بدأ رئيس الحكومة اللبناني المكلف نجيب ميقاتي أمس الثلاثاء استشارات مع الكتل النيابية في خطوة تسبق المفاوضات الصعبة مع الأحزاب السياسية التي وقفت خلال نحو عام عائقاً أمام ولادة حكومة جديدة مهمتها إنقاذ البلاد من الانهيار الاقتصادي. بعد عام فشلت فيه محاولتان لتأليف حكومة جراء الخلافات السياسية الحادة، كلف الرئيس اللبناني ميشال عون الإثنين ميقاتي (65 عاماً) تشكيل الحكومة، في مهمة وصفها الرئيس المكلف ب»الصعبة». وأطلق ميقاتي، الذي ترأس حكومتين في السابق، استشارات التأليف أمس إذ التقى رئيس مجلس النواب نبيه بري. مرشح توافقي وعادة ما يتمّ طرح اسم ميقاتي، رجل الأعمال الذي ترأس حكومتين في السابق، كمرشح توافقي للخروج من الجمود الناتج من الخلافات السياسية في البلاد. وبات اليوم الشخصية الثالثة التي يكلفها عون تشكيل حكومة بعد استقالة حكومة حسان دياب إثر انفجار مرفأ بيروت المروّع في الرابع من أوت 2020، والذي أدى إلى مقتل أكثر من مائتي شخص وإصابة أكثر من 6500 بجروح. ولم تنجح الضغوط الدولية على الطبقة السياسية، التي مارستها فرنسا خصوصاً، منذ الانفجار في تسريع ولادة حكومة يشترط المجتمع الدولي أن تضمّ اختصاصيين وتقبل على إصلاحات جذرية مقابل تقديم الدعم المالي للبنان. ومنتصف الشهر الحالي، أعلن الحريري اعتذاره عن عدم تشكيل حكومة جديدة بعد تسعة أشهر على تكليفه، بعدما حالت الخلافات السياسية الحادة مع رئيس الجمهورية دون إتمامه المهمة. وقد أمضى الحريري وعون الأشهر الماضية يتبادلان الاتهامات بالتعطيل جراء الخلاف على الحصص وتسمية الوزراء وشكل الحكومة. وقبل الحريري، اعتذر السفير مصطفى أديب، الذي كلف تأليف الحكومة نهاية أوت عن إتمام المهمة جراء الخلافات بين القوى السياسية. خطوة صعبة وإثر تكليفه الإثنين، قال ميقاتي «أعرف أنها خطوة صعبة.. لكني أدرس الموضوع منذ فترة ولو لم يكن لدي الضمانات الخارجية المطلوبة، كما أنه حان الوقت ليكون أحدهم في طليعة هذا الموضوع للحد من النار، لما كنت أقدمت على هذا الأمر». وأضاف، «لا أملك عصا سحرية لوحدي ولا استطيع أن أقوم بالعجائب، فنحن بحالة صعبة»، مضيفاً «لكن المهمة ممكن أن تنجح اذا تضافرت جهودنا من دون مناكفات أو مهاترات أو اتهامات.. من لديه حل فليقدمه». ونقلت مصادر، أن ميقاتي يؤكد أن أولياته هي ضمان تأمين «الدواء والمحروقات والكهرباء». وبعد تكليفه، كررت فرنسا، التي لوحت مع الاتحاد الأوروبي بفرض عقوبات على المسؤولين عن المماطلة السياسية، دعوتها للإسراع في تشكيل حكومة «ذات كفاءة وقادرة على تنفيذ إصلاحات». وغالباً ما يستغرق تشكيل الحكومات في لبنان أشهراً طويلة جراء الانقسامات السياسية. لكن الانهيار الاقتصادي، الذي فاقمه انفجار المرفأ وتفشي فيروس كورونا، عوامل تجعل تشكيلها أمراً ملحاً. ويقع على عاتق الحكومة المقبلة التوصل إلى اتفاق مع صندوق النقد الدولي كخطوة أولى لإخراج لبنان من الأزمة الاقتصادية التي صنفها البنك الدولي بين الأسوأ في العالم منذ منتصف القرن الماضي.