حددت الولاياتالمتحدة بوضوح موقفها من الأزمة الليبية، بعدما طالبت بلغة صارمة روسياوتركيا بسحب فوري لقواتهما ولكل المقاتلين الأجانب والمرتزقة المنتشرين في ليبيا، في اطار تطبيق بنود وقف إطلاق النّار المعلن في هذا البلد المضطرب منذ شهر أكتوبر الماضي. وفي خطوة إيذانا بعودة الولاياتالمتحدة الى مساعي التسوية السلمية لحلحلة الأزمة المستعصية في ليبيا، قال السفير الأمريكي بالنيابة لدى الأممالمتحدة، ريشارد ميلس، خلال جلسة إحاطة بمجلس الأمن الدولي، تم خلالها مناقشة الملف الليبي إنه "طبقا لاتفاق أكتوبر لوقف إطلاق النار نطالب تركياوروسيا بالشروع فورا في سحب قواتهما من ليبيا، والانسحاب الفوري للمرتزقة المنتشرين في هذا البلد". كما حث الدبلوماسي الأمريكي خلال الجلسة التي نظمت عن طريق تقنية التحاضر عن بعد "كل الأطراف الخارجية بما فيها روسياوتركيا والامارات العربية باحترام السيادة الليبية، والوقف الفوري للتدخلات العسكرية في ليبيا". وتكون الولاياتالمتحدة من خلال هذا الموقف قد رمت بكل ثقلها الدبلوماسي في احتواء معضلة ليبية مستمرة منذ عشرية كاملة، بعد أن ضمت صوتها الى الأصوات المطالبة علنا بالخروج الفوري للمقاتلين الأجانب من ليبيا. وهو المطلب الذي شدد عليه الأمين العام الاممي انطونيو غوتيريس، الذي طالب ب«ضرورة خروج كل القوات والمرتزقة الأجانب من بنغازي ومن طرابلس، وترك الليبيين أمام شأنهم الداخلي بعد أن أثبتوا قدرتهم على احتواء مشاكلهم بمفردهم. وتبنّى مجلس الأمن، في ختام جلسته لائحة بالإجماع تدعو الى انسحاب كل المقاتلين الأجانب من ليبيا دون تحديد آجال لذلك. وكان اتفاق وقف إطلاق النار المعلن في 23 أكتوبر من العام الماضي، قد منح مهلة ثلاثة أشهر انطلاقا من تاريخ التوقيع عليه لانسحاب هؤلاء المقاتلين انتهت في 23 جانفي الجاري، دون أي تطبيق لهذا البند، بل إنه وحسب احصائيات أممية فإنه لا يزال يوجد في ليبيا ما لا يقل عن 20 ألف مسلّح أجنبي موزعين عبر 10 قواعد عسكرية يحتلونها سواء كليا أو جزئيا. كما أكدت الهيئة الأممية، استمرار انتهاك حظر بيع الأسلحة في ليبيا في ظل استمرار تزويد الفرقاء المتصارعين بطائرات الشحن في خرق استنكرته رئيسة بعثة الأممالمتحدة في ليبيا، ستيفاني ويليامز، بشدة خلال تقديم إحاطتها أمام أعضاء مجلس الأمن. وهو ما جعل مندوب ليبيا الدائم لدى الأممالمتحدة، السفير طاهر السني، يطالب مجلس الأمن بإصدار قرار لتثبيت اتفاق وقف إطلاق النار وتعزيز المسار السياسي في بلاده، مشددا على أن "خروج القوات الأجنبية والمرتزقة من ليبيا هو مطلب سيادي لنا، ويجب أن تلتزم به الدول التي أقحمت نفسها في بلادي". كما طالب السفير الليبي "بمنح الأممالمتحدة تفويضا كاملا بدعم العملية الانتخابية لضمان الشفافية والنزاهة، واحترام النتائج وحرية ممارسة جميع الليبيين في الداخل والخارج نازحين ومهجرين لحقهم الانتخابي، ومحاسبة جميع المعرقلين لهذا الاستحقاق الوطني". واعتبر أن إصدار مثل هذا القرار "سيكون إثباتا من قبل المجتمع الدولي لحسن النوايا، وربما تكفيرا عن بعض أخطاء الماضي واستعادة بعض الثقة ويجيب على تساؤلات غالبية الليبيين بشأن جدية إجراء الانتخابات في موعدها المقرر". وأبلغ السني، أعضاء المجلس بأنه سيتقدم خلال الأيام المقبلة، بطلب إلى لجنة العقوبات التابعة لمجلس الأمن، من أجل تعديل نظام العقوبات المفروض على ليبيا منذ 10 سنوات بغية "منع تآكل الأموال الليبية المجمدة والمحافظة على أموال الشعب". وأكد أن بلاده ستلجأ إلى القضاء الدولي، في حال استمرار عرقلة وصولها إلى أموالها المجمدة في المؤسسات المالية خارج البلاد خاصة في بلجيكا، وستطالب بتعويض الشعب الليبي عن الخسائر التي تكبّدها جراء ذلك.