الأعراض الجديدة تتقاطع وأمراض فيروسية صيفية يرى الدّكتور عيساني محمد الطاهر، المختص في تشخيص الأمراض والخلايا والمكوّن في الطب البيئي، أنّ ارتفاع منحنى الإصابات بوباء كورونا وتزايد حالات العدوى وتشبع مصالح الإنعاش يضع المنظومة الصحية على المحك، خاصة ما تعلق بالبرامج الجراحية الباردة أو الاستعجالية، التي أضحت عرضة للتوقف أو التأجيل بسبب تراجع الوضع الصحي، محذرا من التراخي في تطبيق إجراءات الوقاية. الشعب: يرى الأطباء أنّ الوضع الوبائي مقلق، ما رأيكم في هذا؟ وهل اجتماع اللجنة العلمية الأخير دليل على تراجع الوضع الوبائي؟ الدكتور عيساني محمد الطاهر: نحن نعرف منحنى تصاعديا للإصابات، وتشبعا في قاعات الإنعاش والتخذير، الأمر الذي جعل الأطقم الطبية تعيش حالة قلق وتأهب، وهذا بعد استقرار صحي دام أشهر، جعل السلطات تأخذ قرار العودة لبرامج الجراحة بعد الشغور الذي عرفته قاعات الإنعاش التي خصصت للجراحات بدل المصابين ب «كوفيد»، لكن مع استمرار وتيرة التزايد تأجّل البرنامج، والوضع الآن بحاجة إلى قرارات صارمة من اللجنة العلمية. - بعض التّصريحات تفيد بأنّنا نعيش موجة خطيرة للوباء والأرقام لا تعكس الواقع، ما رأيكم في هذا؟ كل المؤشّرات تؤكّد تنامي حالات العدوى بسبب غياب الوعي وعدم التقيد بالإجراءات الوقائية الممثلة في الكمامة والتباعد الجسدي، إلى جانب العزوف الكبير على عمليات التلقيح، ماعدا الفئة المسنّة التي تقبل على التطعيم بشكل كبير، خاصة بعد فتح الفضاءات الكبرى التي أعطت فرصة للمواطنين للاطلاع على العملية عن قرب، غير أنها تبقى بطيئة مقارنة بارتفاع الإصابات، أما الأرقام فالكثير من الحالات تلجأ للاستشفاء المنزلي لا يتم إحصاؤها على مستوى وزارة الصحة. - هل هذا يعني أنّ الجزائر ستشهد فعلا موجة ثالثة؟ ما تعرفه الجزائر، اليوم، هو تنامي الجائحة بتزايد عدد الإصابات بكوفيد-19، إلا أنّ المؤشّرات بدأت في الظهور بدليل ارتفاع عدد الإصابات وبصفة تدريجية، والسبب يرجع إلى تخلي المواطنين عن الإجراءات الاحترازية خلال الأسابيع الأخيرة، وتسجيل منحنى تصاعدي في حالات الإصابة بالفيروس، مع ارتفاع في عدد السلالات المتحورة، الأمر الذي يستوجب التسريع في وتيرة التلقيح للقضاء على حركية الفيروس الذي يشهد طفرات، والخطر ليس في الموجة الثالثة، وإنما في المنظومة الصحية خاصة في حال تشبّع قاعات الإنعاش، الإشكال له علاقة مباشرة بهذا الجانب. - يقال إنّ الفيروس ظهر بحلّة جديدة من الأعراض، ما مدى صحة ذلك؟ الفيروس فعلا ظهر بحلة جديدة هذه الأيام، حيث أصبحت أعراضه تتقاطع مع الكثير من الأمراض الفيروسية الصيفية، خاصة الالتهابات، على غرار التهاب سحايا العين الجرثومية الذي يحدث نتيجة السباحة ومياه البحر، غير أنّه في الحقيقة أثبتت الدّراسات أنّه أحد أعراض كورونا التي لم يتم الحديث والإعلان عنها سابقا، إضافة إلى الأمراض الجلدية والاحتقان الجلدي بسبب التعرض لأشعة الشمس القوية، غير أنّها مؤخرا كانت ضمن الأعراض الجديدة للوباء، وكذا أعراض هضمية عديدة كالإسهال، هذا المرض ظهر في بداية الوباء، غير أنه لم يصرح به كثيرا على غرار الحمى والتعب، إلا انه يمثل الإصابة بكورونا، وبهذا فالمصاب بأحدها عليه التحليل للتأكد منها وتفادي تعقيدات قد تنجم عن سوء التشخيص أحيانا. - ولماذا لم يصرّح بها كثيرا؟ لأنها أعراض نادرة الحدوث، إلاّ أنّ بعض الهيئات الأوروبية رصدت الأعراض وقامت بدراسات معمقة في المجال أعلن عنها في قاعدة بيانات منظمة الصحة العالمية، والأمر يختلف من بلد لآخر، لأنّ الوباء تتداخل فيه عوامل كثيرة قد تخلق الاختلاف من بلد لآخر، مثلما تعيشه اليوم الدول الشقيقة التي تشهد ارتفاعا رهيبا في الإصابات، إلا انه ليس بخطورة الدول الأوروبية والآسيوية. - هل فعلا السّلالات الجديدة تؤثّر على الأطفال؟ الملاحظ أنّ كوفيد بطفراته الجديدة أصبح معديا لدى الأطفال، حيث يمثلون اليوم حلقة عدوى خطيرة، لاسيما وأنّنا نعيش انفتاحا على مختلف المرافق، ومن جانب آخر الأطفال عندهم مناعة قوية فهم حاملين أصحاء للفيروس، وهذا يمثل انتشارا متزايدا للوباء، وهنا يجب التمييز بين الأطفال الصغار والأكثر من 11 سنة، الذين يبدو أنهم ينقلون العدوى بالنسب نفسها لدى الكبار، خاصة عند هذه الفئة، حيث بإمكانهم إفراز نفس كمية الفيروس التي يفرزها البالغون ويكونون معديين مثلهم، إلا انه لا يمكن معرفة إلى أي مدى يمكن للأطفال الذين لا تظهر عليهم الأعراض إصابة الآخرين. - ما هي النّصائح التي تقدّمها للمواطنين في الوقت الراهن؟ مع ارتفاع وتيرة الإصابات بوباء «كوفيد-19»، يجب التقيد بالإجراءات الوقائية لوضع حدّ لانتشار الوباء، مع ضرورة فرض تدابير أكثر صرامة لتخفيف نسبة الإصابات على مستوى البلاد، ومنع جميع المسبّبات التي تؤدي إلى تفشي بؤر جديدة لفيروس كورونا.