالمية أخرى حول نفس المنتوج، مشددا على ضرورة الأخذ بعين الاعتبار السياسة الجديدة المعتمدة في إقامة الشراكات مع الأجانب وكل ما يتعلق برؤوس الأموال، مشيرا إلى تحايلات كبيرة قام بها شركاء أجانب بحجة تحويل التكنولوجيا والمعارف.