تعد مدينة تلمسان »العاصمة الزيانية« فسيفساء متنوعة تنوع طبيعتها الساحرة والخلابة التي تعانق البحر الأبيض المتوسط، والتي تعد قبلة للسياح من داخل الوطن وخارجه، وهي أيضا أرض تعد بمشاريع إقتصادية وثقافية وسياحية كبيرة. ها هي الآن تحل على ولاية سطيف »عاصمة الهضاب العليا« كضيفة لعرض برنامجها الثقافي الأسبوعي المتنوع الذي تقترحه على الجمهور عبر مختلف الوطن، لتحاول التعريف بتاريخها الحافل، وثراء مشهدها الثقافي، وخصوصياتها الثقافية والسياحية التي تمتاز بها، وما تتوفر عليه من معالم تاريخية وأثرية وأشكال تعبيرية وفنية أنتجتها ثقافات متنوة تزاوجت وتمازجت عبر حقب تاريخية طويلة. وسعيا للحفاظ على الموروث الثقافي عبر مختلف الوطن، وقصد التعريف بخصوصيات وأصالة وحضارة وثقافة كل منطقة من مناطق الوطن، جاءت الفرصة السانحة لتجمع بين الحضارة الزيانية وحضارة الهضاب العليا من أجل التبادل الثقافي، حيث انطلقت نهاية الأسبوع الماضي، وفي الفترة الممتدة من 03 إلى27 أكتوبر 2008 فعاليات الأسبوع الثقافي لولاية تلمسان بولاية سطيف. وتمّ الإفتتاح الرسمي بدار الثقافة هواري بومدين، والذي أشرف عليه والي ولاية سطيف السيد ''نور الدين بدوي'' بمعية السلطات المحلية، وبكلمة ترحيبية من طرف الأمين العام للولاية الذي بدوره تمنى إقامة طيبة للضيوف، وعبّر عن الأسلوب الذي انتهجته وزارة الثقافة وذلك في تقريب وربط مختلف ولايات الوطن ببعضها البعض من خلال التبادل الثقافي والتعريف بالخصوصيات الثقافية المتنوعة، والتي تزخر بها كل منطقة من مناطق الوطن والتي تتراوح بين مختلف الطبوع، الفنون، العادات، التقاليد والمعالم التاريخية...إلخ، وذلك قصد التعريف بالمنتوج الثقافي التبادلي لدى الجمهور الجزائري الذوّاق والمتعطش لمعرفة تراث بلاده، وترسيخ القيم الثقافية والحفاظ عليها. وعليه تم تسطير برنامج ثري لإنجاح هذه التظاهرة الثقافية، وذلك من خلال الأمسيات الفكرية والتي تمثلت في المحاضرات والندوات والأمسيات الشعرية، وعروض فنية موسيقية متنوعة، والعروض الفلكلورية المتنوعة، وعروض الأزياء الخاصة بمنطقة تلمسان، وعروض مسرحية للكبار والصغار، بالإضافة إلى المعارض التي شكلت قالبا ثقافيا مميزا من خلال معرض خاص بمدينة تلمسان القديمة ومعرض للكتاب (مؤلفي وكتّاب المنطقة) والفنون التشكيلية والصناعات الحرفية التقليدية واللباس والزي التقليدي، والأكلات والحلويات الشعبية التي تفننت أنامل المرأة التلمسانية في صنعها، والتي لا زالت تستهلك بتلذذ إلى يومنا هذا، وما زالت تحافظ على الطابع التقليدي الذي هو سر بقاءها وجمالها مثل: الغريبية، المسمن، الطورنو...إلخ، التي تبقى شهادة على الذوق الراقي وأصالة المنطقة. خليلة الأمس كانت بمثابة لوحة فنية فسيفسائية جمعت بين عاصمة الزيانيين »تلمسان العريقة« وعاصمة الهضاب العليا سطيف، والتي تمثلت هذه اللوحة في العرس التلمساني وما يبرزه من عادات وتقاليد من حيث اللباس (العريس العروس)، الوليمة، وألوان الطبوع المعروفة لدى الزيانيين. وبعدها تم الإنتقال في رحاب الأغنية الأندلسية الأصيلة مع الفنان ''كريم بوغاري'' الذي أطرب الجمهور الذين أكدوا لنا أن العرس خلق لنا صورة ذهنية عن الباهية تلمسان، حيث رحلوا بهم إلى جذور وأصالة الزيانيين وكأنهم عايشوا الحدث في منطقتهم. لتتواصل أجواء الحفل مع المطربين: مريم بن علال، وبوقرة أمينة اللتان أمتعتا الحضور كذلك بالأداء المتميز للأغنية الأندلسية التي هي منبع كل فنان، كيف لا والأغنية الأندلسية انبثقت عنها عدة طبوع غنائية. والجدير بالذكر، أنه تم توزيع المحطات الثقافية للأسبوع الثقافي التلمساني عبر مختلف مناطق ولاية سطيف، فبلدية عين الودي تم أمس إحياء حفل للأغنية الأندلسية، أما بلدية حمام ڤرڤور فكان لها نصيب من الأغنية العصرية التلمسانية، وبلدية عين ولمان الذي خصص لها برنامج ثري للأطفال والمتمثل في الأرض البهلوانية، بالإضافة إلى بقية البلديات مثل: عين لكيرة، عين أزال، جميلة، ليكون حفل الإختتام يوم27 أكتوبر2008 بدار الثقافة لولاية سطيف، والذي سيشرف عليه مدير دار الثقافة بتلمسان والمحافظ للمهرجان السيد: ''الطاهر عريس''.