شهدت الجزائر خلال شهر رمضان المنقضي هدوءا نسبيا لم تتمكن فيه الجماعات الإرهابية من تحقيق عمليات “مدوية” بالقدر الذي يخرجها من “القوقعة” الدعائية المفروضة عليها بفعل “فشلها” الميداني منذ بداية 2012. وبالموازاة مع ذلك سجلت مصالح الأمن المختصة في مكافحة الإرهاب “استنفارا” محسوبا على ضوء معلومات تحصلت عليها خلايا الاستعلام التابعة لها وبناء على “احتياط دوري” من الأجندة الاعتيادية التي عهد التنظيم الإرهابي التصعيد على أساسها، كما كان عليه الأمر السنة الماضية التي شهدت سلسلة من العمليات وصفت ب “النوعية”، لاسيما تلك التي استهدفت القاعدة العسكرية بشرشال، تمكنت من خلالها العناصر الإرهابية التابعة لعبد المالك درودكال من تسجيل “نقاط دعائية” لصالح التنظيم في وقت كان المحللون ينتظرون نهايته ب “العد التنازلي”، بعد سلسلة الضربات التي تلقّاها حيث تراجعت قدراته التجنيدية بفضل العمل “النوعي” الذي تقوم به خلايا الاستعلام والترصد، التي تمكنت من التوصل إلى تفكيك عدة خلايا إرهابية، تعد سندا قاعديا لعناصر التنظيم من شبكات الدعم والإسناد، وكذا “فعالية” الحزام الأمني المفروض على معاقل إمارة الشمال، وتحديدا على مستوى ما يعرف بمنطقة “المثلث الأمني”، الذي يشمل غابات وأحراش كل من ولايات تبسة، بلعباس، تلمسان، تيزي وزو، بومرداس والبويرة. ضربات موجعة في السداسي الأول وفي سياق متصل، تلقّى تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي ضربات موجعة في السداسي الأول من سنة 2012، جعلت الحصيلة الأمنية توصف ب “الحصاد الناجح”، حيث تمكنت مختلف أسلاك الأمن من القضاء على ما يقارب 95 عنصرا إرهابيا، معظمهم على مستوى ولايات تيزي وزو، بومرداس، سيدي بلعباس وتبسة، حيث تفيد الإحصائيات “التقريبية” على أساس قراءة “مسحية” في التقارير الواردة طيلة الستة أشهر، أن معظمه تم في كمائن بعد استغلال معلومات دقيقة حول تنقّلاتهم، لاسيما عبر المسالك بين الغابات، وقد حققت هذه الأخيرة النصيب الأكبر من الحصيلة إلى جانب القصف المدعوم بالتمشيط. وأمام هذا الحصار الأمني أبان التنظيم الإرهابي الذي ينشط تحت إمارة دوردكال “ضعفا” واضحا، ولم يتمكن من تنفيذ عمليات إرهابية نوعية باستثناء عدد قليل لم يتعد حدود المعاقل، وفشلت فشلا ذريعا في نقل هجماتها إلى العاصمة التي فرضت عليها “رقابة أمنية” مشددة بشكل “استثنائي”، في ظل تقهقر دعائي للتنظيم وحالة يأس يعيشها، جعلته يبحث عن صدى إعلامي. محاولات متكررة للاستثمار في انتشار الأسلحة في ليبيا تجدر الإشارة إلى أن تنظيم القاعدة في شمال الجزائر حاول بشكل مكثف طيلة الأزمة الليبية استغلال الإنفلات الأمني الحاصل هناك من أجل فتح مسالك للاتصال بجماعات الصحراء، التي تدعمت بترسانة لوجيستية هامة تحصلت عليها من مخازن الأسلحة الليبية التي استولت عليها المعارضة المسلحة آنذاك قبل أن تفلت من الرقابة وتنتشر عبر شريط الصحراء الكبرى والساحل. فقد سعت عناصر درودكال حينها من خلال عدة عمليات لفتح ثغرة أمنية نحو الهضاب والصحراء وكسر الطوق المفروض، لكن التشديد الأمني والاستنفار الذي سار عليه المخطط الأمني وقتها مكن من الحيلولة دون ذلك، وتوج كل ذلك باعتقال أبو إسحاق السوفي رئيس اللجنة القضائية لتنظيم القاعدة بالمغرب في عملية أمنية معقدة في منطقة بريان بولاية غرداية. وأفاد مصدر أمني أن العملية نفذتها وحدة متخصصة في مكافحة الإرهاب، وأن أبو إسحاق كان رفقة مساعديه متجهين نحو منطقة الساحل والصحراء على متن سيارة رباعية الدفع، عثروا فيها على ثلاثة مسدسات آلية ووثائق تتعلق بتنظيم القاعدة، وأضاف ذات المصدر أن الموقوفين كانوا بصدد القيام بمهمة وصفت ب “البالغة” لدى قيادة التنظيم، حيث كلف أبو إسحاق السوفي من قبل الأمير الوطني أبو مصعب عبد الودود بالتوجه إلى أمراء تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي بالساحل، وهم مختار بلمختار وعبد الحميد أبو زيد ونبيل أبو علقمة في إطار مساعي تشير المصادر إلى أنها ترتبط بمحاولات “وضع حد لتمرد وعصيان البعض على قيادة التنظيم المركزية”. عمليات ناجحة مصالح الأمن قامت أيضا بعمليات ناجحة خلال الأيام الأخيرة، حيث كشفت عن هوية الإرهابي الذي اعتقلته قوات الجيش يوم الثلاثاء الماضي في منطقة الماء الأبيض بولاية تبسة قرب الحدود مع ليبيا، ويتعلق الأمر بالمدعو عماد الليبي، وهو من جنسية ليبية، ينشط في تنظيم القاعدة بالجزائر، ويبلغ من العمر 30 عاما. وكانت قوات الجيش قد قتلت إرهابيا وأوقفت آخر يوم الثلاثاء الماضي في منطقة الماء الأبيض بولاية تبسة، كما فككت مصالح الأمن الجزائرية شبكة لدعم وتمويل الجماعات الإرهابية المسلحة في المنطقة، تتكون من 14 شخصا، بينهم امرأتان عقب إلقاء القبض على إرهابي في كمين لقوات الأمن، كما تم القضاء على إرهابي آخر في هذه العملية، التي توجت باسترجاع بندقية من نوع كلاشينكوف. وقال مصدر أمني محلي أن الكمين نصب بناء على معلومات وردت إلى مصالح الأمن تفيد بوجود مجموعة مسلحة بالقرب من منطقة “الماء الأبيض” وبتحركات مشبوهة في منطقة جبلية قريبة. وأكد نفس المصدر أن مسلحين آخرين كانوا ضمن المجموعة الإرهابية، تمكنوا من الفرار تحت جنح الظلام، فيما استرجعت قوات الجيش خلال العملية سلاحا آليا من نوع كلاشينكوف، وأوضح أن هذه المجموعة كانت قد أغارت، مساء الأحد الماضي، على بلدة “عقلة عساس” بولاية تبسة، حيث أصيب مواطنان اثنان بجروح بعد إطلاق النار عليهما. كما ألقت قوات الجيش الجزائري القبض على إرهابي خطير ينتمي إلى مجموعة مسلحة تابعة لتنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي بمنطقة بومرداس. وقال مصدر أمني محلي أنه تم توقيف الإرهابي بن عبيدي مصطفى البالغ من العمر 30 سنة، في كمين نصب له أثناء توجهه إلى جبل بمنطقة أعمال بولاية بومرداس. وأكد نفس المصدر أن الإرهابي الموقوف كان بحوزته سلاح ناري ومواد لصناعة المتفجرات، كان بصدد نقلها إلى معقل مجموعة مسلحة تنشط بالمنطقة.