بزغ نجم الشعر النسوي في العالم العربي فاحتضنته إبداعات نسوية تشبثن به وتفنن في نظمه، ومن بين من برعن في هذا المجال المناضلة والمكافحة بالكلمة والإحساس الأديبة الإعلامية العراقية نضال العزاوي، التي حاورتها «الشعب ويكاند» حول «دور المرأة العربية الشاعرة في مواجهة التحدّيات وإثبات الذات. الشعب: بداية من هي نضال العزاوي؟ الاسم الإعلامي نضال العزاوي، والحقيقي نضال علي حسين سلطان، مديرة ومؤسس رابطة المرأة للابتكار والإبداع ومديرة تحرير مكتب العراق لدى جريدة كنوز عربية في مصر ومحررة في مجلة المرايا الأدبية. أغلب كتاباتي عن المرأة، وقد شاركت بعدة مهرجانات للشعر العمودي، وكسبت رضا الجميع في مهرجانات حديثة للشعر العربي لموسمين متتاليين، مثله كمثل مهرجان القيروان للشعر العربي في تونس الشقيقة، كما أني عضو في الإدارة العليا للتنسيق في مهرجان الشعر العربي في الإسكندرية، وممثلة المهرجان في العراق للموسم الرابع.. ظفرت بعدة تكريمات وجوائز؛ منها درع الإبداع والتميّز من صالون العشرين في جمهورية مصر العربية، ودرع المتميزين من سفير السلام، الأستاذ صادق الموسوي، ودرع الإبداع من قبل القنصل اليمني، كما تم اختياري كأفضل خمسين شخصية إبداعية في الوطن العربي من قبل تجمع السلام العالمي في جمهورية مصر العربية، وحاليا أنا معدة ومقدمة برنامج «صوت العراق» للمخرج محمد حسين الزيدي، يعرض أون لاين TV... في رصيدي الأدبي العديد من المؤلفات التي تخصّ كفاح وعطاء المرأة، من أهمها كتاب «كلمات على الطريق» و»امرأة لا تكسر» عن معاناة المرأة في ظل الحروب المتعاقبة في العراق، بالإضافة إلى ديوان»حورية دجلة» للقصيدة العمودية، تم طباعته في جمهورية مصر العربية، وديوان «عزف شذرات» للقصيدة العمودية الذي تم طباعته في العراق، وكذا كتاب «الدرة البهية في شعراء الإسكندرية»؛ وهو كتاب إعلامي، تضمن حوارات مع 25 شاعرا وناقدا وأديبا من 16 دولة عربية شاركوا معي في مهرجان الإسكندرية الدولي في جمهورية مصر العربية، وقد نال إعجاب معظم المشاركين.. «الشعب»: قيل لنا أنّ نضال حوربت من أقرب الناس لها؟ في مسيرتي الأدبية خضت معاركا كثيرة في جبهات متعددة، وكنت في المواجهة؛ ولعلّ أخطرها أسرتي التي وقفت علنا ضد قناعاتي الشخصية في مجتمع ذكوري يرفض تسمية المرأة بالشاعرة أو الإعلامية، ويعتقد أنّ كتابة الشعر حكرا على الرجل، وقد مررت بهذه التجربة حين قال أحد الشعراء إنّ «نضال العزاوي» لا تستطيع أن تكتب جملة واحدة أو بيت من قصيدة، ما زادني إصرارا على النجاح والتميز، وإثبات حقيقة مفادها، أنّ المرأة إذا أرادت أن تكون، تتحدى المستحيل.. ديوان للنثر وكتاب عن المرأة يصدران قريبا -حدّثينا عن طموحاتك ومشاريعك في المستقبل؟ أحضر حاليا لطبع ديوان من النص النثري بعنوان: «وطني أغنيك جرحاً»، وكتاب عن المرأة بعنوان: «وتد الأحرار»؛ يحكي عن المرأة العراقية ووقوفها مع أبنائها في تصعيد ثورة أكتوبر في ساحات التحرير. وإنني أحرص على تحديد الأهداف القابلة للتحقيق، وأولى مشاريعي هو أن أنظم حفلا كبيرا لشاعرات عراقيات، وأتمنى لو أنّ باستطاعتي أن يكون بمثابة «كرنفال» سنوي للشاعرات العربيات، يتم فيه تكريم الشاعرة خاصة والأديبة عامة، وسأسعى جاهدة لتحقيقه حين يتنفس الإنسان هواء نقياً ونظيفا ما بعد جائحة كرونا. مسميّات عديدة، تعطي انطباعا مسبقا للمتلقي الشعب: يصر البعض على تصنيف الأدب عامة والشعر خاصة على أساس الاختلاف الجنسي، فما رأيك في ذلك؟ الأدب لا يقف عند التصنيف، وأنا أرفض العنصرية في التصنيف، فكلا من الجنسين طريقته الإبداعية، والنصوص الشعرية، تصنّف بحسب الموضوع أو المواضيع المطروحة وليس جنس الكاتب، ويبقى الإبداع هو المرجع الأول في الحكم على مستوى المفكّر أو الأديب أو الفنان... وإنّما الشعر في مواقف كثيرة أقدر من الشعراء، كموقف الخنساء مع حسان بن ثابت حين ردته ببيتين بسبعة أخطاء جمالية في سوق عكاظ، قبل موسم الحج في الجاهلية، والشرح في هذا يطول، باعتبارها من أشهر شاعرات العرب، وفي هذه الفترة الانفتاحية من عصرنا تقدمت المرأة الشاعرة والأديبة كثيرا، وهناك عدد من الشاعرات كتابتهن تفوق الشعراء جمالا، مع ذلك صنفهن المجتمع تحت مسميات عديدة، تعطي انطباعا مسبقا للمتلقي، ومنها «بنون النسوة»، وغيرها من المسميات التي لا نريد أن يبنى التذوق عليها، ويجب أن نعطي كل ذي حق حقه في نقد النتاج.. صراع دائم لإقصاء المنافس - ما الذي تتميز به المرأة الكاتبة؟ للمرأة العربية المبدعة، دورا بارزا في جميع المجالات، بعدما تمكنت بكل حزم وعزم من تدوين اسمها بحروف من ذهب في حقول الأدب المختلفة، متحدّية بذلك القيود المتعددة المفروضة عليها في كل زمان ومكان... وذكرنا مسبقاً أن لا جنس في الأدب؛ فقد كانت الكتابة النسائية، ولا تزال مصطلحاً غير ثابت، فهناك اعتراضات كثيرة على تسمية الأدب النسوي، وللأدب مقومات متى توفرت في شخص ما ذكر كان أم أنثى يحكم على أدبيته؛ لذلك فإنّ الأدب للجنسين، والإبداع هو الفاصل... وأوّد أن أعاود وأكرّر، أنّه لا فرق عندي في تسمية الأدب، وقد شاركت المرأة العربية في عدة مهرجانات شعرية ومؤتمرات أدبية، وكان لها حضورا واضحا على منصة الشعر والأدب، وأعتقد أنّها كسرت القيود المجتمعية وانطلقت في أخذ حقها كمبدعة في كل الأغراض الشعرية، ولم تقتصر على الرثاء والتفاخر، كما كانت من قبل، فقد كتبت أجمل القصائد الغزلية العفيفة التي أخذت الطابع العربي الخجول، ومنها الأقلام النسوية «الجزائرية» سواء كانت روائية أو قاصة، على غرار زينب الأعوج وفضيلة الفاروق وأحلام مستغانمي، ومن الشاعرات أذكر مبروكة مسعود بوساحة ونادية نواصر، ورشيدة محمود وغيرهن كثير... المرأة العربية مبدعة الشعب: ما حظ المرأة العربية الشاعرة بين مثيلتها في العالم؟ الفروق الاجتماعية هي التي تحكم المرأة العربية الشاعرة والأديبة مهما كان إبداعها؛ فالأدب العربي النسوي يدخل صراع القوى، وكأن المرأة حين كتبت قد أخذت حقا ليس لها، بل هناك ممن عد فعل الكتابة لدى المرأة خطيئة، فإن تكتب معنى ذلك أن تعبر عن دواخلها وتقول مشاعرها، وهذا يعني أن تنافس الرجل في سلطة بناها لنفسه، لهذا تكوّنت لديه مجموعة من الآراء والتهم، وعادة ما يقرأ النص النسوي كرافض لما كتب لا كمرحب. برأيي تفوقت المرأة العربية بإبداعها، لأنها نجحت رغم كل الصعوبات والتحدّيات من جانبي المجتمع القبلي والمجتمع الذكوري في الوسط الأدبي، لهذا أعتبرها مبدعة على جميع نساء العالم. وأعتقد أن اختلاف البيئة التي تعيش فيها الشاعرة والتغيّرات التي تطرأ عليها بمختلف مجالات حياتها بشكل مستمرّ تؤثر فيها تأثيرا واضحا، لكن رغم هذا فالمرأة العربية كانت تكتب في غرضين هم الرثاء والتفاخر، والآن وقد استعادت شيئا من حريتها أبدعت في عدة مجالات أدبية، وعبّرت عن همومها الشخصية وأكثرها الهم الوطني، وهو ما يميزّها عن الرجل، بل هي الأكفأ والأقدر في التعبير عن ذاتها كإنسان، وهذه المقدرة لا يجاريها فيها أحد. لا عدالة في تناول الإنتاج النسوي من قبل النقد والإعلام الشعب: كثيرا ما يردد البعض أنّ الشعر العمودي من ممتلكات الرجل فقط في العالم العربي، ما رأيك؟ وماذا عن مستوى الإنتاج الشعري النسوي؟ لو كان الشعر للرجل لما كتب التاريخ عن أشعار العرب... لا ننسى الخنساء، ولادة بنت المستكفي، هند بنت عتبه، نازك الملائكة، لميعة عباس عمارة، وغيرهن من الشاعرات اللاتي برزن عبر العصور...فمهما كانت نرجسية الشاعر واعتزازه بنفسه يبقى للمرأة مكان في كل ركن من تفاصيل حياته. ونشير هنا أنّه لا يوجد ضعف في الإبداع النسوي، سواء كان شعرا أم نثرا أم أدبا، كل ما في الأمر لا عدالة في تناول النتاج النسوي من قبل النقد والإعلام، فكثيرا من النقاد يتناولون النتاج، بحسب المصالح والمحسوبيات، وخصوصا النتاج الذكوري، هذه مشكلة الوسط الأدبي... نرى أنّ إبداع المرأة في عديد الدول العربية معرض دائماً للنقد الذي يصل إلى التقليل من موهبتها والتشكيك في إبداعها، ذلك لأنّ مجتمعنا شرقي ذكوري بحت، ومن عادات الرجل الشرقي التحفظ ورفض اطلاع المرأة على الحياة الخارجية، كوننا نخشى انتقادات الآخرين، وهذا الصراع سيبقى دائم باعتقادي في هذا المجال، ولا ننسى أن المرأة تحمل الجاذبية والجمال، بالإضافة إلى جمالية شعرها وكلماتها التي تميزها عن الرجل. وبخصوص مستوى الدعم الذي تتلقاه المرأة العربية المبدعة في الشعر والأدب من الجهات الرسمية وغيرها من الفعاليات غير الحكومية، أؤكد أنّ الحكومات لا تدعم الوسط الثقافي بشكل عام، سواء أكان للمرأة أم للرجل. الشعب: إذا ما مدى تأثير غياب حرية التعبير والتأثير القبلي على المثقف أو الشاعر؟ في اعتقادي هذه الجزئية العمياء ثقافة وبصيرة والتي لا تستند إلى أساس ديني أو مجتمع متحضر باطلة، لأنها تشمل المرأة فقط. قاعدة أساسية للمرأة المبدعة الشعب: كلمة ختامية للمرأة الجزائرية المبدعة، والعربية عموما؟ أتمنى دوما أن تكون للمرأة المبدعة قاعدة أساسية في الوطن العربي كمركز تنتمي إليه كل امرأة لها موهبة في جميع المجالات، ويكون مركزها في أحد الدول العربية الداعمة للمرأة. وقد أسست رابطة المرأة للابتكار والإبداع التي أشرف على تسييرها رفقة كوكبة من الأسماء اللامعة لهدف تشجيع وتحفيز المرأة المبدعة على مواصلة موهبتها وتوسيع نشاطها بإقامة حفلات شهرية لتكريم المبدعات من الوطن العربي، وخصوصا العنصر الشبابي الذي لم يحصل على فرصة لإبراز مواهبه وإبداعاته، فقد عملت الرابطة على متابعة جميع النشاطات النسوية والمواهب الشابة، وتم تكريم أكثر من 100 شخصية إبداعية من العراق وسورية ومصر وتونس والجزائر وفلسطين، كما زرنا مؤخرا رابطة المرأة الفلسطينية في جمهورية مصر العربية، وقمنا فيها بتكريم عدد من المبدعات ورئيسة رابطة.