في نهاية الثمانينيات ..أمكن لي أن أكون قريبا منها ومن أفكارها ..كانت مولعة بقراءة الصحف ..ومطالعة جديد مجلة الوحدة ..ترسم لك لمسة من إضافات وتخمينات ..ربما كانت تهندس لبوح داخلها ..كنت أعايش هذا الحراك المضموني الذي تتسلح به وتحاول أن تكون آنية في تفكيرها وفيما ارتسم لي عنها عبر الوقت ..أنه زخم جميل من بوح يراد له أن يكون مبوبا وحالما ويؤدي المعنى ..كانت طالبة نجيبة وقارئة مميزة لها إحساس وتخمين ونغمات من كيمياء معانيها المخصبة ..كنا نتقاطع أحيانا في الجامعة في المكتبة الجامعية.. في مواقف حافلات الطلبة ..كانت سيدة لموقف لها هو معنى ترسمه هواجسها التي كانت تتقاطع لتنسج سيمفونيتها الواعدة ..نغمة تحيل على البوح ..وتفكير من خلاصات واعدة لا تريد لمساراتها أن تترمل ..كنت أحيانا أشتري أو أتحصل على دواوين لشعراء وروايات من كتاب لنا كانوا يصنعون وهج الإبداع ..كانت تسعد كي تقرأ من عندي تلك العناوين المضيئة ..كانت مبدعة من طراز مميز ..تقرأ الجديد والمتجدد من الإضافات ...كانت ترصد كل الجديد ...في الساحة تتعطر بإضافات الكبار ممن كانوا ينسجون لمساتهم ضمن متون الكتب الراقية ..إنها ببساطة وباختصار الشاعرة والكاتبة والإعلامية حبيبة محمدي التي صنعت مجدا لها عبر توليفة عطاءات كانت تناضل من اجل ترسيما ضمن الوعي والإدراك ..مرة سمعت من عندي كاسيت مسجلة لأخي وجماعته من موسيقيين .. في الأول ظنت أنها فرقة الشامية للموشحات لصباح فخري ..لكن سرعان ما عرفت أنها فرقه محلية ..من يومها عرفت أن شاعرتنا يغريها كل إبداع يغوص في المعنى الجميل ..النغمة والنوتة و الكلمات عندما.. تنتفض ترسم خلاصا لها وكينونة .. كانت تصنع فرحها عبر توليفه كلها عطاءات .. لم يكن بوسعي أن أتابعها بعد بداية التسعينيات حينما انتقلت كأمين تحرير للشروق الثقافي ..وقتها انقطعت أخبارها .. ولم تكن وقتها ثوره النات والانتارنيت تنعشنا بفواصلها ومحطاتها وبعاجل يحيلك على جديد الناس ..لكن بقت في ذاكرتي زميلتي في الحرف والإبداع والإعلام حبيبة محمدي الى أن جاءت اللحظة حينما سمعت يوما... أنها في القاهرة ..في جمهورية مصر العربية ..وتواجد حبيبة في القاهرة يعني لي بالحدس ...أنها في بيت نجيب محفوظ ومحمود أمين العالم ...تذكرة لها هناك تعيد لها ذلك التخمين الذي عايشته في الجزائر ..عملت الكاتبة محمدي مسؤولة في المركز الثقافي الجزائريبالقاهرة..وعملت أيضا بسفارة الجزائربالقاهرة لمدة طويلة...حيث كان لها دور فعال في مد جسور التواصل بين مصر و الجزائر و توطيد العلاقات الثقافية و الإعلامية بين البلدين...كانت القاهرة المكان الذي يتيح للدكتورة حبيبة محمدي أن تتصالح مع ذاتها وتقوم بتحيين تلك المحطات التي كانت تتوسم من خلالها إبداعا يعيد ترسيم وعيها من جهة... ويؤكد مكانتها الإبداعية والإعلامية من جهة ثانية .. يؤسس لعالمها الخاص عالم جميل كان من نتائجه أن عشنا زخما رائعا أنتجته هذه الكبيرة في زخم العطاءات خاصة وهي.. في مصر... في القاهرة... هناك حيث يكون لك متسع كي تحلم وتغوص في معالم هي نتاج لغة الحالمين من مثل الشاعرة حبيبة محمدي والتي هي شاعرة من جيل التسعينات ..وفقت الى أن تكتب القصيدة الحديثة..و تفتح نصها على التجريب بين القصيدة الومضة.. اللوحة..الشذرة و الإبجقرام ..وأحيانا " الهايكو " ...وهذا عبر شعر يلامس الحس الصوفي و الفلسفي...وكان لها أن تجسد هذا المعنى ..عبر مسيرتها مع الشعر والتي بدأت فعليا في جمهورية مصر العربية حينما أصدرت ديوانها الأول الموسوم ب "المملكة والمنفى" عن دار "سعاد صباح" القاهرة 1993....فقد حملت هموم وطنها وأمتها و أقامت لمدة طويلة ثقافيا و إنسانيا في مصر تحمل وطنها وتدافع عنه وعن ثقافته ومثقفيه... وكان لهذا التوهج الإبداعي أن رافقه هذا الكم الهائل من النقد يؤسس لعالم كله عطاءات ..حيث تناول أعمالها بالدراسة و النقد...نقاد مصريون و جزائريون ...وعرب منهم المفكر الكبير "محمود أمين العالم" و المفكر الكبير "جورج طرابيشي" والدكتور "شكري عياد"...و شيخ النقاد بالجزائر الدكتور "عبد الملك مرتاض" والدكتور "يوسف وغليسي"...كما كتبت عنها كل من الأديبة الكبيرة "غادة السمان"....و الشاعر الكبير "أحمد الشهاوي"..وآخرون. .. الدكتورة حبيبة محمدي أستاذة محاضرة في فلسفة الفن والجمال بجامعة الجزائر 2..و حاصلة على الدكتوراه من جمهوريه مصر العربية في الآداب " الفلسفة " ، ضم اسمها موسوعات و معاجم كثيرة، منها:معجم عن الشعر الجزائري للدكتور " عبد الملك مرتاض"، موسوم ب(معجم الشعراء الجزائريين في القرن العشرين)...وكتاب (خطاب التأنيث ..دراسة في الشعر النسوي الجزائري) للدكتور "يوسف وغليسي".. و أيضا (أنطولوجيا قصائد الهايكو العربية) للأستاذ " "عباس محمد عمارة" ...عن منشورات "مومنت" البريطانية...و موسوعة أخرى و هي ترجمة لأعمال شاعرات عربيات...و ستصدر قريبا مترجمة إلى الإسبانية للأستاذ "حسن نهابة".. وكتاب للدكتور "محمد عناني" عن أصوات عربية في القصيدة الجديدة.... الدكتورة حبيبة محمدي تمت دراسة أعمالها الشعرية في رسائل و مذكرات ببعض الجامعات الجزائرية..واختار الناقد الكبير الدكتور "محمد عناني" ديوانها "وقت في العراء" كنموذج لقصيدة النثر الحديثة و قام بتدريسه في جامعة القاهرة ...قسم اللغة الإنجليزية ...حبيبة محمدي حاليا كاتبة مقال رأي أسبوعي بجريدة "المصري اليوم" بمصر..فهي لها تجربة طويلة بالكتابة للصحافة المصرية..الجزائرية و العربية.فقد كتبت في صحف و مجلات عربية.. مصرية و جزائرية كثيرة...منها على سبيل المثال لا الحصر: ( "الأهرام" و "الأهرام إبدو " بالفرنسية .."الأهرام العربي".. "أخبار الأدب" .. "الشرق الأوسط" بمصر،و جرائد "الشعب"، "الحوار" و "الخبر" في الجزائر.. الإعلامية الدكتورة حبيبة محمدي ..لها تجربة بالإذاعة حيث أعدت و قدمت برامج ثقافية بالإذاعة الوطنية الجزائرية.. منها برامج : "شاعر و قصيدة"...."أحاديث الوطن و الشوق" ..."عِطْرُ الأولى"... .. حبيبة محمدي الشاعرة ..لها عدة دواوين شعرية و مؤلفات فكرية أشهرها: "المملكة والمنفى"..وهو باكورة دواوينها..صادر عن دار "سعاد الصباح" بالقاهرة..ثم "كسور الوجه" ... " وقت في العراء" ...."الخلخال"... "فيض الغربة"..."القصيدة السياسية في شعر نزار قباني" ...و غيرها من المؤلفات...و ترجمت بعض أعمالها إلى بعض اللغات مثل الفرنسية و الدانماركية واللغة الإنجليزية منها ديوان ...."وقت في العراء" ..، وآخر إصداراتها الفكرية كتاب حول العلاقة بين الشعر و الفلسفة في الفكر الفلسفي .." نيتشه " نموذجا.. عنوانه: " شهوة الحكمة، جنون الشعر". لقد أعيد طبع "وقت في العراء"و"فيض الغربة" خلال فعاليات الجزائر عاصمة الثقافة العربية 2007..مثلت بلادها الجزائر.. في عدة مؤتمرات ثقافية و ملتقيات فكرية..ومهرجانات شعرية في الوطن العربي و دول أجنبية. شاركت كضيفة شرف في "مهرجان البابطين بالجزائر " عام 2000..تم تكريمها بالجزائر و في عدة دول عربية و أجنبية...حيث كرمت بالجزائر بمسقط رأسها.. في يوم الفنان الجزائري...و بدار الثقافة بولاية " قسنطينة " بمناسبة اليوم العالمي للمرأة..و أيضا كرمت بعدة مهرجانات مثل مهرجان .."القيروان" و "المهدية" بتونس ...و "مؤتمر الكاتبات العربيات" بالدانمارك ، وأيضا بالقاهرة من هيئة قصور الثقافة و الهيئة المصرية العامة للكتاب بمصر... و الصالون الثقافي لسفارة السعودية بالجزائر.. و اختيرت عضوا في مجلس الصالون ..و تكريم آخر من "الملتقى الوطني":(سردية الشعر الجزائري المعاصر) ...و غيرها الكثير من المشاركات الثقافية والأدبية و التكريمات داخل الجزائر و خارجها و تُوِّجت بتكريم من معرض القاهرة الدولي للكتاب في دورة اليوبيل الذهبي2019... لها قيد النشر: مخطوطان شعريان و كتاب فلسفي.، حيث هي ممثلة ل"مهرجان بابل للثقافة و الفنون العالمية" بالجمهورية الجزائرية....وقد شاركت في طبعته الثامنة الأخيرة و تم تكريمها فيه....أول شاعرة جزائرية تحصل على عضوية إتحاد كُتَّاب مصر... تم اختيارها الأمينة الوطنية لمكتب الجزائر ل"حركة شعراء العالم" التي مقرها "التشيلي". و أوصلت صوت بلادها الجزائر كشاعرة و باحثة أكاديمية إلى الوطن العربي و العالم... كانت هذه فذلكة معلوماتية تراجمية شاملة عن الشاعرة والأكاديمية حبيبة محمدي التي لقبها بعض النقاد في مصر ب"مي زيادة" العصر... أو "مي زيادة" الجديدة...هناك في مصر حيث أمكن لهذه المميزة أن تكون فعلا سفيرة للجزائر ..أعطت الدليل أنها قادرة على أن تكون صوت الجزائر وأنها قادرة على ترسيم جديدها الإبداعي برؤية تناغمية جعلها واحدة من مثقفينا الكبار الذين تركوا أثرا طيبا وجادا ونافعا في مصر ..أظن لم يتركه أحد آخر من قبلها عدا ما تركته فنانتنا الراحلة المرحومة وردة الجزائرية ..كانت حبيبة محمدي ولازالت سفيرة لنا.. كانت سفيرة كل المثقفين وكانت سفيرة لي ...في المحبة ..هذه التي كنت أتوسم فيها خيرا ونعمة رؤية وإضافات... بل لمسة جادة ومميزة .. تجعل من اسمها يرمز للكثير من المحطات الخالدة ..تذكرتها اليوم سعيدا... كي أحيل ذاتي والقراء على تراجمها ...كيف لا وهي واحدة ممن رسمن لي هذا التميز الجاد ..تميز يجعل من حبيبة محمدي واحدة من عائلتي الإبداعية ..بل قل واحدة من فصيلتي الإنسانية ..واحدة كما ترون.. هي فعلا في القلب...