الأعراض تغيّرت والشباب المستهدف الأكبر أكّد منسّق بمصلحة الجراحة بمستشفى بوفاريك بالبليدة، الدكتور عمر جيلالي، أمس، أنّ الجزائر سجلت في الآونة الأخيرة موجة متحورات، مشيرا إلى أن الأرقام في تصاعد مستمر ولا تعكس الحقيقة بالمستشفيات التي تصلها حالات حرجة تعاني من أعراض حادة وتحتاج إلى الأوكسجين. أوضح الدكتور جيلالي في تصريح ل «الشعب»، أن الوضع الوبائي خطير وأصبح لا يرحم صغيرا ولا كبيرا، عكس الفيروس الأصلي الذي شهدناه في الموجة الثانية ، حيث كانت أغلب الفئات المصابة تتراوح أعمارها بين 50 إلى 80 سنة، لكن موجة السلالات الجديدة لا تستثني أحدا حتى فئة الأطفال. وشدّد عمر جيلالي على ضرورة تأجيل الأعراس والمناسبات في هذه الفترة التي تعرف انتشارا كبيرا للوباء، مشيرا إلى أن 70 بالمائة من الأشخاص المتوافدين على المستشفيات أصيبوا في الأعراس والجنائز، داعيا المواطنين إلى تأجيلها إلى غاية الخروج من ذروة الوباء، التي دخلت أسبوعها الأول. والخطير في الأمر - بحسبه - أن العديد من المصابين ليس لديهم أعراض، غير أنهم يشكلون مصدر خطر على الكثيرين، خاصة أصحاب المناعة الضعيفة الذين يحملون العدوى بسرعة كبيرة، في حين 30 بالمائة من المرضى تظهر عليهم أعراض الفيروس، و6 بالمائة يصلون إلى الإنعاش أو الوفيات. وأردف الطبيب أنّ الموجة الثالثة أخطر من سابقاتها مستدلا بامتلاء الأسرّة والأعداد في تزايد، يقابلها تراخ تام في التدابير الوقائية وعزوف عن اللقاح الذي تعمل السلطات على توفير الجرعات الكافية لتلقيح جميع المواطنين، ورفع مستوى المناعة الجماعية، إلا أن المواطن يتهرب بالرغم من خطورة الوضع الذي يقول «أنّنا في مجابهة سلالات متحوّرة سريعة الانتشار تفتك بالشباب قبل الكهول». وتابع أنّ الأوضاع في المستشفيات مقلقة للغاية، بسبب كثرة المصابين الذين يتلقون العلاج داخلها والذين يندرجون ضمن فئة الشباب عكس الموجة الثانية، مطالبا جميع المواطنين باتخاذ أقصى الاحتياطات والإجراءات الاحترازية للنجاة من هذه الموجة القاسية، التي تمتاز بسرعة الانتقال. وقال الدكتور جيلالي، إنّ تأثير الموجة الثالثة خطير جدا، وهناك انتشار شرس للمتحوّرات، والوضع داخل المستشفيات مقلق بصورة لا أحد يتخيلها، على عكس الوضع مع الموجتين السابقتين، حيث أصبحنا نسجل توافدا كبيرا للمواطنين مقابل ضغطا رهيبا على الأطقم الطبية. وصرّح أيضا، أن المصابين لا يشعرون أحيانا بالمرض في بدايته، لاختلاف الأعراض عن الموجتين السابقتين إلى حد ما، حيث أصبح المريض يتعرض لصداع رهيب مصحوب بحمى متقطعة تصل إلى الغثيان والسقوط المفاجئ، الذي يجعل المصاب يدخل للجراحة قبل علاج كورونا ليكتشف بعدها أن الدوران سببه كوفيد-19، عكس الأعراض السابقة المتمثلة في إرهاق شديد، حمى مستمرة وإسهال أحيانا. وعرج الدكتور جيلالي في حديثه على الضغط الذي تعانيه الأطقم الطبية بسبب الإقبال الكبير لمرضى كوفيد على المستشفيات، لدرجة أنهم أصبحوا لا ينامون من كثرة الضغط وكثافة الحالات التي يتابعونها يوميا، مشيرا إلى أن الفيروس في طفرته الجديدة، أصبح أكثر عدوى وانتشارا، بدليل أن أسرا كاملة مصابة بالوباء، على اختلاف أعمار أفرادها تتوافد على المستشفيات. وتطرق أيضا إلى العدوى التي انتشرت في أوساط الأطقم الطبية باختلاف أسلاكها، مما أثر سلبا على أدائهم لأنّهم أصبحوا مجبرين على أخذ عطل مرضية لمدة شهر كامل، عكس الموجة الماضية التي يرتاح فيها المصاب لمدة 14 يوما، وذلك لأن الشفاء من السلالات الجديدة يأخذ وقتا طويلا. وأشار إلى أنّ الوضع الصعب الذي نعيشه يوميا، جعل إدارة المستشفيات تحول جميع مصالحها إلى استقبال مرضى كوفيد لضمان التكفل الجيد بهم، خاصة الحالات الخطيرة والمتدهورة التي نشهدها - يضيف المتحدث - بكثرة في هذه الموجة، حيث معظم المرضى القادمين من ذوى الحالات المتقدمة ، ويأتون إلى المستشفى بعد تدهور صحتهم، مما زاد الإقبال على الإنعاش وتسبّب في ارتفاع عدد الوفيات. ويرى الدكتور جيلالي، أنّ الحل الوحيد للسيطرة على الوباء ومحاصرة الموجة الثالثة وعدم الذهاب للموجة الرابعة، تطبيق الإجراءات الاحترازية بمنتهى الشدة والصرامة، لأنّ حالة التراخي والإهمال قد تؤدي إلى كارثة حقيقية، مع ضرورة الإقبال على التلقيح لرفع المناعة الجماعية ومواجهة الفيروس باختلاف سلالاته.