استطلعت «الشعب» واقع عمال النظافة «نات كوم» بالعاصمة لمعرفة ظروف عملهم والمتاعب التي تعترضهم خاصة في شهر رمضان المعظم، وقد أجمع هؤلاء على انعدام ثقافة النظافة لدى الكثير من المواطنين، وهو ما يجعلهم لا ينقطعون عن العمل وإلا ستتحول المدينة إلى مفرغة باتم معنى الكلمة. يسهر 4500 عون نظافة على ضمان الوجه اللائق للعاصمة ومختلف أحيائها، يعملون خاصة في شهر رمضان ليل نهار من أجل التخلص من حوالي 3000 طن يوميا من النفايات المنزلية، وهي الكمية التي تعتبر مضاعفة عما كانت عليه قبل حلول الشهر الكريم. المتجول في مختلف شوارع الجزائر، بما فيها وسط العاصمة، يلاحظ الفوضى وانتشار القمامة في كل مكان، فلا يخلو شارع من النفايات المنزلية في منظر مقزز يؤكد ترتيبنا المتأخر في قائمة العواصم العالمية. وتزداد حالة البيئة تدهورا كل يوم خاصة في ظل امتزاجها بالمياه المنبعثة من قنوات الصرف الصحي، وهو ما جعل الروائح الكريهة وتكاثر الحشرات سمة غالبة على عاصمتنا في واقع يحتاج للكثير من المراجعة في ظل الإهمال واللامبالاة التي تطبع سلوكاتنا. نظافة المكان لا تدوم أكثر من ساعة كشف لنا«محمد» أحد أعوان النظافة يقطن بالسودانية ويشتغل بشارع بوقرة الأبيار منذ شهرين عن الانتشار المكثف للأوساخ، فبعد تنظيف مكان ما بعد ساعة يعود إلى ما كان عليه في صورة تعكس انعدام ثقافة النظافة لدى الكثير من المواطنين. وأضاف المتحدث ل«الشعب» أن الشوارع والأحياء لا تخلو من صناديق وسلات النفايات غير أن المواطنين تعودوا على رميها فوق الأرصفة بعيدا عن أماكنها، وهو ما لا نفهمه، فالعيش في المدينة يتطلب القليل من التحضر. وأكد «أحمد» 27 سنة من العاصمة التحق قبل شهر بالخدمة في هذه المؤسسة أنه اكتشف عالما آخرا: «إنها مهنة تحتاج إلى ضمير، فتنظيف الشوارع والأحياء ليس بالعمل الهين، فقبل التحاقي بمؤسسة «نات كوم» كنت أتجاهل هذا المجال، أما اليوم والعمل تحت تأثير الصيام ودرجة حرارة شديدة فهذا يعتبر أمرا مضنيا ومجهدا». وأضاف «أتخوف كثيرا من الانعكاسات الصحية السلبية، وخاصة من الغبار الذي يؤثر علي كثيرا، وكل هذا مقابل أجر لا يتعدى 20 ألف دينار، فلكم أن تحكموا، صحيح أننا لا نملك مستوى ثقافيا كبيرا لكن حجم العمل يدفعنا للحلم بأجور في المستوى». يشتكي عمال النظافة من كثرة الأسواق الموازية وما تخلفه من نفايات خاصة بساحة الشهداء وسوق الأبيار وباب الوادي و«مارشي 12» حيث نقف كل مساء على فوضى عارمة جراء النفايات التي يخلفها التجار وخاصة الخضر والفواكه الفاسدة التي تترك وراءها روائح وآثارا يصعب تنظيفها. ويبقى استمرار الوضع على ما هو عليه صعبا حيث نطالب بتنظيم هذه الأسواق ووضع أماكن لرمي النفايات. ومن المشاكل التي تعرقل عمل أعوان النظافة إقبال المواطن على رمي بقايا ترميم المنازل مع النفايات المنزلية وهو ما يصعب فرزها وجمعها. ويبقى عدم احترام أماكن رمي النفايات من أكثر النقاط السوداء التي تميز سلوك العاصميين، وهناك حتى من يرمي النفايات من شرفات العمارات في ظاهرة بعيدة كل البعد عن التحضر. وتجد شاحنات «نات كوم» بالأزقة الضيقة بالعاصمة وخاصة بباب عزون وشارع بوقرة بالأبيار وباب الوادي وشارع محمد بلوزداد صعوبات كبيرة في إيجاد مكان للتوقف قرب صناديق وسلات النفايات بسبب كثرة السيارات المتوقفة على حواف الطرقات، ويطالب أعوان«نات كوم» بتخصيص مساحات لرمي النفايات، وأخرى لركن الشاحنات «فقد أصبحنا مصدر إزعاج من خلال غلقنا الطريق أمام حركة المرور حتى نكمل عملية جمع النفايات». ولا يسلم أعوان «نات كوم» من انتقادات ونظرات الاستهجان فسائقو السيارات لا يتوقفون عن استعمال المنبهات والتفوه بكلمات نابية تتسبب لهم في أضرار معنوية كبيرة.