يرى دكتور العلوم السياسية والعلاقات الدولية، بجامعة كاليفورنيا بالولاياتالمتحدةالأمريكية، حمود صالحي، أنّ الرئيس المنتهية ولايته دونالد ترامب يغادر البيت الأبيض مهزوما ومعزولا ومستقبله السياسي مرهون بقرار مجلس الشيوخ، الذي سيصوّت في محاكمته المقررة مباشرة عقب حفل تنصيب الرئيس المنتخب بايدن، بتهمة التحريض على العنف الذي أدّى إلى سقوط عدد من الضحايا واعتقال أكثر من ستين شخصا متهمين من طرف السلطات الأمنية باقتحام مقر الكونغرس في ال 6 من جانفي الجاري. - الشعب: بالرغم من التاريخ الطويل للانتقال السلمي للسلطة في أمريكا، يبدو أنّ أنصار ترامب يروّجون لاحتمالية انتهاء هذه المرحلة، ما هي الإجراءات المتّخذة لتأمين حفل التّنصيب؟ الأستاذ حمود صالحي: الحفل الرّسمي سيحافظ على العناصر الأساسية التقليدية مثل تأدية القسم الدستوري أمام رئيس المحكمة العليا وإلقاء الرئيس المنتخب جو بايدن خطابه بعد اليمين الدستوري. وعلى خلاف الحفلات الرسمية السابقة وفي ظل التهديدات الأمنية وكذا لبروتوكولات الجائحة، ستكون هناك حراسة أمنية شديدة على الرئيس وعائلته وكل فرد يرافقه وهو في طريقه الى البيت الأبيض، ولن يكون هناك العرض التقليدي للجيش، وعلى المستوى الأمني، عرفت التحضيرات تغيرات لم يسبق لها مثيل شملت تجنيد أكثر من 25 ألف رجل امن في العاصمة واشنطن، كما أن أجهزة الأمن اتخذت إجراءات أخرى على مستوى الولايات بعد أن اكتشفت دعوات في الوسائط الاجتماعية تدعو الى احتجاجات مسلّحة في جميع أنحاء الولاياتالمتحدةالأمريكية، هذا ولقد طلبت وزارة الدفاع الأمريكية وكذا الحرس الوطني من جميع حكام الولايات أن يجنّدوا الجنود الاحتياطيين للمساعدة في حفظ الأمن على مستوى المباني الفيدرالية، كل هذا يعطي صورة كما رسمها العديد من المحللين بأن العاصمة الأمريكية تهيئ نفسها وكأنها تستعد لحرب مثلها مثل عواصم عدة بلدان على غرار العراق وباكستان. - لا شكّ أنّ ترامب يغادر مهزوما ومكسورا، لكن ماذا بشأن مسألة محاكمته؟ أعتقد أنّ الرئيس دونالد ترامب سيغادر البيت الأبيض مهزوما، مكسورا، معزولا ومستقبله السياسي مرهون بقرار مجلس الشيوخ، الذي سيصوّت في محاكمته بتهمة التحريض على العنف الذي أدى إلى سقوط ست ضحايا واعتقال اكثر من ستين شخصا متهمين من طرف السلطات الأمنية باقتحام مقر الكونغرس في ال 6 من جانفي الجاري. ورغم وجود دلائل كافية ثابتة لسحب مجلس الشيوخ الثقة من الرئيس ترامب وإبعاده عن العمل السياسي مستقبلا، إلا أنّ الغموض الدستوري في قضية محاكمة عزل رئيس بعد نهاية عهدته السياسية قد تعقّد مهمة المشرعين في الحصول على موافقة أغلبية الثلثين من أعضاء مجلس الشيوخ لسن قانون إبعاده عن اعتلاء مناصب فيديرالية مستقبلا، وما يزيد من صعوبة هذا القرار أن مستقبل الرئيس ترامب مرتبط بمستقبل الحزب الجمهوري أيضا، فقد استطاع ترامب أن يجنّد أكثر من 75 مليون ناخب صوتوا لصالحه في الانتخابات الرئاسية التي خسرها أمام خصمه جو بايدن والتي يعتقد أغلبتهم، أنّها كانت مزوّرة رغم إثبات نزاهتها قانونيا وفي كفتي الميزان سبعة عشر سيناتورا جمهوريا لهم القوة الفاعلة ليس فقط لتحديد مصير الرئيس ترامب بل أيضا مستقبل حزبهم الجمهوري في ظل توقع الانقسامات التي قد تحدث جراء تصويتهم ضد الرئيس ترامب. - ما هي السّيناريوهات المتوقّعة التي تنتظر ترامب بعد خروجه من البيت الأبيض؟ السيناريو الأكثر احتمالا الآن هو أن يجتمع مجلس الشيوخ في الأسبوع الأول من رئاسة بايدن، للتحقيق في قضية محاكمة ترامب، ففي حال إدانة الرئيس ترامب بالتحريض علي العنف بأغلبية الثلثين، كما هو مطلوب دستوريا، فإن عزله عن الحكم سيكون رمزيا فقط وذلك بسبب انتهاء عهدته، إلا أن هذا سيفسح المجال للديمقراطيين لمنعه من تولي منصب عام بحكم أنهم لا يستحقون إلا الأغلبية البسيطة لإبعاده نهائيا. - هل يعني هذا أنّ ترامب انتهى سياسيا؟ أعتقد أنّ نهاية ترامب و»الترامبية» قادمة، إنها قضية ستمر مع الوقت، كما أن عامل النسيان فقط سيغيبه عن الساحة السياسية لأن الأميركيين معروفون بالنسيان والتناسي، كما أنّه بدون وسائله الاجتماعية، مثل التويتر، ومنصب الرئاسة، ترامب لن يستطيع الاستمرار في جذب أنصار، لذلك سيصبح معزولا عنهم ولن يؤثر فيهم أو في آرائهم، غير أنّ التعصب الذي يشعر به أكثر مؤيدي ترامب حسب بعض المحللين السياسيين، لن يزول من تلقاء نفسه، بل يجب قطعه، وهنا تكمن أهمية وظيفة الكونغرس، رغم أن عشرة أعضاء من الحزب الجمهوري صوتوا مع لائحة اتهام ترامب، إلا أن 93 بالمائة منهم كانوا ضدها رغم أن الرئيس ترامب ساند الفتنة التي هددت حياتهم وحياة نائب رئيسه مايك بنس، مثل هذا التصرف يعني احتمال أن زعيم الحزب الجمهوري ميتش ماكونيل المعروف بحنكته السياسية لن يغامر بمستقبل ترامب، وهذا رهان خطير قد يعطي الوسيلة والحجة للحزب الديمقراطي لاستغلال تحريض ترامب على الفتنة ضد مؤسسة الشعب «الكونغرس» لزيادة نفوذه في السياسة التشريعية الأمريكية.