مرت سبع سنوات على دخول اتفاق الشراكة بين الجزائر والاتحاد الأوروبي حيز التنفيذ تجسد أساسا بتطبيق جانب من رزنامة التفكيك الجمركي الذي يخص قائمتين لمنتوجات يصدرها التحاد الأوربي إلى الجزائر. وبعد أن بلغ أجل القائمة الأولى هذه السنة شكلت القائمة الثانية المقررة بأجل يمتد إلى سنة 2017 محور مفاوضات بين الطرفين أثمر الاتفاق عل تأجيل تطبيق التفكيك الجمركي المتعلق بها إلى سنة 2020. من سنة 2005 إلى 2011، وبفعل الشراكة هذه صدرت بلدان الاتحاد الأوروبي إلى السوق الجزائرية ما يعادل 100 مليار دولار بمعدل يقدر بحوالي 20 مليار دولار سنويا، بينما لم تحقق الصادرات الجزائرية خارج المحروقات، ما مجموعه 8 ، 5 ملايير دولار، ويترتب على هذه المعدلات الناجمة عن التفكيك الجمركي اختلالات واضحة تقتضي مراجعة الورقة الأصلية على أساس نوع من التوازن في المصالح. الخبير الاقتصادي عبد الرحمان مبتول الذي يتابع تطورات الملف كشف ل “الشعب” عن نظرته للتطورات من حيث انعكاسات اتفاق الشراكة على الاقتصاد الجزائري مسجلا منذ البداية أن المنتوجات الصناعية تعرف تفكيكا تدريجيا للرسوم والتعريفات الجمركية إلى غاية أن تصل مستوى الصفر سنة 2020، مما سينعكس مباشرة على مستقبل السياسة الاقتصادية والاجتماعية للفترة الممتدة من هذه السنة إلى غاية سنة 2020. وبعد أن عرّج على مسار الاتفاق دعا مبتول وهو خبير دولي إلى اتخاذ سلسة من الإجراءات تبدأ بالامتناع عن ازدواجية الأسعار المطبقة على المحروقات وإلغاء القيود على نمط الكمية والحصص في النشاطات التجارية، إلى جانب إلزام وضع معايير الجودة وإلزامية وضع قواعد لحماية البيئة وحرية تنقل الرساميل مع حماية الملكية الفكرية. وبرأيه فإن مستقبل الشراكة سيكون بالاعتماد على أساس المبادرة الخاصة، مما يستدعي من المتعاملين الخواص الجزائريين لبذل الكثير من الجهود لتدارك الموقف حتى لا يكون تأخر في مواجهة مقتضيات تلك المرحلة التي تحسم بالمنافسة والقدرة على إنتاج القيمة المضافة. وبخصوص ما مدى قدرة المؤسسات الاقتصادية والصناعية ببلادنا على كسب معركة المنافسة لضمان ديمومتها، أوضح مبتول قائلا: “إن المرحلة تتطلب بداية الحرص على تغيير الذهنيات”. وأضاف بهذا الصدد أن المتعامل الاقتصادي هو من يتكفل بمهمة الاستثمار من اجل تحقيق الربح بينما تتكفل الدولة بمهمة ضبط السوق. وفي هذا السياق تساءل لو تفتح أوروبا أسواقها ماذا عسى للاقتصاد الجزائري أن يصدر إليها ما عدا المحروقات. وأضاف مستطردا إن كانت هناك نية للانضمام إلى منظمة التجارة العالمية التي تستمر المفاوضات معها منذ سنوات طويلة، علما أن أغلب بلدان منظمة “الأوبيب” تحصلت على العضوية وآخرها العربية السعودية وروسيا. وتحسبا لتلك التحديات عقب إزالة الحواجز الجمركية، فإن الموقف كما يذكر مبتول يتطلب إعادة ترتيب الجهاز الاقتصادي الجزائري الذي يعاني كما يقول من تقلص للمساحة الإنتاجية أمام اتساع مساحة التجارة. ودعا إلى مواكبة الإستراتيجية الغازية الجديدة التي ترسم في الفضاء الأوروبي والعالم ومن ثمة الاستعداد لنقل المؤسسات الصناعية من وضع الحماية إلى الانفتاح على المنافسة الدولية. وتوقع مبتول انه في آفاق سنة 2020، ستواجه المؤسسات الصناعية وضعا يحمل الكثير من التحديات المصيرية، معتبرا أهمية العمل على إدماج دوائر الاقتصاد الموازي في النشاط الرسمي لتكون بداية الإصلاح في العمق.