كنت أنتظر بشغف شديد وضع معزة جدتي لجديها، كانت تغادر كل فجر الى قطيعها في نفس الوقت الذي أحمل لوحتي إلى الكتاب. جدتي كانت تعلم متى تنجب معزتها جديا وأحيانا جديين اثنين.. أبقى أنتظر عودة القطيع قبل المغرب بقليل..لتتسمر عيني في ذاك الجراب الذي يحمله الراعي ويضع فيه الجِدْيان التي تولد في المرعى..كنت أجري لأحتضنه ولتبدأ طقوس جدتي مع المولود الجديد ومع أمه إذ تضع يدها في فمه لتنزع منه شيئا فيصيح صيحته الأولى، ثم تعطيه لأمه لتنظفه لحسا بلسانها قليلا فتضعه تحت قفة بعد ان تفرش له قطعة من الخيش.. ثم تضع شيء من الشعير في طجين الطين ليسخن وتقدمه لمعزتها.. كنت أنتظر ذالك الحليب الاول الذي تحلبه جدتي، والذي تضعه يسخن على نار هادئة ثم تنزع منه جبن (اللبى) الذي كنت أحلم به..كان لذيذا جدا ذلك الجبن، في الصباح تبقى المعزة لترتاح عشرة أيام كاملة..قبل أن تعود لقطيعها و يكون الجدي قد بدأ النط و اللعب..أما رضاعة امه فتكون بانتظام..إذ توضع في فمه (شبابة) وهي عود من جريد النخل حتى لا يستمر في الرضاعة.. جدتي قبل أن أنام كانت تروي لي أحجية الجنية الجميلة التي تسكن بستان جدي..ثم تلعب معي لعبة الذئبة وابنها وهي عض أذني بفمها الذي بقي فيه سنان فقط وعندها أغط في نوم عميق..