يتوقع متابعون للشأن الأمني بالجزائر أن تسهم العمليات الأمنية والعسكرية والتوقيفات النوعية لقيادات القاعدة والمجموعات الإرهابية، التي حققتها مصالح الأمن والجيش في الحد من نشاط الجماعات الإرهابية وتضييق الخناق على الخلايا الصغيرة التي مازالت منتشرة في مناطق مختلفة. وصف مصدر أمني الوثائق التي عثر عليها لدى القاضي الشرعي لتنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي ب''بالغة الأهمية'' وبأنها ''بنك معلومات'' سيسهم استغلالها في توضيح الوضع الداخلي للتنظيم الإرهابي والمساعدة في تفكيك خلاياه وشبكاته التي تعمل على إسناده واتصالاته، كانت بحوزة رئيس اللجنة القضائية للتنظيم، والذي تم توقيفه قبل أسبوع في منطقة بريان بولاية غرداية، ولدى عماد الليبي الذي تم توقيفه خلال نفس الفترة في تبسة، وبحوزة أبو سهيل في بومرداس. ويتوقع مراقبون أن يسهم استغلال هذه الوثائق والمعلومات في الحد من نشاط الجماعات الإرهابية وتضييق الخناق على الخلايا الصغيرة التي مازالت منتشرة في مناطق مختلفة. وستمكن من الكشف عن محاور تحرك بقايا المجموعات الإرهابية وتفكيك شبكات الإسناد التي تعمل على تموليها، وكذا مخابئ الإرهابيين وقواعدهم الخلفية التي ينطلقون منها لتنفيذ العمليات الإرهابية. وقال بن جانة، الخبير الأمني عضو مركز الدراسات الأمنية، إن ''هذه العناصر الإرهابية الكبيرة كانت ملاحقة من قبل مصالح الاستعلامات منذ زمن طويل، قبل أن تتمكن من توقيفها في الفترة الأخيرة، على غرار القاضي الشرعي للقاعدة أبو إسحاق السوفي في بريان، عماد الليبي في تبسة وقيادات محلية أخرى تم توقيفها في بومرداس، هي ذات أهمية كبيرة بالنظر إلى مكانتها في الهرم القيادي للقاعدة، وهذا سيمكن مصالح الاستعلامات من الحصول على معلومات هامة''. وأشار في اتصال مع ''الخبر'' إلى أن ''الوثائق التي كانت بحوزة هذه القيادات الإرهابية تمثل بنك معلومات، وستعطي صورة واضحة عن الوضع القائم داخل المجموعات الإرهابية والمشاكل والانقسامات الحاصلة''، وأكد الخبير بن جانة أنه يتوقع أن ''تعمل أجهزة الأمن على الاستفادة من هذه المعلومات والوثائق من الناحية العملياتية، من خلال توظيفها ميدانيا وبناء خطط أمنية وعسكرية على أساس معرفة مكان تمركز المجموعات الإرهباية ومحاور نشاطه ومخططاتها، ومن ناحية أخرى اتضاح الصورة فيما يتصل بوضع القاعدة في الجزائر وعلاقتها الإقليمية وفك خيوط التواصل وطريقة عملها وأساليبها''. وكان واضحا أن مصالح الأمن تجنبت الكشف الفوري عن عملية توقيف أبو إسحاق السوفي وعماد الليبي وغيرهما، إلى حين يتاح لها الاستغلال الأمثل للمعلومات التي حصلت عليها منهم أو من معالجة الوثائق التي صارت بين يديها، وبدا هذا واضحا خلال توقيف الإرهابي عماد الليبي في منطقة الماء الأبيض بولاية تبسة، حيث نجحت مصالح الأمن بعد ذلك سريعا في استغلال معلومات أفضت إلى توقيف 14 شخصا كانوا يشكلون شبكة دعم وإسناد للمجموعات الإرهابية في المنطقة. وإضافة إلى حالة الارتباك والشك الكبير التي يخلقها الإمساك بعدد من قيادات القاعدة، داخل التنظيم الإرهابي، وفي المجموعات التي مازالت تنشط في المنطقة، فإن الآثار الميدانية لذلك ستظهر لاحقا، عند الإطاحة بمزيد من عناصر الجماعات الإرهابية وشل نشاطها، وإحباط عمليات استعراضية كانت تخطط لها هذه الجماعات.