عادت أمريكا إلى واجهة المشهد السياسي الليبي بعد مرور أسبوع من تولي إدارة بايدن الجديدة شؤون البيت الأبيض، ويبدو أن ملف خروج القوات الأجنبية بدأ يحرك المياه الراكدة، لكن استمرار تمسك الفرقاء باتفاق وقف إطلاق النار يستبعد سيناريو الحرب نهائيا، مع الاتفاق على اختيار سلطة جديدة. مضت المهلة التي حددها اتفاق وقف إطلاق النار لمغادرة القوات الأجنبية والمرتزقة لليبيا، ولم يغادر أحد. والآن يتقاطع مع بايدن سياسة سلفه ترامب تجاه ليبيا ويطالب تركياوروسيا، الشروع فوراً في سحب قواتهما من ليبيا، بما يشمل القوات العسكرية والمرتزقة، في موقف حازم لإدارة الرئيس الأمريكي الجديد جو بايدن، يتقاطع مع سياسة خلفه دونالد ترامب إزاء ليبيا. قال القائم بأعمال المندوب الأمريكي لدى الأممالمتحدة ريتشارد ميلز في اجتماع لمجلس الأمن الدولي حول ليبيا، «تماشياً مع اتفاق وقف إطلاق النار المبرم في أكتوبر، نطلب من تركياوروسيا أن تباشرا فوراً بسحب قواتهما من البلاد وسحب المرتزقة الأجانب والوكلاء العسكريين اللتين قامتا بتجنيدهم ونشرهم وتمويلهم في ليبيا». وطلبت ميلز من الأطراف الخارجية كلّها، بما في ذلك روسياوتركيا ودولة الإمارات العربية المتحدة، احترام السيادة الليبية وإنهاء جميع التدخلات العسكرية في ليبيا فوراً. غير أن روسيا تواصل نفي أي حضور عسكري لها في ليبيا، سواء كان مباشرا أو عبر مرتزقة. وخلال المؤتمر الافتراضي لمجلس الأمن الدولي، طالبت غالبية أعضائه بما فيها الهند والصين والمملكة المتحدة، بسحب كافة القوات الأجنبية والمرتزقة من ليبيا واحترام حظر الأسلحة المفروض على البلاد منذ 2011. ولم يشر السفير الروسي لدى الأممالمتحدة فاسيلي نيبينزيا خلال مداخلته إلى الحضور العسكري الأجنبي في ليبيا. وذكر الدبلوماسي بما أسماه «الاعتداء الغربي» على ليبيا عام 2011 الذي قاد إلى الإطاحة بالرئيس معمر القذافي، واكتفى بالإشارة إلى أن روسيا «دافعت دائما عن تسوية سلمية للأزمة الليبية بالوسائل السياسية والدبلوماسية. ويبدّد هذا الموقف الأمريكي الحازم في ظل إدارة جو بايدن الغموض، الذي لف لسنوات السياسة الأمريكية لدونالد ترامب بشأن ليبيا. وبدا كأن ترامب دعم في وقت من الأوقات الرجل القوي في شرق ليبيا خليفة حفتر، على حساب حكومة الوفاق الوطني التي تعترف بها الأممالمتحدة ومقرها طرابلس. وبموجب اتفاق وقف إطلاق النار الذي توصّل إليه طرفا النزاع في 23 أكتوبر، يتعين على القوات الأجنبية والمرتزقة مغادرة البلاد خلال الأشهر الثلاثة التي تلت توقيع الاتفاق، أي بحلول 23 جانفي. ولم تنسحب أي قوات مرتزقة في ليبيا رغم تخطي المهلة المنصوص عليها في الاتفاق. لكن اللجنة العسكرية المشتركة 5+5 شدّدت على التمسك باتفاق وقف إطلاق النار رغم مرور المهلة.