عادت قضية ضعف قدرات الاستيعاب بهياكل الاستقبال والمؤسّسات الفندقية بولاية بومرداس، لتطرح الأزمة العميقة التي يتخبّط فيها قطاع السياحة بالولاية، بسبب حالة الرّكود وتأخّر تسليم المشاريع المبرمجة للإنجاز، حيث أظهرت المعطيات المقدّمة على هامش ملتقى السياحة الداخلية، «أنّ 42 مشروعا استثماريا من أصل 68 لم تنطلق بها الأشغال، وحوالي 18 أخرى متوقّفة تماما. انتظر الجميع ما سيعرض خلال الملتقى الوطني للسياحة الداخلية من قبل المشاركين والفاعلين في قطاع السياحة لفهم أسباب الجمود الذي يعرفه القطاع على الأقل بولاية بومرداس السّاحلية والسياحية، من أجل تقييم الواقع ورفع تصوّرات واقعية وبالأرقام حول طبيعة المشاريع الاستثمارية المسجّلة، وأسباب التأخر في عمليات الانجاز، وما هي أبرز العقبات التي تعترض النشاط الحيوي الذي تمّ الرّهان عليه لدفع عجلة التنمية المحلية والقطاع الاقتصادي في ظل الأزمة الاقتصادية. لكن المؤسف في هذه الحالة ليس فقط عزوف الفاعلين من مستثمرين وسلطات محلية و ولائية للمشاركة وعرض واقع النّشاط، وتقديم حلول ومقترحات للعقبات الآنية والمستقبلية، بل هي تكرار نفس الأسطوانة من قبل مديرية السياحة لمدوّنة المشاريع بولاية بومرداس التي يتم ترديدها منذ عقود على رأسها 13 منطقة توسّع منها 11 بالشريط الساحلي على مساحة 4776 هكتار، لا تزال مساحات جرداء وأخرى تعرّضت للنهب، حيث لم يتم المصادقة سوى على منطقتي «تاقدامت «و»ليصالين»، إضافة إلى منطقتين داخليتين مسجّلتين للتصنيف والمصادقة، هي منطقة «الكحلة زيمة» ببلدية الأربعطاش، و»حمام ثلاث» ببلدية عمال في إطار تفعيل السياحة الجبلية والحموية. كما تواجه عدّة مقترحات مشاريع للتّوسّع السياحي بولاية بومرداس نفس المصير من العقبات القانونية، وأخرى مرتبطة بأزمة العقار الصناعي، حيث تمّ أيضا ترديد قائمة المشاريع المسجّلة في هذا الجانب دون إنجاز شملت المنطقة الغابية لجبل «بوعربي» والميناء القديم لبلدية دلس، غابة زموري، قورصو، الساحل، بني عمران، وأخرى تتعلق بالمسالك الجبلية على ضفاف الأودية والسدود المتواجدة بالولاية. استغلال الإقامات الجامعية اقترح ممثّل مديرية السياحة لبومرداس استغلال الإقامات الجامعية كمراكز استقبال خلال موسم الاصطياف، كحل ظرفي لتجاوز أزمة المرافق وضعف قدرة الاستيعاب التي لا تتجاوز 3 آلاف سرير، عبر 20 مؤسّسة فندقية و15 مخيما صيفيا يعرض 7320 سرير، مقابل أزيد من 14 مليون مصطاف منتظر خلال هذا الموسم، وعشرات العائلات التي تبحث عن إقامة صيفية لقضاء العطلة والاستمتاع بنسمات البحر. مع التأكيد في هذا الجانب «على وجود اتفاقية إطار بين وزارتي السياحة والتعليم العالي» للشراكة والاستنجاد بعشرات الإقامات على المستوى الوطني كهياكل استقبال في فترة العطلة الصيفية، على أن تستغل المداخيل في أشغال تهيئة غرف الطلبة. كما تفاجأ الكثير من الحضور، من افتقاد ولاية سياحية مثل بومرداس لفندق عالمي أو مركب سياحي مصنف في 4 نجوم يقدم أرقى الخدمات للزوار والسياح من داخل وخارج الوطن، حيث أظهرت المعطيات المقدمة، أنّ الولاية لا تملك سوى فندقين مصنفين في الدرجة 2، فندق واحد مصنف في نجمتين، 6 مؤسسات فندقية نجمة واحدة و5 فنادق دون تصنيف. وسط كل هذه الوضعية المتّسمة بالضبابية لقطاع اقتصادي حسّاس غير مستغل بصفة عقلانية رغم القدرات الهائلة لولاية بومرداس، شدّد عدد من الباحثين المختصّين في قطاع السياحة «بضرورة تطهير القطاع من الانتهازيين والمستثمرين الفاشلين»، خاصة بعد الحديث عن وجود متعاملين اثنين تحصّلا على العقار الصناعي والدعم المالي منذ التسعينيات لكن دون إنجاز مشروع ولا استرجاع القطعة الأرضية. فيما وصف البعض الآخر ومنهم الباحث كمال حوشين، الوكالات السياحية «بالتجارية» ولا علاقة لها بتطوير القطاع والترويج للوجهات والمقاصد المعروفة وطنيا، ولا هم لها سوى البزنسة، مع المطالبة «بتحيين المنظومة التشريعية لقانون الاستثمار الحالي الذي يحرص على توفير العقار والتمويل المالي لبعض المتعاملين الفاشلين، عن طريق تحرير المبادرة ودفع المستثمرين إلى طرح مشاريع متكاملة بتمويل ذاتي بهدف الحرص على إتمامها وحسن تسييرها، وعدم تركها مهملة بعد تبديد المال العام.