قطعت الجزائر اشواطا كبيرة في تطوير قطاع الصحة، حيث كان هذا الاخير ضمن القطاعات التي اولتها الدولة الاولوية منذ الاستقلال، بعد ان ورثت عن الاستعمار وضعية صحية متدهورة جدا، وانتشار العديد من الاوبئة المرتبطة بالظروف المعيشية المتردية لاغلب الجزائريين منها التيفوئيد الكوليرا، الملاريا، السل، والاسهال، والتي كانت كلها سريعة العدوى، وقاتلة، وقد فتكت بعدد كبير من الجزائريين. وكان اول تحد للجزائر بعد الاستقلال يتمثل في كيفية التقليل من الاصابات بهذه الاوبئة كاول خطوة ثم القضاء عليها نهائيا، من خلال مجانية العلاج، وتوفير التلقيحات الضرورية للحد من انتشار هذه الامراض خاصة خارج المدن الكبرى، و قد تمحورت آنذاك استراتيجية تطوير قطاع الصحة حول تحسين التغطية الصحية وتحسين الوضعية بشأن مكافحة الاوبئة. وقد تميزت الحقبة الزمنية ما بين نهاية الستينات ونهاية السبعينات باعطاء العلاج الاولي الاولوية، وذلك عن طريق توفير قاعات العلاج والمراكز الصحية على مستوى كل بلدية، بالاضافة إلى انطلاق الحملات الوطنية للتلقيح ضد شلل الاطفال ومكافحة الملاريا، غير ان التغطية الصحية في تلك الحقبة والتي تلتها لم تكن بصفة متعادلة بين سكان المدن الكبرى، والمناطق الداخلية والريفية بصفة عامة، وهذا الخلل استدركته الدولة من خلال السياسة الصحية التي سطرتها خلال العشرية الاخيرة، لضمان تغطية متكافئة بين كافة السكان على كامل التراب الوطني دون اقصاء او تهميش. عشرات الملايير من الدولارات خصصت لانجاز الهياكل الصحية، بما فيها المستشفيات والرفع من عدد الاسرة لتحقيق زيادة في طاقة الايواء، حيث من المقرر فتح عدد من المراكز الاستشلفائية والمستشفيات الجامعية في مناطق الجنوب الكبير في كل من ورقلة، بشار، بالاضافة إلى انشاء ثالث مستشفى ببشار في السنة المقبلة، كما اقرت وزارة الصحة والسكان واصلاح المستشفيات ازيد من 20 مليار دولار للمشاريع المتعلقة بالرعاية الصحية في آفاق 2025، والموجهة لتطوير 700 مركز طبي، ولانشاء عيادات متعددة الخدمات في القرى والارياف، بالاضافة إلى 200 عيادة متنقلة لفائدة البدو الرحل، لضمان تغطية صحية تصل لاخر نقطة من التراب الوطني. وبعد ان حققت نجاحا كبيرا في مجال القضاء على الامراض والاوبئة التي كانت في سنوات الستينات والسبعينات تعد من الامراض الفتاكة، وهذا بشهادة التقارير التي نشرتها المنظمة العالمية للصحة، فان الجزائر في خميسينية الاستقلال تواصل بذل جهود اكبر من اجل التقليل من الاصابة بالامراض الخطيرة كالسرطان بانواعه خاصة سرطان الثدي الذي يسجل سنويا اكبر عدد من الوفيات في صفوف النساء يليه سرطان الرئة، حيث سيتم فتح 50 مركز اشعة لعلاج المصابين بهذا الداء المميت، بالاضافة إلى تطوير زراعة الاعضاء، وقد خصصت ميزانية معتبرة لذلك، وقد يسمح ذلك بتقليص الفاتورة الباهضة التي يكلفها العلاج في الخارج. ويجمع المختصون على ان المنظومة الصحية تعرف تحسنا كبيرا من ناحية الجوانب العلاجية بفضل نشر البحوث للتحكم في تكنولوجيات القطاع الصحي وتحسين خدمات الضمان الاجتماعي، ويعد ذلك بلا شك مفخرة للجزائر في عيد استقلالها الخمسين.