استبعد عضو اللجنة العلمية المكلفة بمتابعة الوضع الوبائي ورئيس عمادة الأطباء الجزائريين البروفيسور بقاط بركاني، إجبار المواطنين على أخذ اللقاح المضاد لفيروس كورونا في حالة تسجيل نسبة عالية من الرفض. وقال إنه متوفر ومتاح لمن يرغب في الحصول عليه بصفة اختيارية غير إلزامية ولكن أخذه ضروري، كونه يبقى السلاح الوحيد للتغلب على هذا العدو الخفي. أوضح رئيس عمادة الأطباء الجزائريين بقاط بركاني، لدى استضافته بجريدة «الشعب» رفقة المختص في علم الأوبئة الدكتور عبد الرزاق بوعمرة، أن وباء كورونا خطر جماعي لا يهدد شخصا أو شخصين فقط، ما يجعل الجميع أمام مسؤولية حماية أنفسهم ومَن حولهم من خلال أخذ للقاح. وأضاف، أن التخلص من الأزمة الصحية وعودة الحياة الطبيعية، بعد معاناة دامت عدة أشهر، لن يتحقق دون نجاح حملة التلقيح. ودعا بقاط الى إطلاق حملات تحسيسة واسعة من أجل توعية المواطنين، بأهمية الاستفادة من اللقاح لتعزيز الوقاية من الإصابة بالفيروس وتفادي المضاعفات والتعقيدات الصحية المرتبطة به إلى غاية زوال الخطر عند تحقيق مناعة جماعية بنسبة 60٪. واقترح على الطواقم الطبية ومختلف الشخصيات المعروفة، بالمساهمة بقوة في عملية التوعية لوضع حدّ للشكوك والمخاوف، من خلال أخذ اللقاح وتشجيع مختلف شرائح المجتمع على الاستفادة منه وطمأنتهم أن اللقاحات آمنة وسالمة ولا تعرض الخاضعين لها إلى الخطر. ونبّه رئيس عمادة الأطباء الجزائريين، الى أن الشروع في حملة التلقيح ضد كورونا لا يعني عدم الاستمرار في الالتزام بالقواعد الوقائية، خاصة وأن خطر انتقال العدوى يبقى قائما حتى بعد توفر اللقاح، مشيرا الى أن ارتداء الأقنعة ساهم بشكل كبير في تعزيز الوقاية وأعطى نتائج فعالة في تقليل عدد الإصابات اليومية في الفترة الأخيرة ولكنه حل مؤقت. الجزائر مستعدة لاستقبال اللقاح وحفظه في ظروف ملائمة أكد المختص في علم الأوبئة الدكتور عبد الرزاق بوعمرة، أن الجزائر مستعدة لاستقبال اللقاح وحفظه وتخزينه في ظروف ملائمة، موضحا أن اختيار اللقاح الأنسب لم يأت بصفة عشوائية وإنما اعتمد على معطيات علمية ودراسات دقيقة قام بها أعضاء اللجنة العلمية التي تضم خبراء ومختصين وأطباء أكفاء ومعهد باستور. وأضاف، أنه لن يدخل أي لقاح إلى الجزائر إلا إذا كان مضمونا وآمنا، كاشفا عن جلب اللقاحات التي اعتمدت على تقنيات جديدة تستعمل لأول مرة، وجميع المؤشرات تدل على نجاعتها وسلامتها. علما أن بلادنا اختارت اللقاحات التي تتوافق مع الإمكانات والوسائل المتوفرة، من خلال الأخذ بعين الاعتبار ظروف تخزين اللقاح والسعر المناسب وفعاليته. ورد على المشككين في سلامة اللقاح قائلا: «لايمكن أخذ قرارات عشوائية قد تعرض صحة وسلامة المواطنين الى الخطر، فالأمر جدي ويجب أن نثق في المجهودات التي يبذلها العلماء والباحثون الجزائريون لانتقاء اللقاح الأنجع والأنسب، بالإضافة الى أن جميع اللقاحات الموجودة لا تخلو من الأعراض الجانبية الخفيفة، ومن المتوقع أن لا تختلف عنها اللقاحات المضادة لكورونا. «سبوتنيك-V» الروسي يقي 100٪ من مضاعفات كورونا يتميز اللقاح الروسي «سبوتنيكV»، الذي سيكون متوفرا قريبا في الجزائر، عن اللقاحات الأخرى بضمان وقاية وحماية من الإصابة بمضاعفات خطيرة مرتبطة بفيروس كورونا بنسبة 100٪، وهو ما لم تضمنه الأنواع الأخرى، حيث أن الإصابة بالفيروس تكون خفيفة وخالية من الأعراض الخطيرة، كون المناعة المكتسبة من اللقاح تمنع الفيروس من المرور إلى الرئة وأعضاء أخرى كالدماغ والكلى ويتوقف في الأنف والحلق. وبحسب الدكتور بوعمرة، فإن اختيار اللقاح الروسي «سبوتنيك» تم بعد الاطلاع على المعطيات العلمية والتأكد من فعاليته التي تصل الى 90٪، وإذا قارناه باللقاح المضاد للأنفلونزا الموسمية التي لا تتعدى 60 بالمئة، فإنه يوفر حماية أكبر بنسبة أعلى، بالرغم من أنها لقاحات جديدة اكتشفت في زمن قياسي غير مسبوق في تاريخ الطب. تعزيز المناعة يستغرق 21 يوما بعد الجرعة الأولى حذّر المختص في علم الأوبئة من الاستهتار في الالتزام بقواعد الوقاية اللازمة عند بداية حملة التلقيح ضد كورونا، موضحا أن خطر الإصابة يبقى قائما، بما أن الجرعة الثانية تساهم في تعزيز الوقاية والحماية من الإصابة بالفيروس وتؤخذ 21 يوما بعد الجرعة الأولى. فيما يخص إمكانية نقل العدوى إلى آخرين حتى بعد الخضوع للتلقيح، أجاب الدكتور قائلا: «إلى حد الآن لا توجد معلومات دقيقة ومعطيات علمية تؤكد حقيقة نقل الفيروس من قبل الشخص الذي أخذ اللقاح، لكن الإصابة الخفيفة واردة. علما أن فعالية اللقاح تبدأ تظهر بعد 15 يوما من أخذ الجرعة الثانية. عن مدة المناعة التي يوفرها اللقاح، أوضح الدكتور بوعمرة أن الباحثين والعلماء حددوها ب6 أشهر ولكن الوقت كفيل بمعرفة المدة الحقيقية للمناعة المكتسبة بعد الشروع في حملة التلقيح على نطاق واسع. ونبّه إلى أن التخلص نهائيا من الفيروس لا يعني أنه لن يعود مجددا، لأن كل الاحتمالات واردة ومن الممكن أن يصبح فيروسا موسميا كالأنفلونزا الموسمية ويتطلب إيجاد كل سنة لقاح له حسب تغير التركيبة الجينية للفيروس. وبالنسبة للأعراض الجانبية التي تستمر مع المريض بعد الشفاء، أرجع الدكتور أسباب ظهور علامات تمس أعضاء مختلفة من الجسم لشهور عديدة الى خطورة وعمق الإصابة. وأوضح أنها لا تخص جميع الحالات، وإنما تظهر لدى الفئات الأكثر تضررا بسبب الفيروس، ولم تكن الإصابة لديهم خفيفة وإنما خطيرة مست الرئة وبعض أعضاء الجسم كالدماغ والكلى، قائلا إن نجاتهم من الموت هو في حد ذاته معجزة، بالنظر الى الحالات الخطيرة المسجلة. تجربة رائدة في مكافحة الأوبئة أشار المختص في علم الأوبئة إلى أن تجربة الجزائر في مكافحة الأوبئة والأمراض رائدة منذ سنوات، ونجاح حملة التلقيح ضد فيروس كورونا المستجد أمر متوقع وغير مستبعد، نظرا لوجود مختصين لديهم خبرة 30 سنة في مجال التلقيح، مؤكدا أن الوضع الاستثنائي لن يكون عائقا أمام نجاح عملية التلقيح التي تتطلب تنظيم وتوفير الوسائل الضرورية وتهيئة جميع الظروف الملائمة لضمان السير الحسن للعملية. كما تحدث عن إمكانية تغيير استراتيجية التلقيح حسب الظروف، من خلال تخصيص فرق متنقلة لتلقيح الأشخاص الذين يتعذر عليهم التوجه الى مراكز التلقيح كالمسنين والمصابين بأمراض مزمنة وتوفير جميع التسهيلات للمواطنين في مراكز التلقيح، مشيرا الى الدور الكبير الذي سيقوم به الأطباء العامون في مختلف المصالح الطبية، نظرا لإشرافهم على عملية التلقيح من خلال مراقبة حالة وردة فعل الشخص بعد خضوعه للتلقيح. الاستثمار في الجانب الوقائي يجنبنا الكوارث دعا الدكتور بوعمرة إلى انتهاج سياسة وقائية فعالة والاستثمار في الجانب الوقائي، من أجل التحضير المسبق لأي طارئ صحي في المستقبل. مؤكدا أننا عرضة لظهور أمراض وأوبئة جديدة وعودتها واردة في السنوات القادمة لعدة عوامل بيولوجية وبيئية. ولم ينف ما حققته المنظومة الصحية من إنجازات بعد الاستقلال، ولكن ما تزال هناك بعض نقاط الضعف التي يجب تداركها، بحسب قوله، أبرزها إعادة هيكلة النظام الصحي والأخذ بعين الاعتبار الجانب الوقائي، بتكوين المختصين في الوقاية والعمل على تطوير البحوث والدراسات وتطبيقها على أرض الواقع. ويرى الدكتور، أن التقليل من الأمراض وميزانية العلاج المخصصة للتكفل بالمرضى، يتطلب التركيز على الوقاية كنمط معيشي يومي، من خلال الاعتماد على أكل صحي وممارسة الرياضة لتجنب الإصابة بأمراض مزمنة خطيرة كالسمنة، مشيرا أن الاعتماد على الوقاية يقلل خطر الإصابة بالأمراض المزمنة بنسبة 50٪، كالسكري وارتفاع الضغط وأمراض القلب.